عن صرخاتٍ مجبولة بالدموع في وجه قرارات “المحكمة الجعفرية”
“من طابق إلى طابق” هو شعار الاعتصام الذي نفّذته الناشطات النسويات، صباح اليوم، بتنظيم من حملة “رفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية”، وعلى رأسها الناشطة “زينة ابراهيم”.
تقف “عبير خشّاب” أمام المحكمة الجعفرية في اليونيسكو، تُطلق صرخاتها المجبولة بالدموع، مُندّدة بحكم القاضي الجعفري “بشير مرتضى” الذي قرّر بـ “شحطة قلم” أن يحرمها من ولدَيها ويعطي الحضانة لوالدهم السفير السابق في أبيدجان، حسن نجم، ما يعني تلقائيًا أن الأولاد سينتقلون إلى أفريقيا بعيدًا عن حضن والدتهم.
اللافت بالحكم، هو أن القاضي مرتضى تذرّع في قراره بأن والد الأطفال ذو “شأن اجتماعي عالٍ، وهي “عجيبة” جديدة في أحكام المحكمة الجعفرية، إذ أن الأمر لم يقف عند هذه النقطة فحسب، بل إن القاضي حدّد سن الحضانة تبعًا للتقويم الهجري وليس الميلادي كما هو مُتّبع في سائر القضايا.
خلال الاعتصام، صرخت الأمهات وساندن “عبير خشاب” وطالبن القاضي مرتضى بالتراجع عن قراره، كما حاولن مرارًا الصعود إلى مبنى “المحكمة الجعفرية العليا” ومقابلة القاضي بشير مرتضى ورئيس المحكمة محمد كنعان، إلا أن القوى الأمنية وقفت حاجزًا أمامهن ومنعتهنّ من الدخول.
الجدير بالذكر أنه وبعد انتهاء الدوام الرسمي، التقى قاضي التفتيش في المحكمة الجعفرية، حسن الشامي، النساء المجتمعات أمام مبنى المحكمة، وأكّد لهن أنّه ينظر في قضية الطعن التي قدمتها خشاب وسيصدر القرار خلال أيام قليلة، واعدًا بحكم عادل للطرفين، إلا أنه أوضح أن إبطال قرار القاضي مرتضى هو من حق المحكمة العليا، في حين أن كل ما يمكنه فعله بحق زميله مرتضى، هو “اتخاذ قرار تأديبي”.
الطعن الذي قدمته “عبير خشاب” يتضمّن 6 مؤاخذات، أبرزها جملة “ذو شأن اجتماعي” التي يستند إليها القرار القضائي، وكذلك اعتماد مبدأ التقويم الهجري في تحديد سن الحضانة، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار العلاقة الحزبية التي تجمع القاضي مرتضى بوالد الاطفال السفير نجم، ما يعني أن الحكم القضائي الذي صدر عن مرتضى هو حكم “متحيّز” وغير عادل.
في المقابل، فإن ما تتخوّف منه خشاب هو تنفيذ قرار القاضي مرتضى “قسرًا” وحرمانها من أطفالها قبل البت بالطعن، خصوصًا أنه وبحسب الحكم الصادر، ففي حال امتنعت خشاب عن تسليم أطفالها للقوى الأمنية، فالحكم سيُنفّذ بالقوّة مع التهديد بالسجن، في حين يستبعد القاضي الشامي تنفيذ القرار بالقوة بخلاف رغبة الأطفال.
شاركت في الاعتصام مجموعة نساء، منهن من عاشت “الوجع” ذاته، حيث تروي خلود، وهي إحدى النساء المهددة بخسارة حضانة ابنتها التي تبلغ من العمر 4 سنوات، لـ”أحوال” أن المحكمة الجعفرية أصدرت قرارًا سمحت لها بحضانة ابنتها حتى سن السابعة لتنتقل بعدها إلى والدها، مشيرة إلى “مشوار طويل” تخوضه في دهاليز المحكمة الجعفرية مع زوجها الذي يرفض أن يطلقها.
إلى جانب خلود، تقف مريم التي كسبت حضانة ابنها منذ 5 سنوات بعد تنازلها عن كامل حقوقها، “بدءًا من المؤخر وصولًا إلى نفقة الطفل”، إلا أنها تعتبر أن أي قضية تحرم “الأم” من حضانة أولادها، باتت تمسّها وتذكّرها برحلتها الطويلة والموجعة التي عاشتها في أروقة المحكمة سابقًا، حيث كانت بعيدة عن طفلها الذي كان حينها في السادسة من عمره.
هو ليس “الفصل الوحيد” في كتاب المحكمة الجعفرية في ما يتعلّق بقضايا حضانة الأطفال ومنع الأمهات منهن، حيث باتت التجاوزات “فاضحة” بشأن القرارات القضائية “المجحفة” بحق المرأة، فإلى متى ستستمر معاناة الأمهات للحصول على حضانة أطفالهن؟
إيمان العبد