مجتمع

“طريق الموت” في زحلة تفتك بأرواح شبابها.. والمعنيون في “غيبوبة”

النائب سيزار معلوف لـ"أحوال": تواصلتُ مع بلدية زحلة وعرضت بناء جسر للمشاة على حسابي الخاص فرفضت البلدية الطرح واضعة شروطًا تعجيزية

أصبحت أخبار حوادث السير جزءًا لا يتجزأ من حياة اللبنانيين اليومية، فلا يكاد يمر يومًا دون أن نسمع بوفاة أو سقوط جرحى في حوادث السير على طرقات لبنان “غير الآمنة”، والتي باتت تشكّل خطرًا حقيقيًا على حياة المواطنين، لا بل تحوّلت إلى أسرع تأشيرة للموت!

تفتقر طرقات لبنان إلى أبسط شروط السلامة المرورية، وسط غياب الإنارة وإشارات السير، إلى جانب كثرة الحفر ورداءة أعمال التأهيل والتعبيد، وفي معظم الأحيان غياب “جسور المشاة” لحماية المواطنين من خطر “قطع الأوتوستراد”.

“أوتوستراد زحلة”، الممتد على مسافة 55 كلومترًا والموجود بمحاذاة المؤسسات الخاصة والعامة وإحدى فروع الجامعة اللبنانية، يُعتبر من الطرقات الأكثر خطورة في لبنان والذي سجّل أعلى نسب حوادث السير في منطقة البقاع؛ فالأوتوستراد غير مجهز، ويفتقر إلى إشارات المرور وتحديدًا تلك التي تحدّد السرعة القصوى للسيارات. ونظرًا لغياب “جسرٍ للمشاة” على هذا الأوتوستراد، يترتّب على طلاب الجامعة اللبنانية اجتياز الطريق السريع سيرًا على الأقدام، ما يسفر كل عام عن سقوط عدد من الضحايا، بينما لا يحرّك المعنيون ساكنًا.

آخر ضحايا “طريق الموت”، بحسب جمعية “يازا”، هي الطالبة في الجامعة اللبنانية “إسراء أيوب”، التي تعرّضت لحادث صدم بعد خروجها من مبنى الجامعة حيث كانت تدفع رسوم التسجيل المتوجبة عليها، لتفارق الحياة على الفور.

“حياة الطلاب في خطر والدولة في غيبوبة”

تقول ماريا نصار، وهي طالبة في كلية الحقوق بالجامعة اللبنانية، في حديث لـ”أحوال”: “منذ اليوم الأول لي في الجامعة، وأنا أسمع العديد من الأخبار حول طلاب قُتلوا بحوادث صدم على أوتوستراد زحلة”، لافتة إلى أن عدد القتلى تجاوز الـ13 طالبًا منذ عام 2014 حتى اليوم.

وتضيف نصار: “منذ حوالي الشهرين، فقدت الجامعة إحدى طالباتها في حادث صدم على الأوتوستراد عينه، ليتكرّر السيناريو منذ بضعة أيام، حيث توفيت الشابة “إسراء” وهي طالبة كانت تخطط للبدء بسنتها الدراسية الأولى في الجامعة، فمنعها القدر و”طريق الموت” من تحقيق طموحها”.

هذا وكان طلاب الجامعة اللبنانية قاموا بتحرّكات عديدة ونظّموا مظاهرات واحتجاجات، كما أقفلوا أوتوستراد زحلة عدة مرات مطالبين المعنيين ببناء جسر للمشاة، إلا أن “لا حياة لمن تنادي”، بحسب نصّار التي أضافت: “رفعنا أيضًا عريضة إلى رئيس البلدية “أسعد زغيب” منذ حوالي الـ3 سنوات، لكنّه قال إن الموضوع ليس بيده بل من اختصاص وزارة الأشغال، ووعدنا بالتواصل مع المعنيين في الوزارة ولكن دون فائدة”.

من هنا، تتابع الطالبة ماريا نصار: “منذ حوالي الشهرين، وبعد وفاة إحدى الطالبات بحادث صدم على الأوتوستراد، وعد النائب سيزار معلوف أهالي المنطقة ببناء جسر للمشاة وعلى نفقته الخاصة، ونحن مازلنا بانتظاره للوفاء وعده لأن الوضع لم يعد يحتمل، فحياة الطلاب على المحك، في حين أن الدولة في غيبوبة”.

سيزار معلوف “بين هالك ومالك وقبّاض الأرواح”!

بدوره، قال النائب سيزار معلوف في حديث لـ”أحوال”: “تواصلت مع بلدية زحلة وعرضت بناء جسر للمشاة على حسابي الخاص، فرفضت البلدية الطرح واضعة شروطًا تعجيزية، كما أنها حوّلت الملف إلى مجلس الإنماء والإعمار، الذي بدوره حوله إلى وزارة الأشغال، لتعيد الأخيرة وتحوّله إلى البلدية التي كانت قد قالت للطلاب إن الأمر ليس من اختصاصها، لكنها عدلت عن ذلك وقالت إنها تملك خطّة معينة للطريق وستنفذّها قريبًا، ولكن لم يحدث أي تغيير حتى الآن”.

وفي السياق، يوضح معلوف: “صحيح أنني نائب منطقة زحلة، لكنني أحتاج إلى إذن من المعنيين للمباشرة في المشروع، والوقت يمر ونحن نخسر المزيد من شبابنا وللأسف لا نجد أي تحرّك جدّي في هذا الخصوص”، مشيرًا إلى أنّ أحد المغتربين “الزحلاويين” تبرّع بتقديم 300 ألف دولار لتشييد 4 جسور للمشاة، إلا أن البلدية رفضت الأمر لأسباب مجهولة.

رئيس البلدية لا يريد بناء جسر للمشاة من دون مصعد؟!

من جهته، يؤكد رئيس بلدية زحلة، أسعد زغيب، لـ”أحوال”، أنّ البلدية تواصلت مع وزراة الأشغال في هذا الخصوص لكن الأخيرة لم تستجب، مضيفًا: “قمنا بدراسة لتأهيل طريق زحلة، وتبيّن أن المشروع سيكلّف حوالي المليونين و200 ألف دولار، من دون الجسر، علمًا أنني أرفض فكرة بناء الجسر”.

من هنا، يسأل زغيب: “لماذا نبني جسرًا للمشاة بينما جميعنا يعلم أن لا أحد سيستخدمه؟”، مضيفًا: “إذا أردنا بناء الجسر، فيجب أن يضمن الحق في التنقل للمقعدين وللنساء الحوامل أيضًا، لذا يجب أن يترافق الجسر مع مصعد على جانبيه، وهو ما نسعى إليه”.

ويلفت رئيس البلدية إلى أن مجلس الوزراء أصدر قرارًا لتأهيل الطريق بمبلغ 8 مليون دولار، إلا أن التنفيذ لم يبدأ بعد، كاشفًا أن الجيش اللبناني تواصل مع البلدية وعرض المساعدة في مشروع الجسر، على أن يؤمّن المال من المؤسسات المانحة، “وهو على ما يبدو الأمل الأخير لحلّ مشكلة الحوادث على الطريق”، بحسب زغيب.

إذًا، بين بناء “جسر مع مصعد” وتأهيل الطريق وتأخّر وتقصير من قبل المعنيين في واجباتهم، يُترك المواطنون وطلاب الجامعات “رهينة الموت” على الطرقات.

باولا عطية

باولا عطية

كاتبة وصحافية لبنانية. تحمل شهادة الماجستير في الإعلام الاقتصادي والتنموي والإجازة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية. والإجازة في الصحافة والتواصل من جامعة الروح القدس الكسليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى