شركات الترابة والمنتجعات الخاصة… تحالف ينهب مياه الكورة ويغرقها في العطش والتلوّث
جهاد نافع - الديار

لم يكن إعلان جمعية مزارعي الزيتون في الكورة عن قطع المياه في عدد من قرى المنطقة، خاصة عن أميون، بغية تحويلها إلى المجمعات السكنية والمنتجعات السياحية، سوى كشفٍ لفسادٍ مستشرٍ في إدارة شؤون المياه، وسوء توزيع، تفوح منها روائح رشاوى لتحويل المياه إلى شاليهات ومجمعات سكنية منتشرة على ساحل الكورة الطبيعي الممتد من الهري إلى أنفه.
تؤكد الجمعية المذكورة أن مئات آلاف الأمتار المكعبة من المياه تصب يومياً هدراً في البحر، وأن عدالة توزيع المياه غائبة من جهة، وسوء إدارتها من جهة أخرى، يوجبان التحقيق القضائي الجدي ومحاسبة المسؤولين عن هذا الفساد القاتل حسب وصف الجمعية، داعيةً إلى إنزال أشد العقوبات بحق المتورطين ليكونوا عبرةً لمن يعتبر.
ودعت إدارة الجمعية أهالي الكورة إلى الامتناع عن دفع رسوم اشتراكات المياه التي تُقطع عنهم في الصيف وتُلوّث في الشتاء.
وقالت إدارة الجمعية: “يكفي ظلماً وفساداً وتآمراً على أهل الكورة، ولن نسمح بأن يبقى أطفالنا وعائلاتنا وبيوتنا وقرانا تحت رحمة أشد الفاسدين فساداً وأسوأهم تآمراً على الحياة والإنسان وعلى طبيعة الكورة الخضراء”.
مصادر متابعة لملف المياه في الكورة لفتت إلى أن أزمة المياه في بلدة أميون والعديد من البلدات الكورانية، تكشف عن فضيحة رشاوى بين مسؤولين وموظفين من جهة، ومن جهة ثانية أصحاب مجمعات سكنية ومنتجعات سياحية تحتل أملاكاً عامة، أُنشئت في زمن التفلت وبغطاء سياسي، نتج عنه احتلال غالبية الشاطئ الشمالي، لا سيما شاطئ الكورة.
ولا تخفي المصادر شكوكا حول احتمال أن تكون هذه المجمعات، ومن بينها شركات الترابة في شكا والهري، تسحب مياه نبع الجرادي وتحولها إلى المنتجعات والشركات، وبالتالي بيعها للأثرياء الذين تحتوي قصورهم على مسابح ومساحات خضراء من الأعشاب والمزروعات المتنوعة.
وتكشف المصادر أن مياه نبع الجرادي وحده بإمكانها أن تسقي الكورة والشمال، لكن هذه المياه الجوفية العذبة يصب منها نصف مليون متر مكعب أواخر الصيف، و3 ملايين متر مكعب في فصل الشتاء، وتسحب منها شركات الترابة كميات كبيرة عبر أنابيب عرضها متر، تنقلها إلى مصنع الأسمدة في سلعاتا التابع لأصحاب شركات الترابة، في وقت يشكو فيه أبناء الكورة الظمأ، حيث يتكبدون يومياً شراء الصهاريج، ويرزحون تحت أعباء نفقات تُضاف إلى رسوم اشتراك في شبكة المياه البالغة 200 دولار، والتي بالكاد تصل إلى منازلهم بمعدل كل ثلاثة أيام، ولمدة 3 ساعات لكل حي منفرد في أميون وبصرما ودار بعشتار وكفرحزير.
أما المناطق المحظية، فتصلها المياه 24 ساعة كل ثلاثة أيام كخط عابا – دير سيدة بصرما ومنتجعات جعارة ومسابحها.
ويشير مطلعون على الملف إلى أنه يُفترض خلو خط أميون من كوسبا من أية تحويلات، غير أن هناك تحويلات إلى بعض أحياء كفرعقا وكفرصارون مستجدة منذ سنوات.
أما محطة ضخ المياه من نبع بشمزين لتزويد أميون، والتي تعمل بالطاقة الشمسية، وتبرع بها أحد الفاعليات، فلا تُشغّل إلا حين يكون الطقس مناسباً.
أحد المراجع الكورانية أعرب عن اعتقاده أن الفساد يسود إدارة شؤون المياه، وضَمّ صوته إلى صوت جمعية مزارعي الزيتون، داعياً المراجع المختصة إلى فتح ملف بيع المياه إلى منتجعات ومجمعات سكنية محمية بالغطاء السياسي، وحرمان بلدات كورانية من المياه، التي باتت تشكل أزمة خانقة تُضاف إلى أزمات شركات الترابة وما تسببه من تلوث بيئي، ووضع يدها على نبع الجرادي الذي تُسحب مياهه إلى مصانع في سلعاتا، وما تبقى يُصاب بتلوث الشركات.