منوعات

رسائل مؤتمر دعم لبنان “الصّاخبة”

انطلق مؤتمر باريس لدعم لبنان في الثاني من شهر كانون الأول ٢٠٢٠، بدعوة من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. وبادر المجتمع الدولي إلى إغاثة الشعب اللبناني الذي يعاني ما يعانيه، في خضمّ أزمةٍ اقتصادية ومعيشيّة غير مسبوقة.

وتطلّعت الدول المانحة إلى وجع الناس ومآسيهم، وأرادت تلقين الدولة اللبنانية درسًا في الإنسانية. إذ لم يتمكّن الحكّام في لبنان من الإسراع في اتّخاذ إجراءات إنقاذية، والتخلّي عن مساوماتهم وتسوياتهم وحصصهم من أجل إنتشال صانعي كراسيهم من الموت جوعًا.

الرسائل الموجّهة من المؤتمر

أبت فرنسا إلّا أن تفي بوعدها بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني ومساندته. فوضعت باريس مبادرتها الشهيرة على سكّة التطبيق في الجزء الذي لها اليد الطولى بتحقيقه، وبقي الجزء الذي على الدولة اللبنانية المضي به.

بدت المبادرة هادئة في الشكل، إلاّ أنّها صاخبة في المضمون وتحمل رسائل عديدة. بدايةً، لقد تخطّى المؤتمر السلطات اللبنانية، التي لم تتمثّل إلّا بكلمة الرئيس ميشال عون البروتوكولية، وجرى التنسيق مع المنظمات والجمعيات غير الحكومية. ولعلّ نيل المجتمع المدني اللبناني ثقة المانحين، لتولّي عمليّة إدارة مليارات الدولارات وتوظيفها بالشكل العادل والصحيح، يشكّل دليلًا على رغبة الدول الداعمة باستبدال النظام الحالي أو بإشراكه في الحكم في الحدّ الأدنى.

توطيد العلاقات مع المجتمع المدني

من هذا المنطلق، لا يجب على الدولة اللبنانية التغاضي عن توجّهات دول الغرب، لا سيّما فرنسا التي توطّد علاقاتها بالمجتمع المدني، على مستوى المنظمات والمجالس والأفراد، وتبني جسور تواصل بعيدًا عن الجهات الرسمية.

في هذا الإطار، وقبل يوم من تاريخ إطلاق مؤتمر دعم لبنان، أي في الأوّل من كانون الأول ٢٠٢٠، وجّه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دوريان رسالة إلى الإغتراب اللبناني، أكّد من خلالها دعم فرنسا الكامل للبنان الذي يقف على مشارف الإنهيار. ودعا لو دريان المغتربين اللبنانيين في رسالته، إلى تمسّكهم بدورهم الحيوي، وحثّهم على دعم وطنهم من خلال إرسال المساعدات للشعب اللبناني عبر منصّتين مخصّصتين لدعم لبنان وهما؛ الأمم المتحدة، والمؤسسة الفرنسية للدعم بالشراكة مع وكالة التنمية الفرنسية.

بحسب رئيس مجلس التنفيذيين الإداريين ربيع الأمين في حديث لموقع “أحوال”، إنّ تخصيص هذين الصندوقين حصرًا للمساعدة، يشير إلى قلق المانحين حول كيفية صرف هذه المساعدات وضمانة وصولها إلى مستحقّيها. ويوضح الأمين  بأنّ رسالة لو دوريان، جاءت للردّ على خطاب مشترك حمل عنوان “صرخة إنذار المغتربين اللبنانيين”؛ كان قد تقدّم به كل من مجلس رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا، ومجلس التنفيذيين اللبنانيين، والمجلس الإغترابي اللبناني في بلجيكا، إلى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دوريان، في ٢١ تموز ٢٠٢٠. بدورهم، أراد المغتربون اللبنانيون في خطابهم الإعلان عن إرادتهم في التعاون مع الجهات الفرنسية، من أجل القضاء على الفساد في لبنان، والذي بنتيجته يتم الحجز على “جنى عمرهم” في المصارف اللبنانية.

مقاطعة الدول العربية للمؤتمر

لا تقتصر مضامين الرسائل الموجّهة على الدول المشاركة في هذا المؤتمر، بل أوجدت الدول العربية لنفسها الفرصة للكشف عن موقفها من لبنان وقادته. فحتّى الساعة، يهيمن الغموض الرّسمي حول عدم مشاركة الدول العربية في مؤتمر دعم لبنان، ولا أجوبة واضحة ما إذا كانت قد دُعيت للمشاركة ولم تتجاوب، وما إذا لم تتم دعوتها أساسًا.

في هذا السياق، علم موقع “أحوال” من مصادر فرنسية، بأنّ دعوة المشاركة في المؤتمر قد وصلت إلى الدول العربية، غير أنّها لم تلبِ الطلب وامتنعت عن المشاركة. وذلك لإعتبارها أنّ الشرعية اللبنانية، الممثّلة بالحكومة، تغطّي من يقوم بمهاجمة الدول العربية وتحديدًا الخليجية، وهي التي لم تتأخّر يومًا عن دعم ومساندة لبنان، كما وأنّها “باب رزق” آلاف اللبنانيين على اختلاف طوائفهم.

بهذا، حذت الدول العربية حذو الدول التي شاركت في المؤتمر. وعلى الرغم من هذه المقاطعة الرسمية، إلّا أنّ مودّة الدول العربية والخليجية للشعب اللبناني لم تنقطع، فقد خصّصت المملكة العربية السعودية بالتعاون مع “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية” أرقام حسابات لمساعدة لبنان، كذلك في الإمارات عبر “مؤسسة الشيخ زايد للأعمال الخيرية والإنسانية”.

ناريمان شلالا

 

ناريمان شلالا

صحافية وإعلامية لبنانية، عملت في إعداد برامج تلفزيونية وإذاعية عديدة، محاورة وكاتبة في المجال السياسي والاقتصادي والإجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى