ملف إفلاس “القرض الحسن” على طاولة الإعلام… هكذا بدأت الحرب
في شهر تشرين الثاني الماضي بدأنا نسمع أكثر عبر “الإعلام” عن مؤسسة القرض الحسن، فيومها أطلقت المؤسسة عمل ماكينات سحب الأموال، وطيلة الفترة الماضية تمّ التطرّق إلى ملف القرض الحسن في أكثر من تقرير إخباري، وحلقة حوارية، حتى وصل الأمر بالبعض إلى اتهامه بتقويض النظام المصرفي اللبناني، واليوم يتم الحديث عن “إفلاس” هذه المؤسسة.
مع بداية العام الحالي تعرّضت مؤسسة “القرض الحسن” لاختراق إلكتروني ضخم، تم بواسطته تسريب وثائق وأرقام حسابات وأموال، وعناوين مساهمين وقيمة مساهماتهم، وأسماء مودعين ومستفيدين، الأمر الذي أثار بلبلة واسعة دفعت إدارة المؤسسة إلى الرد ودحض بعض المعلومات، والتأكيد على ثبات المؤسسة واستمرارها بعملها على أكمل وجه.
منذ ساعات، استُكمل مسلسل الهجوم على “القرض الحسن”، إذ نشر أحد الحسابات على “تويتر” في 5 كانون الثاني تغريدات تشير في نهايتها إلى أن “المؤسسة” تتجّه للإفلاس، عندما أشار إلى أنها “تمتلك ودائع تبلغ نحو 500 مليون دولار، فيما أعطت قروضاً بقيمة 450 مليون دولار تقريباً، وأن 64 في المئة فقط منها مضمونة من خلال ودائع الذهب “غير المقيّمة”، أي أن نسبة السيولة النقدية للودائع التابعة للجمعية تبلغ 10 في المئة”، كاشفاً بحسب تعبيره أن “أن القروض الكبرى تُعطى للنخب والشركات من دون الذهب، وأن ذهب العملاء العاديين يدعم قروض النخبة، وأن المؤسسة نجحت في إعادة تدوير نحو 1.5 مليار دولار في عام 2019 للإقتصاد غير الرسمي لـ”حزب الله” من خلال نظام المقاصة للودائع”. فهل أموال المودعين بخطر فعلاً؟
المؤسسة مستهدفة بقوة
“بعد عام تقريباً على اشتداد الحصار الإقتصادي على لبنان يمكن القول أن أهدافه المعلنة لم تتحقق، بمعنى آخر، أن حزب الله كان أقل المتضررين من هذا الحصار، فهو لا يزال حتى اليوم يتعامل بالدولار، وهذا الأمر أغضب كثيرين وأخرجهم عن طورهم”، تقول مصادر متابعة لقضية “القرض الحسن”، مشيرة إلى أن هذه النتيجة جعلت هؤلاء يفكرون في كيفية إيذاء حزب الله، فكان التوجه نحو “القرض الحسن”.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “في الربع الأخير من العام 2020 تقرر استهداف مؤسسة “القرض الحسن” عبر التصويب الإعلامي عليها وتصويرها إحدى أسباب الإنهيار المالي في لبنان، وبالفعل لم تتأخر وسائل إعلام محلية في تنفيذ المخطط، ولحقتها وسائل إعلام عربية وصحف ومن ثم ناشطين وسياسيين”، مشيرة إلى أن قرار قيادة الحزب في البداية كان “تجاهل” التقارير والأحاديث التي تتناول هذا الملف، على اعتبار أن الرد عليها سيعطيها قيمة مضافة، ولكن مع تطور الإستهداف كان لا بد من الرد، خصوصاً بعد عملية الإختراق التي حصلت، والتي كانت بجزء منها عملية دس للمعلومات، خاصة بما يتعلق بعلاقة “القرض الحسن” بالمصارف اللبنانية.
الإفلاس وهم
ترى المصادر أن الحديث عن إفلاس المؤسسة ليس جديداً، وهو يندرج ضمن نفس سياق الحملة التي أشرنا إليها سابقاً، مشيرة إلى أن البعض اتّهم المؤسسة بتبييض الأموال، والبعض اتهمها بتهريب الأموال، واليوم يتحدث نفس هذا “البعض” عن إفلاس المؤسسة، وذلك من أجل ضرب الثقة الموجودة بين المودعين والجمعية، مشدّدة على أن هذا الهدف لن ينجح لأن العلاقة بين المؤسسة والمودعين والمستثمرين مبنية على رؤية مشتركة، لا مصلحة مشتركة، وهدف مشترك يتعلق بلبنان واللبنانيين، لا مصالح خاصة، وهذا ما لم يدركه بعد من يحاول “تشويه” صورة جمعية القرض الحسن.
وتؤكد المصادر أن الجمعية ماضية في عملها رغم الصعوبات، والإفلاس مجرد وهم، وهي مستعدة لمواجهة هذه “الحرب” الجديدة بوجهها، كما واجهت سابقاً منذ انطلاقتها شتّى أنواع الحروب، وكما ستواجه بالمستقبل.
السيد نصر الله: لدعم الجمعية
في إطلالته التلفزيونية الأخيرة شدد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله على متانة هذه الجمعية وقدرتها على مواجهة ما تتعرض له من هجمات، مشيراً إلى أن هذه الجمعية لا تمول حزب الله بل العكس تماماً، فإن الحزب يقدّم لها الدعم عندما تحتاجه، معتبراً أن ما تواجهه يأتي نتيجة “تقارير” داخلية تُرسل للأميركيين تتحدث عن أهميتها في تمويل حزب الله، كاشفاً أن وسائل إعلام محلية قبضت الأموال لأجل فتح ملف “القرض الحسن”.
ودعا السيد نصر الله بيئة حزب الله إلى وضع الأموال التي تملكها في منازلها، في القرض الحسن، لتقوية الجمعية وتمكينها من تقديم القروض إلى عدد أكبر من اللبنانيين، بغض النظر عن انتمائهم الطائفي والمناطقي والحزبي.
محمد علوش