منوعات

الضغوط الفرنسية وسيناريوهات التشكيلة الحكومية

لم يتراجع الفرنسيون عن متابعتهم لملف تأليف الحكومة اللبنانية. ولا هم خفّفوا من اندفاعتهم تجاه بيروت، رغم أحداث باريس في الأيام القليلة الماضية. هم يمارسون ضغوطاً على القوى السياسية اللبنانية لدفعهم نحو الوصول إلى إتفاق مطلوب بتّه على خط بعبدا-بيت الوسط، قبل مجيء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بيروت. تسعى باريس أن تستقبل الحكومة اللبنانية الوليدة بعد أسبوعين رئيس فرنسا. لذا، لم يسترح الفرنسيون خلال تنفيذ مهمتهم القائمة بشأن تأليف حكومة لبنانية يريد أن يُظهرها الإليزيه إنجازاً للمبادرة الفرنسية الحيّة. لكن، ماذا لو بقي التأليف الحكومي عالقاً في زواريب المصالح اللبنانية؟ يتحرك رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بإتجاه بعبدا، حاملاً معه سيناريوهات متتالية بشأن التشكيلة الحكومية، لكنها تخضع لنقدِ وطلبِ رئيس الجمهورية ميشال عون إجراء تعديلات جوهرية قبل الموافقة عليها: المطلوب عملياً أن يحصل فريق رئيس الجمهورية وحده على “الثلث الضامن” من عدد مجلس الوزراء. هنا برزت أسئلة عن سرّ تصلب عون، بعدم قبوله إمتلاك الثلث المذكور مع حليفه “حزب الله”؟ هل يريد أن يكون مستقلاً عن اي ارتباط بحليف سياسي في حسابات الحكومة؟ الأهم، هل يقبل فريق رئيس الجمهورية المشاركة في حكومة لا وجود ولا دور مباشر او غير مباشر للحزب المذكور فيها؟ كلّها أسئلة عالقة، يعزّز من تمدّدها التزام المعنيين بالصمت إزاء مسار المحادثات الجارية بشأن التأليف الحكومي.

يُمكن الجزم أن الحريري يُظهر عملياً للفرنسيين أنه يحاول جاهداً الوصول الى حل، وأن الكرة باتت في ملعب رئاسة الجمهورية. علماً أن “الشيخ سعد” يسعى لتأليف حكومة أصيلة، رغم نصائح أُسديت له من مقربين: تفرّج بعيداً من دون ان تترأس حكومة لإدارة عملية الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي.

في حال وافق رئيس الجمهورية على أحد سيناريوهات الحريري، بعد الحديث عن طرح يباركه الفرنسيون، ويقضي بأن يقدّم عون أسماء عدة يختار منها الحريري الانسب، ستكون الولادة الحكومية ممكنة، لا بل قريبة. ما عدا ذلك، قد يتكرر مشهد اللقاءات من دون نتائج عملية، أو قد يقدّم الحريري تشكيلة غير قابلة للحياة الحكومية. عندها سيوحي الرئيس المكلّف أمام اللبنانيين والفرنسيين أنه ادى دوره كاملاً، ليدخل بعدها البلد في مسار مجهول، يُكثر من مساحات الهواجس الشعبية عما هو آت، بغياب حكومة أصيلة مسؤولة.

فلننتظر ما ستحمله زيارة الحريري الى بعبدا في الساعات المقبلة. كل السيناريوهات واردة.

 

عباس ضاهر

عباس ضاهر

كاتب وصحافي لبناني. باحث متخصص بإدارة الأزمات والخطاب السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى