بيروت في المرتبة الرابعة عربيًا لـ”أعلى نسبة ازدحام”.. إليكم الأسباب والحلول
ضمن قائمة شملت 11 مدينة عربية، احتلّت بيروت المرتبة الرابعة من حيث “أعلى نسبة ازدحام مروري”، وذلك بعد كل من الشارقة والقاهرة وعمّان، وفقًا لإحصائية نشرها موقع “نومبيو”.
ربّما لا يحتاج لبنان الى إحصاء لتأكيد المؤكّد، فزحمة السير أصبحت جزءًا من حياة اللبنانيين اليومية، بدءًا من الزحمة الخانقة على مداخل بيروت الكبرى، مرورًا بتوقّف السير على أوتوستراد جبيل – بيروت في ساعات الصباح الباكرة، وصولًا إلى تعسّر الحركة أيّام العطلات على كل من طريق ظهر البيدر وأوتوستراد صيدا – الجنوب، ما حوّل هذه الزحمة إلى “روتين” يومي بالنسبة للمواطن اللبناني.
وبحسب التقرير، تؤدّي زحمة السير الخانقة إلى زيادة مدّة الرحلة اليومية بنحو 46% عما يفترض أن تكون عليه، حيث يقدّر متوسط ما يمضيه السائق من وقت في الإزدحام بنحو 210 ساعات في العام، أي 9 أيام في السنة، مع الإشارة إلى أن التقرير يقيس هذه الفترة من خلال اعتماد معايير دقيقة، مثل متوسّط السرعة والمدّة التي يقضيها السائق لقطع ميل واحد خلال أوقات الذروة وسط المدينة.
وإذا ما أردنا الغوص في السبب الرئيسي، سنجد أن غياب النقل العام المشترك من أهم أسباب زيادة نسبة الازدحام المروري، كونه لا يستحوذ سوى على 2% من الرحلات اليومية، في حين يستعمل 68% من السكان سياراتهم الخاصة يوميًا، مقابل 16% لسيارات الأجرة و14% للباصات، ما يدفع للمطالبة بوجود خطة حقيقية لقطاع النقل.
وفي هذا السياق، يرجع النقيب السابق لخبراء السير في لبنان، نجيب شوفاني، أسباب زحمة السير في لبنان إلى عدم وجود شبكة طرقات جديدة، ويقول في حديث لـ”أحوال” إنّ “عدد السيارات في لبنان ارتفع من 500 ألف إلى مليونين، حيث تم استيراد 100 ألف سيارة عام 2008، مقابل 105 آلاف في 2010 و97 ألف في 2018، و94 ألف سيارة عام 2019، في الوقت الذي لم يتم تطوير شبكة الطرقات منذ العام 1975، وسط ارتفاع عدد السيارات في البلد”.
أما السبب الثاني للازدحام، بحسب شوفاني، فيعود الى النقص في عديد النقل العام الذي يعاني أيضًا من قلة التنظيم، لافتًا إلى أنّ “لجنة الأشغال كانت قد أعلنت عام 2014 أنّه من المفترض أن يشتري لبنان 250 باصًا داخل المدينة و50 خارجها، بينما الحاجة تتطلّب 800 باصًا”، علمًا أن لبنان يملك 50 “أوتوبيسًا” رسميًا للدولة، و51 ألف سيارة عمومية و8000 فان.
ويتابع النقيب السابق لخبراء السير في لبنان حديثه لموقعنا، بالإشارة إلى أن السبب الثالث للزحمة هو عدم تطبيق قوانين السير وعدم تأهيل الطرقات للسلامة المرورية، ما يسبب حوادث متفرقة ويزيد بالتالي من الزحمة، “حيث نشهد غيابًا لإشارات السير والإنارة لعجز الدولة عن دفع مستحقاتها، إلى جانب ندرة مواقف السيارات والنقص في عديد شرطة البلدية الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تنظيم السير في البلدات والمدن ومنع الازدحام”، لافتًا إلى أنه كان من المفترض، وبحسب المادة 414 من قانون السير، تشكيل “وحدة مرور” من اختصاصي سير، “إلا أنه حتى يومنا هذا لم يتم تشكيل تلك الوحدة”، وفقًا لـ”شوفاني”.
من جهة أخرى، أعلن النقيب أنّ كلفة فاتورة السير في لبنان، بحسب الخبراء، تصل إلى مليار ونصف المليار دولار في السنة، ما يزيد من استهلاك المحروقات ويرفع نسبة التلوّث ويسبب أعطالًا هائلة في السيارات، كما يؤدي إلى تأخّر الأفراد في الوصول إلى عملهم، حيث تتراوح مدة التأخير بين الساعتين والـ3 ساعات، ما يؤثر على قدرة الفرد في الانتاج وبالتالي على الوضع الاقتصادي العام للبلد.
في المقابل، وحول الحلول التي يمكن اعتمادها، يذكر شوفاني أن على الدولة تأمين شبكة نقل مشترك وتجهيز الطرقات بشبكة جديدة، أو حتى تنفيذ القرارات الصادرة والتي من شأنها أن تحدّ من أزمة الزحمة في لبنان، أبرزها القرار الذي يحمل الرقم 5821/1967، وينص على بناء أوتوستراد دائري يربط خلدة بطبرجا، “إلا أنه لم يُنفّذ حتى اليوم”.
وعلى الضفّة الموازية، يقول النقيب شوفاني إنه بالإمكان أيضًا بناء سكّة حديد لتخفيف نسب التلوث والزحمة والاستهلاك المرتفع للمحروقات، مع الحرص على تنفيذ قوانين السير، كما تستطيع الدولة بناء جسر بحري يصل طرابلس بالناقورة، من شأنه أن يخفّف حركة النزوح من القرى الى المدن، وبالتالي تخفيف الضغط الهائل على المدينة.
هذا ولم ينسَ النقيب السابق لخبراء السير في لبنان دور البلديات في هذا الخصوص، مشيرًا إلى أنه على البلديات تجهيز مواقف لسيارات “التاكسي” في المدن و”الفانات” لتنظيم الحركة والحدّ من الزحمة، مع استبدال العواميد الحديد والباطون بـ”الكاوتشوك” للحدّ من الحوادث، وكذلك تجهيز الطرقات وإضاءتها، مع الحرص على تطبيق قوانين السير حرصًا على السلامة المرورية للمواطنين، “إذ من واجب الدولة أن توفر طرقات آمنة لشعبها، في حين لم تعطِ الحكومات المتعاقبة أولوية للحركة المرورية في لبنان، الأمر الذي أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم”، يختم شوفاني.
باولا عطيّة