منوعات
“كوخافي” يهدد سكان لبنان وغزة فيصيب “المستوطنين” بمقتل
اعتاد اللبنانيون والغزيون على لغة ولهجة التهديدات الاسرائيلي. وبات السكان يميزون بين جديتها من زيفها، ويشخصون اهدافها بدقة، حتى بات كل فرد بمقدوره فهم الخلفية لكل تهديد يطلقه مسؤول إسرائيلي من خلال موقعيته وخلفيته السياسية وتوقيتاتها.
في الكيان تجري تقيمات سنوية عالية المستوى للأوضاع في المنطقة. يشخص جنرالات متقاعدون، وآخرون ما زالوا يشغلون مناصب في الجيش، “الخطر” عبر ندوات ومؤتمرات، بعضها ينظمه معهد “دراسات الأمن القومي (INSS)” المعني بالامور الاستراتيجية.
مطلع الاسبوع، وفي مؤتمر للمعهد، الذي حاضر فيه مسؤولون بحرينيون وإماراتيون وصوبوا نحو إيران بشكل أساسي، وقف رئيس اركان جيش العدو “أفيف كوخافي” ليتحدث عن أبعاد المواجهة في المنطقة. تحدث عن إيران وما قال إنه “خطر تصنيع القنبلة النووية”، وعن الحلف الجديد في المنطقة، وعن الأخطار التي تحدق بكيانه لا سيما شمالا مع لبنان، وجنوبا مع غزة.
كوخافي وبمحضر حلفائه الجدد تحدث مباهيا عن إصدا تعلميات لجيشه تقض بإعداد عدة خطط لإحباط المشروع النووي الإيراني، قبل أن يبدأ باستعراض الاخطار التي تحيط بكيانه، في إشارة إلى المقاومة في لبنان وغزة. يعترف بأن الصواريخ ستسقط على الداخل الاسرائيلي، متوجها للمستوطنين بالقول: “إن الحرب القادمة ستشمل سقوط عدد كبير جدًا من الصواريخ والقذائف الصاروخية وهذا لن يكون سهلاً”. اعتراف يؤكد أن الحلول لحماية الجبهة الداخلية شبه منعدمة، وبالتالي هو يرسل إنذار خطر لكل مستوطن في الكيان سيحفر عميقاً في وعي.
وليتدارك كوخافي وقع كلامه على المستوطنين، ذهب إلى تهديد المدنين في لبنان وقطاع غزة، عبر الزعم بان الصواريخ تخزن داخل المنازل الآهلة بالسكان، متحدثا عن “خطط معدة لهجمة معاكسة تشكل ضرب كل الأماكن التي تحتوي على الوسائل القتالية والصواريخ سواءً كانت في أماكن مفتوحة أو داخل المباني”. وليزيد من طمأنة المستوطنين قال إن ضرب اي منصة أينما كانت ستحمي منزلا في “إسرائيل”.
في التقييم، يمكن الإشارة إلى عمق الازمة التي يعيشها الكيان، فكوخافي الذي تحدث سابقا عن تنفيذ أكثر من 600 عملية خارج “إسرائيل”، يعترف بأن الخطرالوجودي لم يتبدد بل إن القوة المتراكمة لدى محور المقاومة تتسع وتتعاظم، وأن عمليات “تل ابيب” الخارجية لم تتمكن حتى من إبطاء تسارعها. ويمكن التدليل على هذا الإخفاق بما كشفه السيد حسن نصرالله عن أن عدد الصواريخ الدقيقة لدى المقاومة تضاعف مرتين عما كان عليه قبل عام، أي إنه خلال العام، الذي يجاهر فيه قادة العدو بتنفيذ رقم كبير ضد ما أسموه “مخططات الأعداء في الخارج”.
وفيما يتعلق بإشارته على الجبهة الداخلية، وعدم القدرة على منع تلقيها للضربات، والذهاب باتجاه تهديد المدنيينن، فهو أخطأ التقييم، فالمعادلة بالنسبة للمقاومات في المنطقة هي: المدنيون مقابل المستوطنين، وهي معادلة طبقت منذ زمن.على سبيل المثال لا الحصر، ففي المواجهة مع لبنان تكرست هذه المعادلة بعد تفاهم نيسان عام 1996. وبالتالي، فإن استهداف المدنيين في أي حرب مقبلة سيعني أن كامل المستوطنات ستكون أهدافا حتمية. خاصة مع التقارير الاسرائيلية التي تتحدث – فيما يتعلق بغلاف غزة – عن أن 28 % من المستوطنين هناك لا يمتلكون ملاجئ للإحتماء. إن “كوخافي” أخطأ أيضا عندما توجه لسكان لبنان وغزة بأن غادروا وكأن الحرب مندلعة. هنا يتبين حجم الارباك الناتج عن خطابه حول الجبهة الداخلية.
على أية حال، يمكن الاستدلال بكثير من التهديدات الاسرائيلية المشابهة لما قاله “كوخافي”، كتلك التي اطلقها، داني دانون، مندوب الكيان في الأمم المتحدة عام 2016 عندما رفع صورة لبلدة شقرا الجنوبية وقال إن من بين كل ثلاثة الى خمسة منازل، هناك منزل يحوي مخزن سلاح، أو تلك الصور الجوية لبلدة كفركلا التي عرضها يوما المتحدث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي على صفحته وقال إن من بين كل ثلاثة منازل هناك منزل عبارة عن مخزن صواريخ. إن إدعاءات العدو وإذ تنفيها المقاومة وتعلل اسباب مزاعمها، يقابلها جمهورها في لبنان بشيء يعكس الثقة بمقاومتهم بأن “كل منزل من منازلنا هو قاعدة صواريخ”. وهو مشهد يبنى عليه لتبيان الفارق بين تلقي المدنيين اللبنانيين لتهديد العدو بضرب منازلهم، وبين تلقي المستوطنين لكلام جنرالاتهم وقادتهم.
يمكن الخلاصة إلى أن قادة العدو، وكوخافي أحدهم، يمارسون حربا نفسية تنعكس سلبا على الحالة العامة داخل كيانهم. وأنهم رغم كامل ما يستعرضونه من إنجازات، يعترفون بمقابله بأن الصواريخ والخطر يحيطان بهم من كل جهة، ليس فقط من لبنان وغزةن بل أيضا من التهديد الجدي الآتي من اليمن.
خليل نصر الله