منوعات

القطاع الاستشفائي مهدّد بالإفلاس والزوال.. و”تجمّع المستشفيات الجامعية” يحذّر!

تجمع المستشفيات الجامعية: سوف نفسح المجال أمام المعنيين لغاية نهاية الأسبوع القادم لمعالجة الأزمة.. وإلا!

أزمة تلو الأخرى تضرب لبنان، حيث باتت الأعباء متراكمة على هذا البلد الصغير، في ظل غياب تام للدولة وللمعنيين للقيام بما هو مطلوب للتخفيف من وطأة وحدّة تلك الأزمات، فيكون المواطن الضحيّة الأبرز، ويدفع ثمن إهمال دولته وعدم تحمّل أصحاب الشأن مسؤوليتهم.

اليوم، وإلى جانب الأزمات المتراكمة والتي يعاني منها الشعب اللبناني بشكل كبير، بدءًا بالأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار، مرورًا بالغلاء المعيشي الحاصل وتدني القدرة الشرائية لدى المواطنين، وصولًا إلى البطالة والفقر والعوز الي وصل الى نسب مرتفعة في الآونة الأخيرة، يبدو أن الدور وصل إلى القطاع الطبي والاستشفائي، الذي يُعاني أصلًا منذ فترة طويلة، إلا أن الوضع تأزم مع عدم قدرة الدولة على إدارة الأزمة، فبات هذا القطاع يكافح من أجل الصمود.

وفي التفاصيل، فالقطاع الصحي بشكل عام، والقطاع الإستشفائي بشكل خاص، والذي كان مستشفى الشرق ومنارة الطب في المنطقة العربية، بات اليوم مهدد بالإفلاس والزوال، وذلك نتيجة السياسات المالية المتبعة في ملف الدواء وملف المستلزمات الطبية وملف المعدات الطبية، إلى جانب هجرة الطاقات البشرية من ممرضات وممرضين وأطباء، والتي حتمًا ستؤدي إلى دمار القطاع بالكامل كما هو حاصلٌ ويحصل مع باقي القطاعات المنتجة في البلاد.

وانطلاقًا من هذا الوضع المتأزم، وبعد المطالبات العديدة لنجدة هذا القطاع دون إيجاد آذان صاغية، أصدر تجمع المستشفيات الجامعية في لبنان، بيانًا جاء فيه:

“نحن تجمع المستشفيات الجامعية في لبنان، وحفاظاً منا على مصداقيتنا تجاه اللبنانيين عامة وتجاه مرضانا خاصة، وبعد البيانات التي أصدرناها تباعاً لإطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري، والتي كان آخرها يوم 21 كانون الثاني 2021 عقب لقاءنا نائب رئيس مجلس الوزراء، وزيرة الدفاع زنية عكر عدرة، وبحضور مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والاجتماعية، د. وليد خوري، والذي انتظرنا أن يكون له الصدى الإيجابي في معالجة مشكلة المستشفيات والمرضى الآخذة بالتفاقم، نُطلق نداء آخر عساه يكون الأخير، إلى كافة من يعنيهم الأمر، إذا كان ما زال هناك من يعنيه هذا الأمر، كي يهبّوا ويبادروا الى نجدة القطاع الإستشفائي ومد يد العون له”.

ولفت البيان إلى أن سر العلاجات الناجحة يرتكز على أربعة أعمدة، وهي: طاقم طبي وتمريضي كفوء، أدوية حديثة، معدات طبية وجراحية من المستوى الرفيع وآلات تشخيص متطورة، “إلا أن السياسة المالية المتبعة في لبنان منذ أكثر من عام، تضرب بالصميم هذه الركائز الأربع، حيث تتدهور أوضاع المستشفيات بوتيرة متسارعة، فنحن نقترب أكثر فأكثر من قعر الهاوية لا سيما في ظل هجرة الطاقات البشرية المتميزة من الطاقمين الطبي والتمريضي بسبب تردي الوضع الإقتصادي وعدم زيادة أتعابهم ورواتبهم بما يتماشى مع الوضع الإقتصادي العام، إلى جانب النقص الهائل في الكثير من الأدوية والمستلزمات الطبية وقطع الغيار التي يتعذر إستلامها بسبب عدم انجاز معاملات الموردين لدى مصرف لبنان، كما يفيدون ويصرحون، رغم تأكيد المسؤولين لدى المصرف انهم يعالجون المعاملات بعد تدقيقها، وهذا حقهم” .

من هنا، أكد البيان على أن استمرارية القطاع الإستشفائي اللبناني كقطاع مميّز في المنطقة وكمقدم خدمات من الطراز الأول للمواطنين والأشقاء العرب أصبحت مستحيلة، في ظلّ تسليم المستشفيات العديد من المستلزمات من دون دعم مصرف لبنان أو وفق معادلات نقدية مختلفة عن آلية ونظام الدعم الذي كان متفقاً عليه ومعمولاً به، وبالعملات الصعبة، إلى جانب إعلان عدد كبير من الموردين عدم استعدادهم لمتابعة تقديم المعاملات الى المصرف المركزي، ما لم يقم هذا الأخير بمعالجة كافة المعاملات المتراكمة لديه لصالحهم.

وأشار البيان إلى أنه إزاء هذا الواقع الأليم والتخبط والتعثر وعدم الوضوح في الرؤيا والبرنامج وإنعدام المسؤولية، فإن المستشفيات اصبحت عاجزة عن متابعة إستلام المستلزمات بتكاليف متفاوتة بين دعم بنسبة 85% آخذ بالإنحسار، ودعم بنسبة 50% او اقل، وصولاً الى نسبة صفر بالمئة، كما أن إستمرار هذه الممارسات يعرّض حياة المرضى للخطر ويكبد المستشفيات خسائر فادحة لا يستطيع أي منها تحمّلها.

من هنا، أردف تجمع المستشفيات الجامعية في بيانه، بالإشارة إلى أنه وفي هذه الظروف، لا يعقل أن يتراوح معدّل سعر الصرف لمشتريات المستشفى بين 2500 ل.ل. و9000 ل.ل، وتبقى فاتورة الإستشفاء على سعر الـ1500 ل.ل.، مفنّدًا كلامه بإعطاء بعض الأمثلة الحسية والحيوية، على سبيل المثال لا الحصر:

• كلفة جلسة غسل الكلى قد ارتفعت حوالي 100،000 ل.ل. للجلسة الواحدة اي ما نسبته 65% علماً ان تسعيرة الجلسة لدى الجهات الضامنة العامة ما زالت بسعر 154،000 ل.ل. وهذا الإرتفاع مرده الى إرتفاع كلفة المستلزمات التي يفترض ان تحظى بالدعم ولكن بنسبة 85% نظرياً، عدا عن كلفة قطع الغيار والمستلزمات التي هي خارج إطار الدعم. فهل يستطيع المستشفى تحمل ما يزيد عن 1،5 مليار ليرة لبنانية سنوياً فقط عن اعمال غسل الكلى؟؟ ام هل يستطيع المريض تحمل فارق التكاليف اي ما معدله 1،350،000 ل.ل شهرياً؟

• كلفة عملية تمييل القلب او القسطرة وتوسيع الشرايين بواسطة البالون والرسور قد إزدادت بما لا يقل عن ثلاثة ملايين ليرة لبنانية تبعاً للحالة .

• كلفة عملية القلب المفتوح إزدادت بمعدل أربعة الى خمسة ملايين ليرة لبنانية تبعاً لطبيعة الحالة ومستلزماتها.

• كلفة عمليات الجراحة العامة قد إزدادت ما بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين ليرة لبنانية.

• تعرفة الإقامة المعتمدة لدى الصناديق العامة في اليوم ما زالت 90.000 ل.ل. بما فيه 3 وجبات طعام وتمريض ومراقبة ومستلزمات طبية وغسيل وسواها.

• معدل كلفة الامصال والغازات الطبية قد ارتفعت بنسبة 40 – 50%.

• كلفة معالجة النفايات الطبية المعدية قد ازدادت بنسبة تفوق 250%.

وعلى الضفة الموازية، شكرت المستشفيات المجتمعة كل العاملين فيها من أطباء وممرضين واداريين وتقنيين وعمال وسواهم، على الجهود الجبارة التي يبذلونها في سبيل خدمة المرضى، والذين سقط ولا يزال يسقط منهم العديد من الشهداء ومصابي الواجب، مشددة على أنها ترفع الصوت وتطلق الصرخة في سبيل العمل على إنقاذ القطاع الإستشفائي والصروح الإستشفائية العريقة والمرضى والعاملين في القطاع قبل فوات الأوان، وذلك عبر تحقيق المطالب التي يمكن تلخيصها بما يلي:

– تسريع معاملات دعم الأدوية والمستلزمات الطبية في مصرف لبنان وزيادة الشفافية والإلتزام بمعايير واضحة ومحدّدة.

– إعداد لوائح تعريف بالمستلزمات الطبية والأدوية المدعومة بالتشاور مع النقابات المعنية ونشرها للمعنيين منعاً للتلاعب والتهريب.
– دعم المعدات والأدوية المستعملة في المستشفيات وفقاً لمعدّلات استهلاكاتها لمنع التلاعب وهدر المال العام.
– دعم علاج الأمراض المزمنة ولا سيما علاج غسل الكلى بنسبة 100%.
– شمول الدعم المستلزمات الطبية الخاصة بمعالجة الكورونا ولا سيما مستلزمات الحماية الشخصية للعاملين (PPEs) والمعقمات الطبية لغرف العمليات والعزل والطوارىء وسواها مما يساهم في الحد من ارتفاع كلفة فاتورة إستشفاء مرضى الكورونا.
– مراجعة جداول الأسعار المعتمدة لدى مختلف الصناديق الضامنة ولا سيما هيئات القطاع العام والتي ما زالت قيمتها على أساس سعر صرف 1500 ل.ل. وذلك في حال عدم معالجة موضوع الدعم لدى مصرف لبنان.
– تسديد المعاملات العالقة لدى مصرف لبنان لصالح الموردين لغاية 31/12/2020 بغية تمكينهم من تحويل الأموال اللازمة الى الشركات الأم وإعادة تغذية مخزون المستلزمات والأدوية في حده الادنى.

من جهة أخرى، وبالنسبة للوضع المالي، أشار تجمع المستشفيات الجامعية في لبنان إلى أنه حتى اليوم لم يجرِ تحصيل قيمة أي فاتورة عائدة لعلاج مرضى الكورونا من قرض البنك الدولي، “كما اننا لم نحصل سوى على جزء ضئيل من مستحقاتنا العائدة للعام 2020″، لذلك فيطالبون بالتالي:

– تحويل سائر مستحقاتنا الموجودة لدى مختلف الهيئات الضامنة الى وزارة المال.
– تسديد الحقوق المتوجبة من قبل وزارة المال.
– المباشرة بتسديد فواتير علاج مرضى الكورونا المتراكمة منذ أكثر من سنة.
– ضرورة اعتماد سعر صرف المنصة المصرفية او ما يوازيها بدل سعر الصرف الحالي للدولار على الـ1500ل.ل للتعرفات المطبقة حاليا وذلك ابتداء من الاول من آذار 2021.
– إبقاء المستشفيات خارج إطار لعبة تقاذف المسؤوليات ورمي التهم جزافاً، وإحالة اي مخالف او مقصّر الى الهيئات المعنية بعد ثبوت التقصير أو الإهمال أو المخالفة.

هذا وشدد تجمع المستشفيات الجامعية في لبنان بيانه على أن تحقيق هذه المطالب فوراً هو المدخل الأساس لحل الأزمة الخانقة وإنقاذ قطاع كامل كان وما زال فخرَ لبنان، محذرًا من اي تلكؤ او تأخر في ذلك، كونه سينعكس سلباً على فاتورة الإستشفاء الآخذة بالارتفاع، والتي ستطال كل المستفيدين من الخدمات والتقديمات ولا سيما المرضى.

وختم البيان بالقول: “إن تجمع المستشفيات الجامعية هو “أم الصبي” ويعلن أنه سيقف سداً منيعاً أمام كل السياسات الخاطئة، وسوف يسعى جاهداً للحفاظ على نوعية الخدمات رغم كل التحديات”، مضيفًا: “اننا في هذا التجمع سوف نفسح المجال أمام المعنيين لغاية نهاية الأسبوع القادم لمعالجة ما تقدم، كي لا نضطر آسفين ومكرهين لاتخاذ الإجراءات التي تمليها علينا أوضاعنا وظروفنا المهنية، وما يقرره أو لا يقرره أصحاب الشأن”.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى