منوعات

حال الكابيتال كونترول اليوم…. حاجة أم لزوم ما لا يلزم؟

فيما تزداد الأوضاع المعيشيّة والمالية سوءاً وقتامة، في ظلّ تفلّت الدولار من عقاله ومواصلة سعر صرفه الارتفاعَ بشكل جنونيّ، لا تزال السّلطة السّياسية تعيش في عالمٍ مغايرٍ؛ تتصارع على حلبة تأليف الحكومة في سبيل تحصيل مكسب من هنا وتسجيل نقاطٍ على الفريق الآخر من هناك.

وفي ظلّ الوضع الحالي، تظهر أهمّية إقرار بعض القوانين لكبح جماح التدهور القائم، وتحضير الأرضيّة لخطط الإنقاذ المفترض أن تعملَ عليها الحكومةُ المنتظرة، ومنها قانون ال”كابيتال كونترول” القابع في أدراج لجنة المال والموازنة منذ أكثر من عام.

أعاد إجتماع بعبدا الاقتصادي المالي التذكير بقانون ال”كابيتال كونترول” والمطالبة بإقراره وتطبيقه. ولكن هل لا يزال هذا القانون مجدياً بعد تهريب المحظيين أموالهم إلى الخارج؟

القانون مهمّ جداً لو  تم اقراره في 2019

الأهمّية القصوى لهذا القانون كانت في ما لو أُقرَّ في بداية الأزمة المصرفية، أي بعد إقفال المصارف بُعيد انطلاق انتفاضة 17 تشرين الأول، كما يشير عضو لجنة المال والموازنة النائب ياسين جابر لـ “أحوال”.

فعند حدوث أزمة مصرفية في أي بلد في العالم، تتدخل الدولة وتنظّم التحويلات، وهو ما لم يحصل في لبنان يؤكد جابر، الذي يشير إلى أنه حينها كان يمكن حماية كلا الطرفين، المصارف والمودعين؛ ولكنّ أصحاب المصارف ومعهم المصرف المركزي وبعض السياسيين لم يتجاوبوا مع هذا الطّلب، وكانت حجّة المصارف حينها الخشية من وقف التحويلات إلى الداخل.

ويلفت جابر الى أن لجنة المال قامت بإعداد وتقديم اقتراح قانون الكابيتال كونترول، في الفترة التي بدأت فيها الحكومة مفاوضاتها مع صندوق النّقد الدولي عام 2020. وحينها طلب صندوق النقد الاطلاع عليه وإبداء الرأي، ما أدى إلى تأجيله وعدم إقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب وأُعيد إلى لجنة المال.

القانون يعمل على تنظيم التحويلات ولا يمنعها

هذا القانون الذي يُعدّ أحد مطالب صندوق النّقد الدّولي، يعمل على تنظيم التحويلات إلى الخارج ولا يمنعها. ومن هنا يشير جابر إلى أن صندوق النّقد يشترط أن يتضمن القانون استثناءات، على سبيل المثال لا الحصر التحويلات للطلاب في الخارج، والتحويلات التجارية. وعليه، تعمل اللجنة على إعداد آليّة تتضمّن الشروط المطلوبة للقيام بعملية التحويل، ومنها منع الفرد من القيام بتحويلات الى الخارج مرّات عدة في السّنة ومن مصارف مختلفة. كما يشترط على من يريد تحويل الأموال رفعَ السّرية المصرفية عن نفسه.

ويشدّد جابر على أن أهمية الصّيغة التي تعدّها اللّجنة تكمن في أنها تصبّ في مصلحة المودع والمصرف على حدّ سواء، وعدم تحويل القانون إلى حصانة تحمي المصارف من ملاحقات المودعين القضائية في حال تمنّعها عن تطبيقه، كما هي الحال مع قانون الدولار الطالبي.

ويشير إلى أنّه بعد التزام المصارف بتعيمم مصرف لبنان رقم 154 بما يختصّ بزيادة رأسمالها وتأمين 3% من السيولة للمصارف المراسلة، ( اليوم هناك نحو 4 مليار دولار للمصارف في الخارج) يعني أنّه صار بامكان المصارف السّماح بخروج بعض التحويلات التي سيستثنيها قانون الكابيتال كونترول ويمكن بالتالي تطبيقه.

لا خروج من الأزمة المصرفيّة من دون “الكابيتال كونترول”

قانون الكابيتال كونترول هو ضرورة حتمية ولا يمكن الخروج من الأزمة المصرفيّة من دون إقرار هذا القانون، وهذا ما حصل مع كلّ الدّول التي عانت من أزمة مشابهة كقبرص، واليونان.  وعليه يؤكد الخبير الاقتصادي عماد عكوش لـ “أحوال” أنه رغم التأخير في إقرار القانون وحصول عمليات تهريب لبعض الودائع عبر تحويلها للخارج أو سحبها نقداً،  إلا أنّ ذلك لا ينفي أهميته. ويشير عكوش إلى أنّ معظم الودائع ما زالت في المصارف، وهي تحتاج الى تنظيم وضعها القانوني حتى لا تبقى عملية التعامل معها، وبالتالي مع المودعين، من قبل تلك المصارف تتم بشكل استنسابي.

ويؤكّد عكوش أن أطرافاً سياسيّة منعت في السابق إقرار القانون حتى تُبقي سلطتَها القانونية وغير القانونية للضّغط على المصارف لسحب ما أمكن من ودائعها، وهذا ما حصل فعلاً. مشيراً إلى أنه جرى سحب وتحويل ما لا يقل عن 15 مليار دولار من هذه الودائع خلال السنتين الماضيتين.

ويرى عكوش أن القانون بصيغته المقدّمة غير متكامل بحيث تُركت الحرّية للمصارف في استنساب حجم سحوبات المودعين، وبالتالي إبقاء الوضع على حاله، وترك الباب مفتوحاً للسلطة السياسية للضغط على المصارف في عمليات السحب والتحويل.

أما فيما يتعلق بالتعميم 154، يؤكّد عكّوش أن له علاقة بملاءة وسيولة المصارف، كما يتحدث عن اعادة جزء مما حولته المصارف للخارج سواء لسياسيين أومقربين الى المصرف، على أن يتم تجميد هذه الحسابات في حسابات خاصة ومضمونة الدفع بعد فترة من الزمن. ومن هنا يرى أنه يتقاطع مع قانون الكابيتال كونترول إلا من ناحية التأكيد على إستمرارية المصارف في وجودها وعدم إنهيارها فقط.

منال ابراهيم

 

 

 

 

 

منال ابراهيم

صحافية لبنانية. تحمل الإجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى