منوعات

السفن الحربية في المياه اللبنانية: من أمنية الى مقاتلة.. في هذه الحالة فقط!

عرّى انفجار الرابع من آب الدولة المتهالكة الغارقة في الفساد والإهمال، وأسقط عنها “ورقة التوت” التي سترت لسنوات طويلة عورات السياسيين الذين تناهشوا البلد ولم يقدّموا للبناني سوى المزيد من الفقر والجوع والعوز، الى أن جاء الإنفجار الفاجعة الذي هزّ مرفأ بيروت وراح ضحيته عشرات القتلى وآلاف الجرحى والمنكوبين، لكنه لم يهزّ ضمائر السياسيين الذين جعلوا منه مناسبة يُعيدون من خلالها هيكلة الواقع السياسي في لبنان بحكومة جديدة وبمباركة عربية ودولية حمّلت اللبنانيين وزر خياراتهم السياسية التي جاءت عبر صناديق الاقتراع عوضاً عن رفع الغطاء عن العصابة الحاكمة.

وببوارج عسكرية وحربية، وصلت صناديق الإغاثة الى البلد الجريح، بعد استعراضات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الجميّزة، والتي استفزت معظم اللبنانيين الذين اعتبروها خرقاً اضافياً للسيادة الممزّقة، بالرغم من بعض اصوات النشاز التي دعت لإنتدابٍ فرنسي دفع اللبنانيون ثمنه في الماضي الدماء للحصول على حريتهم.

وأمام هذا الواقع السياسي، الممتزج بالحضور العسكري في المياه الاقليمية للبنان، كثرت الفرضيات حول اسبابها وأهدافها، حيث اعتبرت ايران، عبر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، انها بمثابة “تهديد للبنان والمقاومة”، فيما رأى السفير الأميركي السابق لدى لبنان، جيفري فيلتمان، ان “السفن الحربية تنقل المساعدات ووصلت من أجل محاولة الاستجابة اللازمة التي طرأت من جراء الإنفجار”، وكذلك بررتها فرنسا أنها تهدف للإغاثة فقط لا غير، فيما لا ينسى اللبنانيون تاريخ 1989 حينما أرسلت فرنسا كتلك البوارج قبالة الشواطىء اللبنانية لإغاثة العماد ميشال عون خلال حرب التحرير، والضغط على سوريا.

من أمنية الى مقاتلة

في الوقت الحالي، وما بين من يعتبر ان التواجد العسكري اليوم هو للضغط على “حزب الله” سياسياً وسط التخوف من اي رد في حال ثبت ضلوع العدو الإسرائيلي بإنفجار المرفأ، مع تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالرد وبالطريقة نفسها على اسرائيل في حال كانت وراء كارثة بيروت، يؤكد الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب في حديث لـ “احوال” ان “لا حرب في الأفق، لا سيما بعد صدور قرار المحكمة الدولية الذي أراح الفرقاء اللبنانيين، وهذا لا يعني أن دور المحكمة انتهى أو انتهت تداعيات حكمها”.

ملاعب لفت في حديثه إلى أن “الارتياح الداخلي سوف يقابله تحرك خارجي لدعم تنفيذ الحكم، وإذا لم يتم تسليم المحكوم يثبت للمجتمع الدولي أن الجهة السياسية التي ينتمي إليها المحكوم هي من ترفض التسليم، وبالتالي يبدأ الجهد الدبلوماسي في تحميل “حزب الله” المسؤولية، مستفيدا من إعلان المحكمة أن الجريمة سياسية بامتياز ولا يمكن توقع النتيجة منذ اليوم، ولكن هنا يتحول وجود السفن الحربية إلى طبيعة مقاتلة وليست أمنية فقط”، مشيرًا إلى أن “السفينتين البريطانية والفرنسية لديها مهام تقنية في فحص المواد في البحر وفحص التربة ومواكبة عمل الخبراء في منطقة غير معروف من يسيطر عليها وتتطلب حماية الخبراء الأجانب لا سيما حالة التفلت الأمني (نتيجة الإهمال أو القوة القاهرة) السائدة داخل المرفأ، خصوصًا أن القوة البحرية الموجودة، لا سيما الطوافات منها، لها مهام تأمين مراقبة مستدامة للأرض والمياه حتى العودة المنتظرة للرئيس الفرنسي إلى بيروت بداية الشهر المقبل”.

فرنسا وفتح التأشيرات

أما عن تزامن وجود السفن الحربية مع اعلان فرنسا فتح التأشيرات للبنانيين الذين يريدون مغادرة لبنان، وسط تحليلات وجدت فيها طريقة “لإفراغ لبنان من شريحة معينة من المواطنين تمهيداً لأي حرب محتملة”، رأى العميد ملاعب أن المساعي الفرنسية لم تكن يومًا لتسهيل هجرة المسيحيين، حيث أن التسهيلات المعلن عنها لم تكن تخص المسيحيين فقط، بل كل اللبنانيين.

مريانا سري الدين

مريانا سري الدين

صحافية لبنانية مُهتمة في الشأن السياسي والاجتماعي. باحثة في علوم الاتصال الجماهيري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى