مبادرة بري الحكومية: ثلث معطّل لكلّ فريق
دخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس علانيّة على خط “الملف الحكومي”، عبر بيان تحدّث فيه عن العائق في تشكيل الحكومة، وهو مطالبة البعض بالثلث المعطّل، فالرئيس بري لم يُلبس يوماً مسألة عدم وجود حكومة لباساً خارجياً، بل كان ولا يزال على قناعة بأن الفيتوات الداخلية أكبر من الخارجية، وأن أي حلّ لمسألة الحكومة لا بدّ أن ينطلق من الداخل أولاً.
تشير مصادر مطّلعة على موقف بري إلى أنّ “البيان أصاب الهدف، والأيام المقبلة ستكون كفيلة بإظهار النتائج”، مشدّدة على أن بري كان حريصاً باستخدام الكلمات المناسبة لعدم اتّهام أحد، إنّما “كاد المريب أن يقول خذوني”، فردّة الفعل الصادرة عن قصر بعبدا تؤكد أن هناك من اعتبر نفسه معنيّاً.
تقوم مبادرة رئيس المجلس على “الستّات الثلاث” التي تتيح لكل فريق أن يكون له الثلث المعطّل بحسب الملفات المطروحة، فللتيار الوطني الحر وعون والطاشناق ثلثهم، وللفريق الشيعي والمردة والحزب القومي ثلثهم، ولتيار المستقبل والحزب الإشتراكي ثلثهم، وهذه المبادرة تقوم على قاعدة “من ساواك بنفسه ما ظلمك”. وتُشير المصادر إلى أنّ البعض اعتبر أنّ بيان بري يؤسس لخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية، ولكنّه لن يكون كذلك، بل سيؤسس لانفراج حكوميّ قريب.
لماذا الآن؟
عمد برّي منذ فترة على “قضاء حوائجه بالكتمان”، ولكنّه قرّر الكلام بسبب حالة “اللّا استقرار” الأمني التي عاشها الشمال، والتي حملت معها إشاراتٍ خطيرةً حول عودة الخلايا الإرهابية إلى العمل، كذلك بسبب نتيجة ما يطّلع عليه رئيس المجلس يومياً من تقارير تشرح الوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث باتت هذه المسائل تشكّل خطراً وجودياً، كما يعتبر بري أنّه بحال كانت لدينا حكومة قويّة متفاهمة قادرة، فإنّها ستواجه تحدّيات صعبة للغاية، فكيف الحال ونحن ليس لدينا حكومة.
كذلك يرى بري، بحسب المصادر، أنّ الحلول الخارجية لا يُمكن أن تفرض حكومة على اللّبنانيين، ما لم يقتنعوا هم بضرورة الحل، وبالتالي يجب أن ينطلق الحل من الداخل، ومبادرته الأخيرة تحقق المساواة بين الجميع.
ماذا عن الأسماء؟
لم يُخف بري أنه سلّم الرئيس المكلف لائحة مرشحين لتولّي الحقائب الوزارية، وتؤكد المصادر أنّ حركة أمل ليست الوحيدة التي سلّمت أسماء، كاشفة أنّ اللّائحة التي سُلّمت للحريري تضم عدّة أسماء وخيارات، ولكلّ منها سيرته الذاتية المرفقة معه، وتتوافر في كلّ اسم المعايير الأساسية للمبادرة الفرنسية، أي الاختصاص و”عدم الانتماء الحزبي”، على أن يكون للحريري حقّ الاختيار من بينها، بحسب ما يراه مناسباً.
لم تنته مبادرة بري، ولو أنّ تعنّت البعض لا يزال موجوداً، ولكن قد تكون هذه المبادرة، بحسب المصادر، المدخل الذي يؤسس للحل في الأيام المقبلة.
مطلب الثلث بصورة جديدة
تُشير مصادر مطّلعة على الملف الحكومي إلى أنّ الوطني الحر لم يعُد يطالب بسبعة وزراء من أصل 18، لأنّ هذا المطلب يعني بشكل مباشر مطالبته بالثلث المعطّل، ولكنّه بالمقابل، يُريد زيادة عدد الوزراء إلى 20، مع إضافة درزي، من حصة حليفه طلال أرسلان، وكاثوليكي من حصة رئيس الجمهورية، ما يعني وصول عدد وزراء عون والوطني الحر إلى 8 من أصل 20، 7 مسيحيين، ودرزي، وهكذا يكون قد حصل على الثلث زائد واحد.
من جهتها تؤكد مصادر “الوطني الحر” أن وحدة المعايير هي التي يطالب بها رئيس الجمهورية، لا الثلث ولا أقل ولا أكثر، وبالأمس أكدت كتلة التنمية والتحرير أنها سمّت مرشيحها للوزارة، بينما هناك من يرفض استعمال رئيس الجمهورية لحقّه بتسمية الوزراء المسيحيين.
وتقول المصادر عبر “أحوال” إنّ “التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية لم يطالبا بالثلث المعطّل بل طالبا بحقّهما في التمثيل، خصوصاً في ظل رفض كتلة الجمهورية القوية المشاركة في الحكومة، وبالتالي من الطبيعي أن يكون للرئيس عون ولأكبر تكتل نيابي في المجلس، حصة وازنة في أي حكومة يشاركان فيها”.
محمد علوش