سياسة

تصعيد خطير.. قراءة في تطورات الموقف الإقليمي وآفاقه

تشهد الساحة الإقليمية حالة من التصعيد غير المسبوق ، تجلت من خلال خطابات متقاربة من قادة فاعلين. فقد جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والمسؤول الأمريكي البارز، توماس براك، لتؤكد على نية مواجهة “محور المقاومة”، مع التركيز على لبنان وإيران. وأكد براك على أن “حزب الله” لن يتخلى عن سلاحه، معتبراً أن الجيش اللبناني، رغم تنظيمه، يفتقر إلى القدرات الفعلية، كما انتقد أداء الحكومة اللبنانية واتهمها بالمماطلة.

من جهته، ربط نتنياهو الأهداف الإستراتيجية للحرب بالعام العبري الجديد، مشيراً إلى أن هذا العام سيشهد “سيادة إسرائيل” وتحقيق أهدافها. هذا التوقيت يضيف بُعداً زمنياً ملحاً للأزمة، حيث بدأ العد التنازلي عملياً مع بداية هذا التقويم.

على الأرض ، أعلنت إسرائيل تعبئة عامة وحشدت قواتها على الحدود مع لبنان، في خطوة تُظهر جاهزية عسكرية عالية. وقد صنفت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لبنان وسورية وغزة كتهديدات هجومية، بينا تعتبر الضفة الغربية مسرحاً للعمليات الهجومية والدفاعية معاً.

تشير التحليلات إلى أن أي مواجهة محتملة قد تبدأ بحملة من الضربات الدقيقة والاستهدافات المحدودة، دون استثناء أي منطقة، وذلك لمنع إعادة تنظيم القوى المعادية لها . الأهداف المتوقعة تشمل البنى التحتية الحيوية، والمراكز العسكرية للجيش اللبناني، بالإضافة إلى معاقل حزب الله ومناطق نفوذه.

لا تقتصر التهديدات المتبادلة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية؛ فكلا الطرفين يتحدثان صراحة عن امتداد النزاع ليشمل إيران وحلفاءها في العراق واليمن. هنا يبرز سؤال محوري حول إستراتيجية التصعيد: هل ستكون المواجهة شاملة من البداية، أم ستتبع نهجاً تدريجياً يبدأ من أحد المسارح مثل لبنان أو العراق ثم يتوسع؟

في هذا الإطار، تبرز تصريحات مسؤولين إيرانيين، مثل وزير الدفاع الإيراني الذي هدد سابقاً بأن حرباً ثلاثة أيام كفيلة بإنهاء إسرائيل، بينما ادعى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنه منع تدمير إسرائيل. هذه التصريحات تعكس حسابات الردع التي يعلنها كل طرف.

ثمة تساؤلات حول مدى جاهزية إسرائيل لمواجهة تهديدات الصواريخ بعيدة المدى، خاصة مع ادعاءات إعلامية عن تطويرها دفاعات متطورة مثل أنظمة الليزر لتعزيز “القبة الحديدية”. إن نجحت في ذلك، فقد تغيرت المعادلة الأمنية بشكل جوهري، مما قد يفسر الثقة الظاهرة في الخطاب الإسرائيلي الحالي.

خلاصة استشرافية
لا يمكن فصل التصعيد الحالي عن سياق أوسع يعكس تنافساً إقليمياً عميقاً، حيث تتحدث الأطراف عن حرب “وجودية” ستحدد توازن القوى في المنطقة لسنوات قادمة. الوضع في لبنان يبدو الأكثر هشاشة، حيث تضعف قدرة الدولة على فرض السيطرة، مما يزيد من احتمالية تحولها إلى ساحة مواجهة رئيسية.
في الختام، فإن المؤشرات العسكرية والخطابية تنذر بمواجهة شاملة قد تكون الأكثر دموية منذ سنوات. نجاح أي من الطرفين – إسرائيل وتحالفها من جهة، وإيران ومحور المقاومة من جهة أخرى – مرهون بقدرته على إدارة حرب متعددة الجبهات وحساب تكاليفها الباهظة، التي ستدفعها الشعوب أولاً وأخيراً .

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى