سياسة

الجمهورية: فضيحة «بخ السمّ» تتفاعل

صحيفة "الجمهورية"

معاناة لبنان المزمنة أبطالها مجموعة من الفاسدين والمفسدين، وأمّا اليوم فتدحرج الأمر إلى معاناة من نوع آخر، أدهى وأصعب، أبطالها جوقة الفسّادين؛ لم يخطئ مَن قال يوماً إنّ الجانب الأكبر من المشكلات التي يعاني منها لبنان هو من صناعة الداخل، ولم يبالغ أو يعتدِ بقوله هذا على الواقع اللبناني، أو يفترِ على الحقيقة أو يُسئ لمكوّنات البلد، بل هو أصاب عين الحقيقة الجارحة والمستفزّة لكلّ لبناني، التي ظهّرت فئة داخلية معادية للبلد مبتدؤها وخبرها الإستثمار على دماره وخرابه وهزّ أركانه وزعزعة استقراره والعبث بوحدة وعيش أبنائه، ولاؤها فقط لأنانية حاقدة تنحدر بها من خطيئة إلى خطيئة، وآخر انحداراتها تحريض الخارج على الداخل، التي تجلّت في «فضيحة بخ السمّ»، التي كشفها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.

نميمة رخيصة
هذه الفضيحة تفاعلت بشكل كبير في كل الأوساط السياسية، وجرت اتصالات على غير صعيد تقاطعت عند استنكارها وإدانتها، وأدرجها مرجع كبير في «قمّة الوضاعة»، وقال لـ«الجمهورية»: «هذه الفضيحة – الخطيئة، لا ينبغي أن تمرّ مرور الكرام».
وأكّد «إنّنا لم نبلغ مثل هذا القرف من قبل، ومثل هذا التشويه للقِيَم ولكل شيء، من قِبل مجموعة لم تترك لما تُسمّيها السيادة مطرحاً، فجنّدت نفسها ضدّ بلدها، في مسار تحريضي، ونميمة رخيصة لا تستثني مستوى فيه أكان سياسياً أو غير سياسي، وعلى ما هو واضح، فإنّ الأميركيِّين ضاقوا ذرعاً بنميمتهم واختلاقاتهم، ففضحوهم وباتوا معروفين لدى الجميع، وبالأخص لدى فخامة الرئيس ومسؤولين رفيعين آخرين، بالأسماء والهويات ومكان الإقامة والإنتماء السياسي».
وفضّل المرجع عينه عدم ذكر أي اسم ممّن سمّاهم «الفسّادين» في الوقت الحالي، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّه قد لا يأتي وقت وتُكشَف فيه كل الأسماء، وخصوصاً أنّ «القصد السياسي وغير السياسي لهؤلاء من خلال ما وصفه رئيس الجمهورية بـ«بخّ السمّ»، بات معلوماً وبالتفصيل، وخصوصاً أنّ باب الأسرار قد فُتح على مصراعَيه، فضلاً عن أنّ أهم ما في هذه الفضيحة، ليس فشلها في تحقيق الغاية المتوخاة منها فحسب، بل في أنّها ظهّرت الصديق بصدق، وعرّت مُدّعي الصداقة الزائفة الذين يضعون البلد بصورة عامة وعهد الرئيس جوزاف عون بصورة خاصة ومركّزة على منصة التصويب والاستهداف، بالتوتير والتحريض والاختلاقات».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان «بخّ السمّ» فعلاً يعاقب عليه القانون، أوضح: «سمعتُ أحدهم يقول إنّ ما أقدم عليه هؤلاء، لجهة اللقاء بين لبنانيِّين مع أجانب والتحريض على غيرهم من اللبنانيِّين، ينطبق عليه ما يوصف بالتخابر مع دولة أجنبية».

إصطفافات حادة
سياسياً، يتحضّر المجلس النيابي لنقاش وشيك حول التعديلات المقترحة لقانون الإنتخابات النيابية، فيما لم يُعلَن بعد عن موعد إحالة الحكومة مشروع القانون المعجّل الذي يتضمّن مجموعة تعديلات على القانون الإنتخابي النافذ، إلى مجلس النواب.
وتؤشر الأجواء السابقة لهذا النقاش، إلى اصطفافات حادّة بين التباينات النيابية، في مواجهة اقتراحات يرمي كل طرف إلى فرضها على الطرف الآخر، فيما أكّد مسؤول رفيع لـ«الجمهورية»، أنّ «التعديلات ستُطرَح للنقاش، ولن نستبق ما قد ينتهي إليه هذا النقاش».
ورداً على سؤال أوضح: «هناك مَن يُروّج لتأجيل الإنتخابات النيابية، وهذا لن يحصل على الإطلاق، الإنتخابات ستجري وفي موعدها، وأكاد أجزم بأنّها ستجري وفق القانون الإنتخابي النافذ».

حراكات ولا إيجابيات
من جهة ثانية، وعلى رغم من كثرة الحراكات الخارجية في اتجاه لبنان في الآونة الأخيرة، إلّا أنّها تراوح ولا ترقى إلى محاولات جدّية فعلية في الفترة الحالية، لبلورة حلول أو تفاهمات تفضي إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي، وتُخرج لبنان من مدار الاحتمالات الحربية، وعلى ما يؤكّد مصدر سياسي رفيع مطلع على أجواء الحراكات، وآخرها الحراك الفرنسي الذي تجلّى بزيارة مستشارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت آن كلير لوجاندر، (التي التقت في الساعات الماضية مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي، حيث جرى بحث الخروقات الإسرائيلية وعدم التزام الجانب الإسرائيلي بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار)، فإنّها تتقاطع جميعها على الحاجة إلى حل سريع يؤمّن الأمن والاستقرار لكل الأطراف، ارتكازاً على قرار اتفاق وقف العمليات الحربية والقرار 1701.
وأضاف المصدر لـ«الجمهورية»: «إنّ ما يطرحه الموفدون الغربيّون، أمر مكرّر، وأكاد أقول إنّه مستنسخ بينهم جميعاً، بأنّ على الأطراف وقف التصعيد، والإلتزام باتفاق 27 تشرين الثاني، ويُحمّلون إسرائيل مسؤولية خرق هذا الإتفاق والإستمرار في عملياتها العدوانية ضدّ لبنان، إلّا أنّ أياً منهم لا يأتي بإشارة جدّية توحي بقدرة دولهم على إلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار ووقف اعتداءاتها، إذ في رأيهم أنّ هذا الأمر متروك للأميركيِّين، ولجنة «الميكانيزم» التي يرأسونها».
وبحسب المصدر، فإنّ خط التواصل مع الأميركيّين مفتوح بصورة دائمة وعلى أكثر من مستوى، وينتظر بحسب ما أبلغنا، أن نشهد حراكاً أميركياً متجدّداً وبصورة مكثفة مع وصول السفير الأميركي الجديد إلى بيروت».

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى