مجتمع

ليلة رأسة السنة الدموية… الرصاص الطائش يوقع قتلى وجرحى وخسائر

لم تفلح تحذيرات قوى الأمن الداخلي والمناشير التوعوية والحملات الإعلانية التي أقامتها الجمعيّات المدنية والكشفية عن ثني المتهوّرين والمغفّلين عن إطلاق الرّصاص في الهواء ابتهاجًا برحيل سنة 2020، إذ اشتعلت سماء لبنان من شماله حتى جنوبه بالرّصاص الحي، من رشّاشات خفيفة ومتوسطة.

هذه الهمروجة الجنونية واللّاأخلاقية لم تأتِ سليمة، فكالعادة سقطت ضحيّة من التابعية السورية في بلدة الطيبة – بعلبك وجُرح آخرون في عدّة مناطق لبنانية، كذلك أفادة مصادر صحفية عن إصابة ثلاث طائرات تابعة لشركة  طيران الشرق الأوسط كانت متوقفة في مطار بيروت، وعملت فرق الهندسة على الكشف عليها، والتأكّد من سلامة باقي الطائرات قبل إقلاعها، كما نشر ناشطون على مواقع التّواصل الاجتماعي الأضرار التي لحقت بمنازل المواطنين وسياراتهم وممتلكاتهم جرّاء إطلاق الرصاص.

هذه السّلوكية البشعة عمرها آلاف السنين منذ أن كان الإنسان وثنيًا، إذ كان يعبّر عن أفراحه عن طريق القرقعة وفق ما أشار المستشار في الأمن الإنساني فادي أبي علّام في حديث خاص لأحوال، والذي أَسِفَ للمشهد الموجع الذي شهدته المناطق اللّبنانية إذ لم يمر على سلامة، وترافق معه سقوط ضحايا وأضرار كثيرة، فالرصاصة التي تُطلق في الهواء تعود وتنزل على المواطنين وممتلكاتهم وتسبّب أضرارًا وحرائق وغيرها.

ظاهرة إطلاق الرصاص في المناسبات هي سلوكية بشعة في ألطف توصيف لها، ولكن التخلّص منها ليس بالأمر السهل، إذ يحكمها أمران القانون أوّلًا، والعادات والتقاليد ثانيًا. “جرت محاولة ضبط هذه الظاهرة عبر القانون من المجتمع الرّسمي والمدني لكن هذا ليس كافيًا لأنّه يبقى هناك شقّ العادات والتّقاليد التي يجري العمل على تغييرها، وهذا أمرٌ بحاجة إلى وقت لأن السّلوكية لا تتغير بين ليلة وضحاها.” بحسب أبي علّام.

تعكس هذه العادة صورة غير حضارية عن المجتمع، وكثير من المؤسّسات والمرجعيات التي تعدّ نفسها مرجعًا أخفقت في إبطال هذه العادة المؤذية، “كلّ الجهود التي بُذلت في هذا الصدد غير كافية ولم تجدِ نفعًا، يجب العمل على تفعيل العقوبات التي تطال مطلقي النار، بالتنسيق مع القيادات المحلية والبلديات لتقوم بالإجراءات الوقائية:.

وحول تحميل النّاشطين المسؤولية للدّولة، أكّد أبي علّام أن المسؤولية تقع على الجميع دون استثناء، فالمواطن يجب أن يكون مسؤولاً، والمسؤول يجب أن يكون لديه حسّ المواطنة، وهذا التّفاعل بين الجهتين يعزّز هذه المسؤولية، وأثنى على تفاعل الجمعيّات والمؤسّسات مع هذه الظّاهرة من خلال الحملات الإعلانية، للتحذير من خطورة إطلاق الرّصاص، وأكدّ ضرورة إكمال هذه الجهود مع الوسائل الإعلامية للوصول إلى كلّ المواطنين وخلق وعي لديهم.

إطلاق الرّصاص في الأفراح والأتراح أمرٌ ينم عن تخلّف الفاعل، والمسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن قبل الدولة، لأنّه معنٍ بالإقلاع عن هذه العادة السّيئة، ولأنه كما يقول “عادل” في مسلسل ضيعة ضايعة في جملته الشهيرة “إذا كان المواطن حمار 37 حكومة ما بتعمل منه بني آدماً”.

 

منير قبلان

 

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى