في غمرة التّلهي بالأزمات الكثيرة التي تحاصر اللبناني في كلّ مفاصل حياته ومنها أمنه الصّحي، وفي ظلّ شبه غياب لوباء كورونا عن سلّم الاهتمامات العامّة، يبدو أن أخبار الفيروس لا تبشّر بخير مع استعادة عدّاد الإصابات والوفيات زخمه، مسجّلاً ارتفاعات قياسية جديدة.
أمام هذا الواقع الوبائي المخيف، يبقى التعويل على حملة التلقيح التي انطلقت في الرابع عشر من شباط الفائت، على الرّغم من بطء العملية نتيجة أعداد الّلقاحات التي تصل أسبوعياً وتدنّي نسبة المسجَّلين على منصّة التلقيح (يبلغ عدد المسجّلين حتى اليوم 948 ألف شخص فقط).
القطاع الخاص يدخل رسمياً على خط اللّقاحات
أمام هذا الواقع، يمكن القول إنّ المناعة المجتمعية المطلوبة للقضاء على الوباء، أي تلقيح 80% من الشعب اللبناني، ما زالت مهدّدة. لكن وسط هذا الواقع الحذر، انبعثت بارقة أمل جديدة مع إعلان رئيس مجلس الأعمال اللبناني- الرّوسي جاك صرّاف أن الدّفعة الأولى من لقاح “سبوتنيك V” الرّوسي ستصل إلى لبنان الخميس المقبل وذلك في إطار تنفيذ عقد أبرمته شركة (فارما ترايد) التّابعة لمجموعة (ماليا)، التي يرأس صرّاف مجلس إدارتها، مع الجانب الروسي، وتشمل مليون جرعة.
مسار العملية لم يكن سهلاً، لأن العديد من الشركات العالمية على غرار فايزر واسترازينيكا وجونسون أند جونسون ترفض أن تكون عملية استيراد اللقاح خارج العقود مع الدولة. من هنا كان التوجّه نحو شركتي سينوفارم الصّينية وسبوتنيك الرّوسية.
شركة (فارما ترايد) اللبنانية كانت من ضمن عشرين شركة مُنحت إذن التواصل مع الشركات المنتجة للّقاحات لاستيراد كمّيات منها لصالح لبنان، وقد نجحت بعد مفاوضات صعبة مع الجانب الرّوسي بالحصول على الموافقة. أما أسباب التأخير فكانت ضعف الإنتاج من قبل الشركة الروسية وعدم تمكنها من تغطية حتى الكمّية المطلوبة للمستهلك الرّوسي؛ ولكن هذا الحال تغيّر مع زيادة روسيا إنتاج اللّقاح إثر ارتفاع الطّلب عليه.
وبحسب معلومات “أحوال” فإنّ لقاحات سبوتنيك ستصل إلى لبنان على سبع دفعات والشّركة المستوردة للّقاح تعمل على تأمين الدّفعات كاملة قبل شهر تمّوز المقبل.
آلية التّلقيح والتوزيع والفئات المستهدفة
ثمن الّلقاح بجرعتيه سيبلغ 38 دولاراً ستدفعها المؤسّسات والجهات الرّاغبة بتلقيح موظّفيها وعمّالها (المصانع، المؤسّسات التجارية، المصارف…).
وتشير معلومات “أحوال” إلى أنّه يتمّ العمل على إنشاء منصّة خاصّة، تُجمع فيها المعلومات الأساسية وتكوّن ملفاً صحّياً لكلّ شخص، على أن تكون مرتبطة مع منصّة وزارة الصّحة؛ على سبيل المثال، تعمل مؤسّسة ما على إنشاء منصّة لها تسجّل عليها موظّفيها، وتختار المركز التي ستجري فيها عملية التّلقيح على أن تكون من ضمن المراكز التي وافقت عليها وزارة الصّحة، على أن تقوم الشّركة المستوردة بتأمين اللّقاحات لهذه المراكز بعد التأكد من كافّة الملفات الصّحية والمعلومات المطلوبة.
لجنة لقاح كورونا تشجّع التّمنيع القطاعي
من الأمور الإيجابية التي تسجّل في دخول القطاع الخاص خطّ استيراد اللّقاحات هو تعزيز المبادرات المجتمعية. وفي هذا الإطار، يؤكّد رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا، الدكتور عبد الرحمن البزري ل”أحوال” إلى العمل على تشجيع اللجنة العلمية، بالتوافق مع وزارة الصحة العامة، لأن يكون هناك مبادرات قطاعية، بإشراف المنصة الإلكترونية.
ومن شأن مشاركة القطاع الخاص، أن يساند الحملة الأساسية وأن يريح القطاع نفسه من خلال التمنيع . ويؤكد البزري أن عملية التّلقيح بسبوتنيك أو غيره من اللّقاحات ستتمّ في مراكز التّلقيح المختارة من الوزارة ولجنة لقاح كورونا، وتتّبع الشّروط عينها لناحية النّل والاستخدام، مشدّداً على أن كلّ المعلومات عن المتلقّحين ستُزوّد بها الوزارة.
نيسان و أيار: شهران حاسمان في عملية التّلقيح
وصل عدد المتلقّحين في لبنان حتى اليوم إلى أكثر من مئة وألفي شخص تلقّوا جرعة واحدة، وأكثر من 32 ألفاً تلقوا جرعتين. ويشير البزري إلى أن الأسبوعين المقبلين سيشهدان وصول المزيد من اللّقاحات، مؤكداً أن شهري نيسان وأيار حاسمان في هذا الشأن إذ ستشهد عملية التلقيح تسارعاً أكبر وهو ما يُعوّل عليه للوصول إلى المناعة المجتمعية المطلوبة.
ولا يخفي البزري خطور المؤشّرات التي يُظهرها عدّاد كورونا مع ارتفاع عدد الوفيات والاصابات بالفيروس، ولا سيّما مع إعادة فتح كافة القطاعات عقب الاغلاق الأخير.
“أسترازينيكا”… تتّضح الصورة الأسبوع المقبل
بارقة أمل وبقعة ضوء أخرى في نفق الوباء المظلم انبعث بعد قرار الدول الأوروبية إستئناف استخدام لقاح أسترازينيكا حيث اعتبرت الهيئات الصّحية النّاظمة في تلك الدّول أن اللّقاح آمن على عكس ما تمّ التداول به خلال اليومين الأخيرين لناحية تسببه بجلطات دموية قد تؤدي الى الوفاة في بعض الحالات.
وفي هذا الإطار، يشير البزري إلى أنه بعد هذه النّتائج المطَمئنة وإعطاء الدّول الأوروبية لقاح استرازينيكا بات لبنان أكثر ارتياحاً لكن سيتم التريّث للإطلاع على قرارات الدول التي كانت قد أوقفت استخدام اللّقاح، لافتاً إلى أن الأسبوع المقبل تكون الصورة تبلورت وأصبحت أكثر وضوحاً.
منال ابراهيم