الجميلة بيرلا شلهوب… ميكانيكيةٌ ماهرةٌ تهوى الأزياء والجمال
"كان الجميع يتوقّع أن أصبح محاميةً أو معلّمة، ولكن أيًّا من هذه المهن لم تستهوِني"
شابةٌ في العشرين من عمرها، جميلةُ الوجه، ممشوقةُ القامة، تحب الأزياء والتصوير كغيرها من بنات وأبناء جيلها، إلّا أن بيرلا وليد شلهوب تميّزت عن كثرٍ من هؤلاء بشغفٍ قادها إلى اعتناق مهنةٍ صعبةٍ نوعًا ما.
فإلى جانب متابعتها تحصيلها العلمي وتخصصها في الهندسة الميكانيكية، تعمل ابنة بلدة صربا الجنوبية كميكانيكيةٍ في مرآبٍ لتصليح السيارات.
“كان الجميع يتوقّع أن أصبح محاميةً أو معلّمة، ولكن أيًّا من هذه المهن لم تستهوِني”، تقول بيرلا، ثم تكمل: “نجاح والدي في عمله ومتعة ممارسة مهنة تصليح السيارات، جعلاني أقرّر منذ الصّغر أن أكون مثله، لذا قرّرت أن أتخصص في هندسة الميكانيك عند اختيار الاختصاص الجامعي، وكنت على يقينٍ أن تلك ستكون أولى الخطوات نحو مستقبلٍ مميّزٍ أريده”.
هي تعتبر أن سوق العمل بات متخمًا بخرّيجي معظم الاختصاصات الأخرى، وأن البطالة أصبحت سمةً شائعةً بين الشباب، لذا بالنسبة لها، فإنّ اختيار هذا الاختصاص يتوافق مع المنطق والشعور.
في الجامعة، هي الفتاة الوحيدة بين زملائها الشّبان الذين يدرسون الهندسة الميكانيكية. أحيانًا، قوتها الجسدية لا تكفي لإتمام بعض الأعمال، ما يضطرها إلى طلب المساعدة، وفق ما تشير بيرلا. ومن الصعوبات التي تواجهها أيضًا، أن بعض الزبائن الذين يقصدون مرآب والدها، حيث تعمل، لا يثقون بأنها قادرةٌ على إصلاح الأعطال في سياراتهم، ولا يوافقون على أن تعمل على ذلك أو يراقبونها بقلقٍ وتوترٍ، حتّى أن البعض اعتبر أن إقدامها على العمل في هذا المجال هو رغبةٌ منها بالظهور والاستعراض لا حبًّا بالمهنة. وتلفت إلى أن هناك اعتقادًا سائدًا بأن الميكانيكي يجب أن يغطي الشّحم الأسود يديه وهندامه وأن تظهر عليه آثار العمل الشّاق، فمجرّد وضع القليل من مساحيق التجميل عند ذهابها إلى العمل يعرّضها للانتقاد.
المجتمع أحيانًا يروق له عدم التطوّر ويتأثر بصورٍ نمطيةٍ مضلّلةٍ تلقي بظلالها على المرأة
هذه العقبات استطاعت بيرلا تخطّيها مع الوقت، فالحال تبدّل الآن. وعن ذلك تقول: “معظم الزبائن باتوا يحبّون عملي ويقصدونني لتصليح سياراتهم. خطوة فخطوة، يمكن للمجتمع أن يتقبّل عمل المرأة في مجالاتٍ لم يعتاد رؤيتها تعمل فيها”.
وتضيف: “نعم، اعتبر نفسي ناجحةً، ولكن بالطبع لدي الكثير لأتعلّمه بعد والمزيد من التحدّيات لأتخطّاها. وهنا أوكّد أن الفضل الأكبر يعود لوالدي الذي علّمني الكثير ونقل إليّ خبرة ثلاثين عامًا من العمل. كما أنني أجمع بين الخبرة العملية والعلم في آنٍ معًا، وأحرص على تطوير ذلك بشكلٍ دائم من خلال الإطلاع على كلّ جديدٍ في عالم السيارات وأعطالها. أمّا هدفي، فأن أصبح الميكانيكية الأكثر مهارةً في لبنان، وأنا على يقين أنّني لن أندم يومًا على خياري هذا، ففي كلّ يومِ عملٍ، أحبّ هذا المجال أكثر، وشعور النجاح في تصليحٍ عطلٍ ما وإعادة الروح إلى قطعةٍ أو سيارةٍ معطّلةٍ وتصليحها بدل رميها وشراء غيرها يعطيني شعورًا بالرضا لا يعوّض”.
وللفتيات اللّواتي يتردّدن في اتخاذِ خطواتٍ نحو تحقيق أهدافهن، تقول: “لا تصغين للأصوات المعارضة في مجتمعاتكن، فالمجتمع أحيانًا يروق له عدم التطوّر ويتأثر بصورٍ نمطيةٍ مضلّلةٍ تلقي بظلالها على المرأة، والرجل أيضًا في بعض الأحيان، وهذه الصور يجب كسرها بالعمل والمثابرة”.
وتشدّد بيرلا على أنّ كونها فتاة ناعمة وتحبّ الأزياء والجمال، لا يعني أنّها لا تقدّر على فكّ محرّك سيارة، وتختم: “أنا أتحدّى الجميع وسأبرهن للجميع أنّ فتاةً أنيقةً وجميلةً قادرةٌ على تصليح كلّ الأعطال وإعادة جمع قطع السيارات كأيِّ ميكانيكيٍّ”.
آلاء ترشيشي1ى