رياضة

“الدوري السوبر” الأوروبي.. الولادة الميتة!

كان من المفترض أن يحدث تغييرًا مرتقبًا في خارطة كرة القدم الأوروبية، وعولمة مصغرة جديدة أخذت تلوح في الأفق منذ أيام قليلة، إذ كانت هناك أموال ستتدفق وتُصرف من أجل تحقيق أرباح في مقابل قتل اللعبة وتدميرها ونسف أسسها التي يرعاها الاتحادين العالمي والقاري؛ إنها حفلة جنون تشهدها القارة العجوز في سبيل إطلاق “الدوري السوبر” على جثث أندية عريقة لا ذنب لها.

“مانشستر سيتي” الإنكليزي بات أول المنسحبين بين الأندية الـ12 من مخططات “الدوري السوبر”، بعد ردود الفعل الغاضبة على المشروع المثير للجدل، تلاه انسحاب باقي الفرق الإنكليزية وهي “تشلسي” و”ليفربول” و”مانشستر يونايتد” و”توتنهام” و”أرسنال”، حيث أعرب رئيس الاتحاد الأوروبي، السلوفيني ألكسندر تشيفيرين، عن “سروره” للقرار المتخذ، معتبرًا أن الوقت لم يفت أمام الأندية للاعتراف بأنها ارتكبت خطأ وبأنه “لا يزال هناك وقت لتغيير رأيكم، فالجميع يرتكب أخطاء”.

من جهة أخرى، رد الفعل الأوروبي على مخطط الدوري السوبر كان قاسياً، حيث هدّد السياسيون وسلطات كرة القدم باتخاذ إجراءات قانونية ضد ما يُسمى بـ “الدزينة القذرة”، وصولاً إلى التهديد بحرمان الأندية من المشاركة في دوريات بلادها.

بدوره، عارض رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بشدّة هذا الدوري، وكان أول الرسميين الذين يعلّقون على خبر انسحاب الأندية الإنكليزية، في تغريدة على حسابه عبر موقع “تويتر”، معتبرًا أنه القرار الصحيح تماماً، كما أمل أن تحذو الأندية الأخرى المعنية بالدوري السوبر الأوروبي حذوهما.

على خطّ آخر، أكّد “مانشستر يونايتد” صحّة ما نشره موقع “ذي أثلتيك” وهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، حيث أعلن أن نائب الرئيس التنفيذي، إد وودوورد، سيترك منصبه في نهاية العام وليس بمفعول فوري، وسط تقارير عن أنه كان الفاعل الأساسي خلف مشاركة “الشياطين الحمر” في المخطط “الانشقاقي”.

الجدير ذكره أن مشروع “الدوري السوبر الأوروبي” الذي سيتنافس فيه 20 فريقًا، كان سيضمن مقعدًا للأندية المؤسسة كل عام، إذ من المتوقّع أن يرتفع عددها من 12 إلى 15، على أن تتنافس خمسة فرق للتأهّل وفق معايير تُحدّد تباعًا، علمًا أن ستة أندية إنكليزية وهي: ليفربول، مانشستر يونايتد، أرسنال، تشلسي، مانشستر سيتي، توتنهام، إضافة إلى برشلونة وريال مدريد وأتلتيكو مدريد الإسبانية، ويوفنتوس وإنتر وميلان الإيطالية، كانت أعلنت عن إطلاق مسابقة قد تنسف دوري أبطال أوروبا.

وعلى الضفة الموازية، كان الاتحاد الأوروبي هدّد باستبعاد الفرق ومنع لاعبيها من المشاركة في البطولات القارية والمسابقات المحلية، ومن ضمنها دوري الأبطال، إلا أن رئيس ريال مدريد ورئيس الدوري السوبر الجديد، فلورنتينو بيريز، اعتبر أن هذا الأمر مستحيل، في حين رأى رئيس الاتحاد الدولي السويسري، جياني إنفانتينو، أنه ينبغي على الأندية المنشقّة تحمّل عواقب قرارتها جراء هذا الانفصال.

هذا وكانت الفرق المشاركة ستحصل على 3,5 مليار يورو لدعم خططها الاستثمارية ومواجهة تحديات فيروس كورونا، وفي حال تأكيد هذا الرقم، سيوفّر عائدات أعلى من كل مسابقات الاتحادات الأوروبي (دوري الأبطال ويوروبا ليغ والكأس السوبر) البالغة 3,2 مليار يورو من عائدات النقل التلفزيوني لموسم 2018-2019، قبل جائحة كورونا.

غوارديولا ينتقد

في وقت لاحق، اعتبر مدرب فريق مانشستر سيتي الانكليزي، الإسباني “بيب غوارديولا”، أن مشروع الدوري السوبر الأوروبي “لا يمُت إلى الرياضة”، وذلك في أول تصريح واضح وصريح معادٍ لهذه المسابقة الهجينة والمنشقّة عن دوري الأبطال من أحد مدربي الفرق الأثني عشر المؤسسة لها، حيث قال إن النظام المغلق للبطولة الجديدة “لا يمت الى الرياضة عندما تنعدم العلاقة بين الجهود والمكافأة، فليست رياضة عندما تكون ضامنًا للنجاح، وليست رياضة عندما لا تكون الخسارة هامة، ومن غير العادل عندما يكافح فريق ويظل يكافح ويصل إلى المقدمة ومن ثم لا يمكنه التأهل، لأن النجاح دائمًا مضمون لأندية محددة”.

تمنع فرنسي – ألماني

في مقابل كل ما يحصل بوتيرة متسارعة، لن تكون الأندية الفرنسية أو الألمانية جزءاً من “الدوري السوبر”، وهذا القرار أصبح محسومًا، حيث قال الاتحاد الأوروبي في بيان: “نشكر تلك الأندية في الدول الأخرى، خصوصاً الفرنسية والألمانية، التي رفضت الانضمام إلى الدوري السوبر؛ وإذ ندعو كل محبي كرة القدم والمشجعين والسياسيين للانضمام إلينا في النضال ضد مشروع مماثل إذا ما تم الإعلان عنه”، مضيفًا: “هذه المصلحة الذاتية المستمرة لعدد قليل من الناس متواصلة منذ وقت طويل”.

وفي السياق، صدر عن قصر الإليزيه البيان التالي: “إن رئيس الجمهورية يرحب بموقف الأندية المحلية الرافض للمشاركة في مشروع الدوري السوبر الأوروبي الذي يهدّد مبدأ التضامن والجدارة الرياضية”.

سامر الحلبي

سامر الحلبي

صحافي لبناني يختص بالشأن الرياضي. عمل في العديد من الصحف والقنوات اللبنانية والعربية وفي موقع "الجزيرة الرياضية" في قطر، ومسؤولاً للقسم الرياضي في جريدتي "الصوت" و"الصباح" الكويتيتين، ومراسلاً لمجلة "دون بالون" الإسبانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى