بين شروط البنك الدولي والصراعات في وزارة “الشؤون”… هل يدفع مئات العاملين الثمن؟
فيما لبنان بأمّس الحاجة لتحصين أمنه الإجتماعي وفق رؤية واضحة في ظل تفاقم الإنهيار المالي والإقتصادي وبعد التخبط في مقاربة ذلك – سواء عبر تجربة ما عرف بـ”400 الف ليرة” أو في سياسات الدعم المعتمدة – وبعدما تمّ الإرتكاز على المعايير المعتمدة في “مشروع الإستجابة للأسر الأكثر فقراً” المنبثق عن وزارة الشؤون الإجتماعية من أجل وضع آلية لكيفية إستخدام قرض 246 مليون دولار والتأكيد على الحاجة لزيادة الطاقم البشري العامل في المشروع وتعزيز وضعهم ( لم يحصلوا على رواتبهم منذ اشهر عدة ومعظمها لا يتخطى 800 الف ل.ل.) ظهرت مشكلة جديدة بوجه المشروع وهي الحديث عن صرف عدد من العاملين فيه.
في هذا الإطار، يشارك الإتحاد العمالي العام العاملين في المشروع في وقفتهم الإحتجاجية أمام مبنى الوزارة في بدارو الجمعة 23/4/2021 بعدما نفذوا وقفة سابقة الاربعاء الماضي. كما أصدروا خلالها بياناً شديد اللهجة بحق وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال البروفيسور رمزي مشرفية معتبرين أن “هناك جهات حزبية تخريبية تشكل منظومة هدامة لا تزال تديره”.
كذلك إعتبروا في البيان أن “توقف رواتبهم القليلة جداً منذ أشهر جاء بسبب رعونة الوزير ذي الوعود المتكررة غير الصادقة”. وتحدثوا أيضاً عن “قرار بربري تعسّفي جديد لوزير غير مختص هو أبعد ما يكون عن الشؤون والهموم الإجتماعية للشرائح الوطنية، قرار يقضي بصرف غالبية الـ 480 موظفاً في مشروع الفقر”.
وفي معلومات خاصة لـ “أحوال” فإنّ قرار مشرفية صرف عدد من العاملين في المشروع لا علاقة له بمشروع دمج المشاريع في الوزارة بل مرتبط بشروط “البنك الدولي” التي لحظت إلزامية حيازة العاملين في المشروع على شهادات جامعية وسنوات خبرة، وأن عدد المهددين بوقف عقودهم نحو 20% فقط وليس كما جاء في البيان. كذلك لا يمكن لأي وزير وضع اليد على المشروع لأن ثمة ضوابط ومعايير عالمية يخضع لها وهو في الاساس برنامج مشترك بين رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الشؤون من جهة والبنك الدولي ومنظمة الغذاء العالمي من جهة أخرى.
مصدر متابع للمشروع منذ نشأته أكد أن الشرط المستجد للبنك الدولي غير محقّ لأن القرض المقدّم من قبله لا يشمل أجور العاملين في المشروع بإستثناء عدد لا يتخطى أصابع اليد الواحدة من المسؤولين فيه.
أضاف: “قرض البنك الدولي يُصرف على العائلات أما تمويل رواتب العاملين فيتمّ من موازنة الوزارة المرصودة للمشروع وهي إنخفضت الى 6 مليارات ل.ل. خلال تولي الوزير السابق بيار بو عاصي الوزارة جراء إعادة التدقيق بالمشروع. إذ تم وقف التعاقد مع نحو 200 موظف وتخفيض عدد العائلات المستفيدة من 104 عائلة الى 43 الف كما نصت الدراسات عند إنطلاق المشروع ووفق الأموال المرصودة له بعدما كان على شفير الانهيار جراء الديون المترتبة عليه”.
كما لفت المصدر الى مناقشات النواب بشأن قرض الـ246 مليون دولار التي شهدتها أخيراً ساحة النجمة شدّدت على الإستفادة من خبارات العاملين في المشروع ودعت الى تحسين رواتبهم وزيادة عديدهم. كذلك تصدى النواب لمساعي البعض الترويج للاعتماد على شركات خاصة للقيام بمهام العاملين في المشروع.
“أحوال” تابع الملف مع رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الذي كشف أنه تواصل مع مشرفية لكنّ كلامه ليس سوى “وعود بوعود”. أضاف: “راتب العامل في المشروع 800 الف ل.ل.، وأنا واثق الا علاقة للبنك الدولي بذلك بل هذا الطرح “صنع في لبنان” من أجل إستبدال العاملين في المشروع بعاملين آخرين. كما أنّ النقص كبير في ملاك وزارة الشؤون الاجتماعية لذا يمكن الإستعانة بهم. لكن الأساس أنه قبل التبليغ عن الإستغناء عن العمال في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة يجب التحاور معهم خصوصاً أنه تمّ الإعتماد عليهم منذ 11 عاماً ويقومون بواجباتهم كاملة. ما يعني أنهم يتمتعون بإرتقاب إقتصادي أي باستقرار اقتصادي مع الوقت. لا ثقة لدي بالمسؤولين اللبنانيين وبالمراسلات مع المنظمات الاجنبية”.
كما كشف الأسمر عن إمتلاكه مراسلة من المدير العام في الوزارة القاضي عبدالله أحمد يدّعي فيها أنه يمكن له الإحتفاظ بهم والإستفادة من قرض البنك الدولي وهبات الدول المانحة مع تأكيده على إعادة هيكلة المشروع ووضع ملاك له”. أضاف: “من لا تنطبق عليه المواصفات بإستطاعتنا أن نجد دوراً له. إن ارادوا الحديث عن أن العمال يجب أن يكونوا من حملة الشهادات الجامعية عليهم وقف الإجحاف بحقهم ورفع رواتهم أقله براتب 8 ملايين”.
تابع: “بتاريخ 16/3/2021 بحثت مع مشرفية الملف، وتم الإتفاق على: تحسين واقع الرواتب وإنتساب العاملين الى صندوق الضمان الاجتماعي والإستفادة من الطاقات الموجودة في قرض البنك الدولي. لم يتحدث عن صرف أي من الموظفين!!!”.
بين ما يحكى عن شروط يفرضها البنك الدولي ومساع لفرض شركات خاصة لإدارة المشروع وبين الإشتباك المستدام بين الوزير والمدير العام وملامح إستغلال واقع العاملين المحق لتصفية الحسابات، هل يدفع الثمن عامل يتمتّع بخبرة أكثر من 10 سنوات ولا يتخطى راتبه 800 الف ل.ل.؟!