مجتمع

الأونروا تحذر من أسوأ أزمة في تاريخها

تعاني وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أزمة مالية حادة على إثر قطع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساهمة بلاده بالكامل في العام 2018. فما هي أبرز مخاوف المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني؟
تواجه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) أزمة مالية حادة قد تكون الأسوأ في تاريخها..
أمر قد يؤدي إلى “كارثة” في قطاع غزة ويزيد من “انعدام الاستقرار” في لبنان.
كان المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني قد أعلن الأسبوع الماضي، عن نقص في التمويل يقدّر بسبعين مليون دولار، ما يعرض قدرتها على دفع رواتب الموظفين كاملة في شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر، للخطر.
لازاريني أكد في تصريحات صحفية على أنّه “ليس من مصلحة أحد تعليق عمل المدارس وتعطل الخدمات الصحية (في غزة)، في الوقت الذي يصاب الناس فيه بالوباء”، مضيفاً أنها “ستكون كارثة كاملة”.
وأضاف في حوار مع قناة DW عربية إن “الوكالة لديها حالياً أقل الموارد المالية منذ سنوات، حتى أنها أقل من ميزانية 2018″، معرباً عن أمله الشديد في أن يتحسن الوضع المالي. وأكمل: “نقوم حالياً بكل ما في وسعنا للحفاظ على عمل الأونروا. ومع ذلك، إذا لم تصل الأموال التي نحتاجها، فهذا يعني أنه لم يعد بإمكاننا تقديم خدماتنا. ونحن نريد ألا نصل إلى هذا الموقف قدر الإمكان”.

اتهامات بالفساد في الوكالة
الجدير بالذكر أنّ لازاريني عُيّن في منصبه في آذار/مارس الماضي، بعدما اضطر سلفه إلى الاستقالة أواخر العام الماضي بسبب اتهامات بسوء الإدارة دفعت المانحين الرئيسيين إلى وقف دعمهم.
وفي هذا السياق قال لازريني لـ DW عربية إن هذا الأمر قد انتهى، “فهناك الآن إدارة جديدة وتم إنشاء العديد من الجهات الرقابية، كما تأسست عدة مبادرات لضمان الشفافية من الآن فصاعدًا”.
ويؤثر نقص التمويل الحاصل على 28 ألف موظف معظمهم من اللّاجئين، في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقطاع غزة ولبنان والأردن. لكن عوامل عدة تزيد الوضع خطورة في قطاع غزة حيث يعيش مليونا شخص، مع معدلات بطالة تزيد عن 50 في المئة وخفض السلطات لرواتب الموظفين في القطاع العام بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.

“وضع مخيف”
لازاريني أكد لـ DW عربية أنّ نقص التمويل يتعلق بشكل أساسي بالتعليم المدرسي الذي توفره الوكالة لنصف مليون فتى وفتاة، بالإضافة إلى الرعاية الصحية وتأمين الطعام والتخفيف من عواقب وباء كورونا.
يذكر أن وكالة أونروا تأسست عام 1949، وهي تدير مدارس وتقدم خدمات صحية ومساعدات مالية لنحو 5,7 ملايين لاجئ فلسطيني. وتعتبر الأونروا الجهة الثانية المشغلة في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس، بعد السلطات المحلية، إذ يعمل معها نحو 13 ألف شخص.
وأوضح لازاريني في تصريحات صحفية سابقة أن “هؤلاء السكان يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الدولية”، محذرا من أن تعليق برامج الوكالة يمكن أن يعود بالأثر الاقتصادي والأمني “المدمر”، معرباً عن مخاوفه من أن “يتكرر الأمر نفسه وبسهولة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”.
ويقيم أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، وبحسب المفوض العام فإن حقهم في العمل والتملك مقيد. ويواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، وارتفاع لمعدلات الفقر والبطالة.
وقال لازاريني إن الوضع “مخيف” في جميع أنحاء البلاد لكنه أسوأ في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، خصوصا وأن 80 إلى 90 في المئة منهم يعتمدون على الوكالة في الحصول على المساعدات، محذراً من أن تعليق برامج مساعدات الوكالة في لبنان قد يكون “مصدراً جديداً لانعدام الاستقرار”.
وقال لازاريني “نحن في وقت يتوقع فيه الناس أن تقدم الأونروا المزيد”، لكنها “تواجه في هذا الوقت أسوأ أزمة مالية في تاريخها”.

تأثيرات “ترامب”.. وآمال معلقة على بايدن
وتفاقمت المشاكل المالية للوكالة بعدما قطع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساهمة الولايات المتحدة للأونروا بالكامل في العام 2018. وكانت واشنطن قبل ذلك، تقدم أكثر من 300 مليون دولار سنوياً، أي تقريبا ثلث الميزانية السنوية الأساسية للوكالة.
وفي العام الماضي، تمكنت حوالى 40 دولة من سد الفجوة، قبل أن تتضاءل المساهمات لاحقاً وخصوصا بعد انتشار فيروس كورونا الذي ألحق خسائر مالية بالدول المانحة.
ويعلق بعض الفلسطينيين والعاملين في المجال الإنساني آمالهم على الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لإعادة ضخ الأموال في خزائن الأونروا.
ورداً على سؤال لـ DW عربية بشأن احتمال تغير الأوضاع مع تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة، قال لازاريني: “يحدونا أمل كبير في أن تجدد الإدارة الأمريكية الجديدة الشراكة طويلة الأمد مع الأونروا، حيث سيساعدنا هذا كثيراً على الارتقاء إلى مستوى مسؤوليتنا”.
وأكد المفوض العام للوكالة في تصريحات صحفية أن “كل الرسائل تشير إلى أنه ستكون هناك رغبة في استعادة الشراكة طويلة الأمد بين الإدارة الأمريكية والأنروا”. ولكن ثمة حاجة إلى مناقشة كيف ومتى يمكن أن يترجم هذا إلى إجراءات ملموسة، بمجرد تولي الإدارة الأمريكية المقبلة.
ونفى لازاريني الاتهامات الموجهة للأونروا بأن عملها يعني إبقاء اللاجئين في وضع اللاجئ إلى الأبد، وقال لــ DW عربية “إن هذا أمر خاطئ. فالقانون الدولي يعرف اللاجئين الفلسطينيين بأنهم لاجئين بالفعل وليس وضع أو عمل الوكالة هو يحدد هذا الوضع. علاوة على ذلك، لا يوجد حتى الآن حل سياسي للمشكلة. نحن كأونروا نعمل ضمن الإطار القانوني والسياسي”.
وستحاول الوكالة حتى كانون الثاني/يناير، حث المانحين المنهكين على تغطية النقص حتى نهاية العام الحالي.

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى