“إبراهيم العلبي في “وسط البلد”: حينما يتحوّل المندوب إلى نجم “ستاند أب كوميدي”

في حلقة لا تُنسى من برنامج “وسط البلد”، ظهر إبراهيم العلبي، المبعوث الجديد للجولاني، ليقدّم عرضًا دبلوماسيًا لا يقلّ إثارة عن عروض السيرك، لكن من دون بهلوانات… لأن البهلوان كان هو.
منذ اللحظة الأولى، بدا العلبي وكأنه خرج لتوّه من دورة تدريبية في “كيف تصبح دبلوماسيًا في 10 أيام”، وهو يوزّع المصطلحات القانونية كما يوزّع بائع البليلة بضاعته في ساحة الأمويين: “الشرعية الدولية”، “السيادة”، “العدالة الانتقالية”، وكأننا في مؤتمر جنيف .
الفقرة الذهبية؟ حين قال إن هيئة تحرير الشام “تسعى للاندماج في المجتمع الدولي”. نعم، الهيئة التي كانت حتى الأمس القريب ترفض الاعتراف بالأمم المتحدة وتعتبرها “طاغوتًا”، باتت اليوم تحلم بمقعد في مجلس الأمن… وربما تطمح لرئاسة لجنة حقوق الإنسان أيضًا، من يدري!
ثم جاءت اللحظة التي كادت أن تُسقط المايكروفون من يد المذيع، حين تحدث العلبي عن “احترام حقوق الأقليات”. لا نعلم إن كان يقصد الأقليات التي ارتكبت بها الحكومة المؤقتة مجازر في الساحل، أم تلك التي لا تزال منازلها وشهدائها في قرى الريف الغربي لمحافظة السويداء .
لكن الذروة الحقيقية للمقابلة كانت عندما قال، بكل ثقة وهدوء، أن ” استراتيجيتنا رفعت الكلفة على إسرائيل حتى اضطر نتنياهو لزيارة الجنوب السوري شخصياً.”. لحظة صمت تملأ الأستوديو. هل سمعنا ذلك بشكل صحيح؟ هل أصبح الجولاني الآن ومهرجيه يحددون جدول أعمال رئيس وزراء إسرائيل؟ يبدو أن هيئة تحرير الشام لم تعد تكتفي بالسيطرة على الحكم في سورية، بل باتت تتحكم في سياسات الدول المجاورة! ربما في الحلقة القادمة سيخبرنا العلبي أنهم أجبروا البنتاغون على تغيير خططهم في المحيط الهادئ.
أما عن مظهره، فقد كان أقرب إلى محامٍ بريطاني ضلّ طريقه إلى الشرق الأوسط، ببدلته الأنيقة ولهجته الإنكليزية المصقولة التي تسللت إلى العربية كما تتسلل الشعرة إلى العجين. بدا وكأنه يقول: “أنا هنا لأشرح للعالم أن الجولاني ليس كما تظنون… إنه رجل قانون، فقط يفضّل الكلاشينكوف على القلم.”
في النهاية، خرجنا من المقابلة ونحن لا نعلم إن كنا شاهدنا حوارًا سياسيًا، أم حلقة تجريبية من برنامج “ستاند أب دبلوماسي”. لكن ما نعلمه جيدًا هو أن إبراهيم العلبي، بظهوره هذا، أثبت أن السياسة في سوريا لم تعد فن الممكن… بل فن التهريج المنمّق.



