منوعات

تفاعل سلس بين البشر والروبوتات قريباً

حمل عام 2020 العجائب فعلاً؛ سنة ترنّح فيها الإنسان بين مصائب اقتصادية وأزمات مالية وصحية، مقابل تخوّف على صعيد المناخ في ظلّ مؤشرات تنذر بحرارة حارقة في السنوات المقبلة. كل هذا، قابله تطوّر لافت على صعيد نظريات الذكاء الاصطناعي، قد تظهر تداعياته الكارثية في السنوات القليلة المقبلة؛ إذ رافقت هذا التطوّر مخاوف أفصحت عنها شخصيات بارزة عالمة ومنخرطة في هذا المجال، مثل ستيفن هوكينج وإيلون ماسك، وستيف وزنياك، وبيل جيتس، الذين حذّروا من المخاطر الحتمية والوشيكة للذكاء الإصطناعي قد نواجهها بعد سنوات؛ وعبّروا عن قلقهم من إمكانية أن تصبح الآلات قريبًا ذكية للغاية وتجد أنّه لم يعد بحاجة لنا نحن البشر.

إلى ذلك، ظهرت مخاوف “أمنية” تتعلّق بسلامة المواطن لناحية سباق التسلّح الذي تنتجه على سبيل المثال أنظمة ذكاء اصطناعي مبرمجة للقتل. وتخوّف العلماء من إمكانية أن تتسبب هذه الأسلحة في وقوع إصابات جماعية على يد الشخص (الآلة) الخطأ.

في المقابل، كشفت دراسة جديدة عن تفاعل “سلس” بين الروبوتات والبشر قد يظهر للملأ قريباً؛ فماذا تقول الدراسة التي نشرها موقع Science Daily؟

تفاصيل الدراسة الصادرة من فنلندا

وفقًا لدراسة جديدة أجرتها جامعة تامبيري في فنلندا، فإنّ التواصل البصري مع الروبوت قد يكون له نفس التأثير على الأشخاص مثل التواصل البصري مع شخص آخر. وتتنبأ النتائج بأنّ التفاعل بين الإنسان والروبوتات سيكون سلسًا بشكل مدهش.

ومع التقدم السريع في مجال الروبوتات، من المتوقع أن يتفاعل الناس بشكل متزايد مع ما يسمى بالروبوتات الاجتماعية في المستقبل. وعلى الرغم من اصطناعية الروبوتات، يبدو أن الناس سيتفاعلون معها اجتماعيًا وينسبون إليها سمات إنسانية. على سبيل المثال، قد يرى الناس صفات مختلفة_ مثل المعرفة، والتواصل الاجتماعي، وإمكانية الإعجاب في الروبوتات بناءً على مظهرها و / أو سلوكها.

وتمكنت الاستطلاعات السابقة من إلقاء الضوء على تصوّرات الناس للروبوتات الاجتماعية وخصائصها. لكن السؤال المركّز حول نوع التفاعلات التلقائية التي تثيرها الروبوتات الاجتماعية فينا نحن البشر، بقي بلا إجابة: هل التفاعل مع إنسان آلي يسبب ردود فعل مماثلة للتفاعل مع إنسان آخر؟

وقام الباحثون في جامعة تامبيري بالتحقيق في الأمر، من خلال دراسة التفاعلات الفسيولوجية التي يثيرها اتصال العين مع الروبوت الاجتماعي. وتم اختيار الاتصال بالعين كموضوع للدراسة لسببين رئيسيين:

أولاً، أظهرت النتائج السابقة أنّ بعض الاستجابات الفسيولوجية العاطفية والمتعلقة بالانتباه، تكون أقوى عندما يرى الناس نظرة شخص آخر موجّهة إليهم مقارنة برؤية نظراتهم المتجنبة.

ثانيًا، توجيه النظرة نحو شخص آخر أو بعيدًا عنه، هو نوع من السلوك المرتبط بالتفاعل الطبيعي الذي تستطيع حتى الروبوتات الاجتماعية الحالية القيام به بشكل طبيعي.

نتائج الدراسة

خلال الدراسة، وُضع المشاركون في البحث وجهاً لوجه مع شخص آخر أو إنسان آلي. ونظر الشخص والروبوت إمّا مباشرة إلى المشارك حيث قاموا بالتواصل بالعين أو تجنبوا النظرة المباشرة.

في الوقت عينه، تم قياس الاتصال الجسدي للمشاركين، والذي يعكس نشاط الجهاز العصبي الذاتي، والنشاط الكهربائي لعضلة الخد التي تعكس ردود الفعل العاطفية الإيجابية، وتباطؤ معدل ضربات القلب، ما يشير إلى كيفية توجيه الانتباه.

وأظهرت النتائج أن جميع التفاعلات الفسيولوجية المذكورة أعلاه كانت أقوى في حالة ملامسة العين، مقارنة بالنظرة التي تم تجنبها عند مشاركتها مع كل من شخص آخر وروبوت بشري. وأدى اتصال العين مع الروبوت وإنسان آخر إلى تركيز انتباه المشاركين، ورفع مستوى الإثارة لديهم وأثار استجابة عاطفية إيجابية.

“تشير نتائجنا إلى أنّ الإشارات غير اللغوية التي تنظم التفاعل للروبوتات الاجتماعية يمكن أن تؤثر على البشر بنفس الطريقة التي تؤثر بها الإشارات المماثلة التي يقدمها أشخاص آخرون. ومن المثير للاهتمام، أننا نستجيب للإشارات التي تطوّرت لتنظيم التفاعل البشري حتى عندما يتم إرسال هذه الإشارات عن طريق الروبوتات. وتسمح لنا هذه الأدلة بتوقع أنه مع تطور تكنولوجيا الروبوت، قد يكون تفاعلنا مع الروبوتات الاجتماعية في المستقبل سلسًا بشكل مدهش”. كما تقول باحثة الدكتوراه هيلينا كيلافوري.

وفي السياق نفسه، قال أستاذ علم النفس جاري هيتانن، مدير المشروع: “كانت النتائج مذهلة للغاية بالنسبة لنا أيضًا، لأن نتائجنا السابقة أظهرت أنّ التواصل البصري لا يؤدي إلا إلى ردود الفعل التي رأيناها في هذه الدراسة؛ عندما يعلم المشاركون أنّ شخصًا آخر يشاهدهم بالفعل. على سبيل المثال، خلال التواصل عبر الفيديو، لا يتسبب الاتصال بالشخص الموجود على الشاشة في ردود فعل مشابهة، إذا علم المشارك أن كاميرته مغلقة وأن الشخص الآخر غير قادر على رؤيته أو رؤيتها. وحقيقة أن الاتصال بالعين مع الروبوت ينتج مثل هذه التفاعلات، يشير إلى أن على الرغم من أننا نعلم أن الروبوت هو آلة هامدة، فإننا نتعامل معه بشكل غريزي كما لو كان بإمكانه رؤيتنا. كما لو كان لديه عقل ينظر إلينا.”

لطيفة الحسنية

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى