منوعات

بعد اعتذار أديب أيام أمنية ساخنة أمام اللبنانيين

أمّا وقد طُويت مرحلة تكليف مصطفى أديب لتشكيل الحكومة الجديدة، تتجه الأنظار إلى السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة على المستويات السياسية والدستورية والاقتصادية والأمنية، وسط انسداد الأفق أمام الحلول بعد انتكاسة المبادرة الفرنسية، وربما سقوطها رغم إعلان رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي تمسكهما بالمبادرة وتأكيدهما بأنها لم تسقط وليست مرتبطة بأديب.

فكيف سيتصرف رئيس الجمهورية والقوى السياسية والأغلبية النيابية تحديداً أمام هذا الواقع المسدود الأفق؟ هل تغيرت قواعد التأليف وأصبحنا أمام أسس جديدة للملف الحكومي مع المتغيرات والعوامل الداخلية والخارجية التي دخلت على المشهد الداخلي؟

مصادر بعبدا:  مقاربة جديدة لملف تشكيل الحكومة

بات من المؤكد بحسب معلومات خاصة لـ “أحوال” أنّ لدى رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية مقاربة جديدة لملف تشكيل الحكومة؛ فالرئيس ميشال عون لن يدعو إلى استشارات نيابية جديدة ولن يتم تكليف رئيس جديد قبل التوصل إلى اتفاق الحد الأدنى بين القوى السياسية على شخصية الرئيس وشكل الحكومة وأسماء الوزراء والبيان الوزاري، كي لا تواجه التسوية فشلاً جديداً. ولذلك سيدعو الرئيس عون الكتل النيابية لجولة مشاورات جديدة تسبق الإستشارات وفقاً لأسس ومعايير جديدة.

وأشارت أوساط مطلعة لـ”أحوال” إلى أّن “الرئيس المكلّف مصطفى أديب وضع الرئيس عون بجو الصعوبات التي تعترض عملية التكليف، وأنّه انطلق بهذه المهمة من المبادرة الفرنسية ولكن طرأت متغيرات أعاقت التأليف”.

ولفتت الأوساط إلى أنّ “الرئيس عون أكد دعمه للمبادرة الفرنسية وضرورة استمرارها كونها حظيت باهتمام كبير من كل الأطراف اللبنانيين ومنه شخصياً، وتمنى أن تستمر هذه المبادرة”، مشيرة إلى أنّ “أديب أكد له أنّه لا يستطيع أن يكمل المهمة فشكره وتسلّم منه كتاب الإعتذار”، مضيفة: “لم يتم تحديد استشارات بانتظار الظروف السياسية”.

الفرضيات المطروحة

وعقب اعتذار أديب أخذت القوى السياسية استراحة المحارب وتنفست الصعداء استعداداً لجولة مواجهة جديدة. وبدأ التداول في الكواليس بعدة فرضيات منها اتجاه لتعويم حكومة تصريف الأعمال من خلال فتوى دستورية كأن يعلن الرئيس حسان دياب التراجع عن استقالته سيما وأنّ مرسوم استقالة الحكومة لم يصدر من رئاسة الجمهورية حتى الآن، وهذا يشكل ثغرة قانونية يجري استغلالها لإعادة تفعيل حكومة دياب لملء الفراغ في السلطة التنفيذية بحدود معقولة للإنطلاق لمواجهة ما قد يحدث من تداعيات اقتصادية وأمنية وتحركات شعبية على الأرض.

وبحسب الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين، فإنّ هذا الخيار وارد بقوة إذا ما فشلت القوى السياسية بتكليف رئيس جديد وبالتالي لا يمكن ترك البلد في فراغ في السلطة في ظل الظروف الحالية التي يمر بها لبنان.

ويضيف يمين لـ”أحوال” أنّ عملية تأليف الحكومة مناطة برئيسي الجمهورية والحكومة، وبالتالي لا صفة دستورية لنادي رؤساء الحكومات السابقين، ولا للرئيس سعد الحريري، موضحاً أنّ السلوك الذي اتبعه أديب بتأليف الحكومة مخالف للدستور ولأصول التأليف سيما للمادة 95 التي تلزم الرئيس المكلّف تمثيل الطوائف في الحكومة تمثيلاً عادلاً، وللمادة  64 التي تؤكد ضرورة نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي لكي تكون حكومة أصيلة، وبالتالي على رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف أخذ رأي الكتل لكي تتأمن هذه الميثاقية والثقة. ويضيف بأنّ رئيس الجمهورية كحامي للدستور لن يوقّع مرسوم حكومة إذا لم تراعِ الميثاقية والدستور والثقة النيابية.

ومن الفرضيات المطروحة إذا استمر الحريري في مناوراته أن تعمد الأكثرية النيابية إلى تكليف رئيس محسوب عليها أو إعادة تكليف الرئيس دياب ومنحها الثقة في المجلس النيابي.

عين التينة

وعقّبت عين التينة على اعتذار أديب ببيان مقتضب أكد التمسك بالمبادرة الفرنسية وأشارت مصادرها لـ”أحوال” إلى أنّ من يتحمل مسؤولية الفشل هو من حمّل المبادرة الفرنسية ما لا تحتمل ووضع العصب في دواليب الرئيس المكلف، مجددة التمسك بالمبادرة الفرنسية واستمرار الاتصالات بين القوى السياسية لتحديد موعد استشارات جديدة.

ثلاث بيانات بتوقيت واحد

وكان لافتاً صدور ثلاث بيانات عن ثلاثي الرئيس سعد الحريري – رئيس القوات سمير جعجع- والنائب السابق وليد جنبلاط في توقيت واحد تحمّل ثنائي أمل وحزب الله من دون أن تسميهما مسؤولية الفشل في تأليف الحكومة الجديدة، واللافت أكثر إعلانهما عن فشل المبادرة الفرنسية قبل أن يصدر عن الدولة الفرنسية بيان يعلن سحب المبادرة من التداول.

ووفق معلومات خاصة، فإنّ الحريري تعرّض لضغوط أميركية – سعودية سيّما بعد تصعيد الملك السعودي ضد حزب الله وكلام المسؤول الأميركي ديفيد هيل، وتقاطعت مع مصلحة حريرية بإفشال أديب وتمديد الأزمة إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية لعلّ متغيرات دولية – إقليمية مع تفعيل المبادرة الفرنسية تعبّد طريق السراي الحكومي أمامه.

 

مخاطر أمنية: تخوّف من اغتيالات وأعمال شغب

مصادر فريق المقاومة تشدّد على أنّ استقالة أديب تشكّل فشلاً للمؤامرة التي أعدها الرئيس فؤاد السنيورة لحسابات خارجية من خلال الإستقواء بالسيف الفرنسي، والخطة تقضي بحسب المصادر بأن يطرح الرئيس المكلّف على عون تشكيلة أمر واقع محسوبة جميعها على الخط الأميركي – الفرنسي فيوقعها تحت ضغط العقوبات والتصويب الإعلامي، ولا تأخذ الثقة في المجلس النيابي فتتحوّل تلقائياً إلى تصريف أعمال حتى نهاية العهد الحالي، وتتخذ قرارت على شاكلة قرارات حكومة 2005 تؤدي إلى تفجير البلد. ولفتت إلى أنّه “وبعد تيّقن الفريق الأميركي بأنّ فريق المقاومة لن يخضع لتهريبة الحكومة لم يبق لها خيار سوى الطلب من أديب الإعتذار. ورجحّت بقاء البلد بلا حكومة إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية إلا إذا حصلت تطوّرات إقليمية عاكست ذلك ،ولا يبدو أنها متوفرة في الوقت الراهن. وأكدت المصادر بأنّ أي حكومة جديدة يجب أن تأتي نتاج اتفاق على سلة كاملة تبدأ من الرئيس حتى البيان الوزاري، ورأت في بيانات الحريري – جعجع – جنبلاط-  نادي رؤساء الحكومات تعبيراً عن غضب لفشل المؤامرة التي لم تبصر النور.

وتؤكد المصادر أنّ حزب الله والأكثرية النيابية مع رئيس الجمهورية اتخذوا قراراً بالإبقاء على حكومة دياب حتى تحقيق تسوية تضمن الإستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلد، مستبعدة خيار الحريري لتعقيدات داخلية – خارجية تحول دون ذلك، لكنها حذّرت من تشريع الساحة اللبنانية للاحتمالات كافة من ضمنها ضرب الاستقرار الأمني.

وفي هذا السياق، حذّر خبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية من أنّ المخاطر الأمنية على لبنان لم تعد تقتصر على إسرائيل والإرهاب، بل إنّ التدخلات الخارجية التي أفشلت تسوية الحكومة ستنتج أحداثاً أمنية على صعد ثلاثة: اغتيالات سياسية لخلق مناخ طائفي – مذهبي، ثانياً تفجيرات متنقلة، وثالثاً تحركات شعبية وأعمال شغب نتيجة تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية، متوقعاً 40 يوماً ساخنين وصعبين في لبنان قبل الإستحقاق الرئاسي الأميركي.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى