مجتمع

هل يحلّ نظامُ التتبّع الجديد لغزَ تبخّرِ الدّواء في لبنان؟

في ظلِّ زحمةِ الملفّات التي تلقي بظلالِها على حياةِ اللّبنانيين وتزيدُها ظلمةً، حجزَ ملفُّ الدّواءِ لنفسِه حصّةً وازنةً من أسهمِ الأزمةِ. الحديثُ عن وقفِ الدّعمِ أعقبَه انقطاعُ أدويةٍ معينةٍ تسبب به التهريبُ إلى الخارجِ والاحتفاظُ بكمياتٍ منها لدى الوكلاءِ وفي المستودعاتِ، ناهيكَ عن تهافتِ المواطنينَ إلى شرائها وتكديسِها في البيوت.

في إطارِ مكافحةِ التهريبِ ووضعِ حدٍّ لاحتكارِ الأدويةِ وتخزينِ كمياتٍ كبيرةٍ، والأهم ترشيد دعمِ الدّواء، أطلقت وزارةُ الصّحةِ نظامَ تتبّعِ الأدويةِ Medi Track عبر الباركود الثنائي الأبعاد الذي يسمحُ بمراقبةِ مسارِ الدواءِ ضمنَ سلسلةِ التوّريد.

مديرةُ برنامجِ الصّحةِ الإلكترونيةِ في وزارةِ الصحةِ العامة لينا ابو مراد توضحُ لـ “أحوال” أن نظامَ التتبّعِ الإلكترونيِّ الجديدَ يصلُ، على مراحل، كلَّ المؤسساتِ الصيدلانيةِ في لبنان من مصانعَ ومستودعاتٍ ومستوردي أدويةٍ وموزعين وصيدلياتٍ داخلَ المستشفياتِ وخارجَها وبالطبع وزارة الصحة بما يتيحُ تعقّبَ حركةِ الدّواءِ في السوقِ اللّبنانية. التعقّبُ يتمُّ من خلال قيامِ كلٍّ من المؤسساتِ الصّيدلانيةِ بإدخالِ البياناتِ المتعلّقةِ بحركةِ الدواءِ التي تمّت عبرَها إلى النّظام. فمثلًا، المستوردُ سيقومُ بإدخالِ الأدويةِ التي استوردَها وكمياتِها إلى نظامِ التّتبّع، وعند توزيعِها على الصيدلياتِ والمستشفياتِ والموزّعين، ستُدخلُ كلُّ جهةٍ بياناتِ الأدويةِ التي استلمتها ومن ثمَّ لِمَن سلّمتها بدورِها، أي أنَّ حركةَ الدواءِ من الاستيرادِ أو التّصنيعِ حتى الاستهلاكِ من قِبلِ المواطنِ سيتمُ تسجيلُها ومراقبتُها أو بمعنى آخر سيكون “ع المكشوف”.

وتشيرُ أبو مراد إلى أن المرحلةَ الأولى من هذا المشروعِ تمَّت، بينما يتمُّ العملُ حاليًا على التّحضيرِ للمرحلةِ الثانيةِ لتُنجزَ في أواخر عام 2021، وهي تشكّلُ الحلقةَ الأخيرةَ من السّلسلةِ أي عندما يُباعُ الدّواء في الصّيدليّاتِ للمواطنين، إذ سيُعطى الصّيادلةُ فترةً محدّدةً لتحضيرِ المعدّاتِ الإلكترونيّةِ اللّازمةِ من حواسيبَ وانترنت وBarcode Reader وغيرِها لتطبيقِ هذا النّظامِ في صيدليّاتِهم. أمّا المرحلةُ التي ستليها، فهي تلكَ التي ستربطُ مصانعَ الدّواءِ المحلّيةَ بنظامِ التّتبّعِ بعد ما يقاربُ عامًا من إتمامِ سابقتِها.

أمّا عن جدوى استخدامِه، فتؤكّدُ أبو مراد أنَّه يهدفُ الى تطويرِ نظامِ مراقبةِ جودةِ استخدامِ الأدويةِ وترشيدِها، والحفاظِ على السلسلةِ المتكاملةِ لتأمينِ الدواءِ للمواطنِ، فمِن خلالِه سنعرفُ أين تذهبُ الأدويةُ، ولا سيما تلكَ التي تدخلُ بكمّياتٍ كبيرةٍ إلى لبنان، ومن ثمّ تنقطع من الأسواقِ. وعبرَ القدرةِ على مراقبةِ حركةِ الّدواءِ التي يمنحُها لوزارةِ الصّحة، لن يستطيعَ صيدلانيٌ أن يبيعَ كميةً كبيرةً من دواءٍ محدّدٍ لمواطنٍ واحدٍ ويمنعَها عن آخر، ولن يستطيعَ موزّعٌ أو وكيلٌ أن يخزّنَها في المستودعاتِ لفتراتٍ طويلةٍ ولغاياتٍ معينةٍ ويحرمَ السّوق منها. كما سيسمحُ بترشيدِ دعمِ الأدويةِ من خلالِ التّركيز على حركةِ الأدويةِ المدعومةِ في السّوق، وسيساعدُ على ضبطِ الأدويةِ المهرّبةِ والمزوّرةِ.

المنهجيةُ الميدانيةُ في تتبّعِ الدّواءِ ستستمرُ، إذ ستكونُ الأداةُ الإلكترونيةُ الجديدةُ مكمّلةً للجهدِ الميدانيّ، وستسمحُ بوضعِ اليدِّ على مكمنِ الخللِ على الأرضِ بشكلٍ أسرع وأدقّ.

بالإضافةِ إلى كلِّ ما سبقَ، تلفتُ أبو مراد إلى أن هذا النّظامَ سيشملُ أيضًا الجهاتِ الضّامنةَ في لبنان كتعاونيةِ موظفي الدّولة وصناديقِ التّعاضد المستقلّةِ والصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعي وغيرها، مما سيسرّعُ إنجازَ المعاملاتِ. فعندما يشتري مواطنٌ يستفيدُ مثلًا من خدمةِ الضّمان الاجتماعي دواءً من صيدليةٍ فعّلت نظامَ التّتبّع، سيتبّلغُ صندوقُ الضّمان مباشرةً بذلك، ممّا سيخفّف من الإجراءاتِ والمستنداتِ المطلوبةِ لإنجازِ المُعاملاتِ.

كلُّ ما تقدّمَ يُظهرُ أن هذا النّظام الإلكترونيّ الجديد، في حالِ طُبّق كما يَجب، سيشكّلُ قفزةً نوعيّةً في أداءِ وزارةِ الصّحة في ملفِّ الدّواءِ تحديدًا، كما أنّه سيكونُ بمثابةٍ حلٍّ جذريٍّ للغزِ تبخّر الدّواء، ولكن كما دائمًا، العبرةُ في التّنفيذ.

 

آلاء ترشيشي

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى