مسرحية “أحزاب السلطة” تفشل مجدّدًا.. “النادي العلماني” يكتسح انتخابات الـUSJ
لم تخلُ انتخابات “الجامعة اليسوعية”USJ هذا العام من الإثارة والمفاجآت، ولكن طرأ عامل جديد على عوامل الجذب، وهو فوز النادي العلماني والمستقلين بجميع رئاسات الهيئات الطلابيّة للكليات الـ12 التي شاركوا في انتخاباتها، أيّ فوزهم في المحصّلة بـ85 من مرشحي ومرشحات النادي من أصل 101 في هذه الكليات، الأمر الذي يعيدنا إلى ما حصل في انتخابات كل من الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية، حيث تركت انتفاضة 17 تشرين بصمتها الواضحة في نفوس شباب لبنان.
لم تأتِ المسرحية التي اعتدنا مشاهدتها في كل سنة بين طلاب “حزب القوات اللبنانية” أو “الكتائب” من جهة وطلاب “حزب الله” من جهة ثانية، قبل يوم أو يومين من موعد إطلاق الانتخابات في الجامعة بثمارها، إذ وعلى ما يبدو، فلعبة شد العصب الطائفي بغية التأثير على قناعات الطلاب وخياراتهم الانتخابية، أصبحت من الماضي.
للمرة الأولى ومنذ بدء “انتخابات اليسوعية”، يسيطر الطلاب المستقلون على رئاسات مجالس فروع الطلاب في الجامعة، ويحقّقون خرقًا في كليات كانت تُعتبر ملكًا للأحزاب، ككلية الهندسة الملقّبة بـ”قلعة” التيار الوطني الحر، وكلية الحقوق التي كانت قلعة “القوات” والكتائب.
كيف جاءت النتائج؟
جرت الانتخابات الطالبية في جامعة القديس يوسف هذا العام على أربعة أيام على التوالي، حيث تنافست اللوائح المشاركة على 110 مقاعد موزّعة على 10 كليات، تبعًا للقانون النسبي مع نظام اللائحة المقفلة لإجراء الانتخابات.
وجاءت النتائج في الكليات التي جرت فيها الانتخابات على الشكل الآتي:
كلية الحقوق (Droit):
“القوات” 3 مقاعد
“الكتائب اللبنانية” مقعدان
“النادي العلماني” 8 مقاعد
كلية إدارة الأعمال (FGM):
“القوات” 5 مقاعد
“تحالف 8 آذار” 6 مقاعد
“الكتائب اللبنانية” مقعدان
كلية العلوم السياسية (ISP):
“القوات” مقعد
“النادي العلماني” 8 مقاعد
كلية الهندسة (ESIB):
“القوات” 3 مقاعد
“تحالف 8 آذار” 5 مقاعد
“الكتائب اللبنانية” مقعد
المستقلون 8 مقاعد
معهد إدارة الأعمال (IGE):
“القوات” 3 مقاعد
“تحالف 8 آذار” 3 مقاعد
“الكتائب اللبنانية” مقعدان
المستقلون 3 مقاعد
كلية العلوم (FS):
“القوات” 2 مقاعد
“تحالف 8 آذار” 3 مقاعد
المستقلون 6 مقاعد
كلية الاقتصاد (FSE):
“القوات” مقعدان
“الكتائب اللبنانية” مقعد
“النادي العلماني” 6 مقاعد
معهد العلاج الفيزيائي (Physiothérapie):
“القوات” 3 مقاعد
“النادي العلماني” 6 مقاعد
كلية التغذية (Nutrition):
“النادي العلماني” 6 مقاعد
المستقلون 3 مقاعد
كلية العلوم التمريضية (FSI):
“القوات” 2 مقاعد
“النادي العلماني” 7 مقاعد
وفي هذا السياق، تقول مؤسسة حركة “طالب” ورئيسة النادي العلماني السابقة، فيرينا العميل، في حديثها لـ”أحوال”: “تأسس النادي العلماني عام 2017، حيث كنا 8 أصدقاء “قرفنا ومللنا” الشحن الطائفي والمذهبي في لبنان، فسعينا إلى خلق بديل جدي عن الأحزاب وأن نكون مستقلين”، مضيفة: “وتحت شعار “الديمقراطية، العدالة الاجتماعية والعلمانية”، بدأنا بخوض الانتخابات الطلابية، وها نحن اليوم نحرز فوزًا مدويًا”.
وتتابع العميل في حديث لموقعنا: “ثورة 17 تشرين أعادت إلينا الزخم، كما أن طلاب الجامعة قرروا إعطاءنا فرصة بعد أن تحرر معظمهم من فكرة التبعيّة العمياء للزعيم وتأليهه وعبادته كعبادة الأصنام”، لافتة إلى أن هدفهم هو خلق تغيير داخل الجامعات، لتخريج طلاب فكر حر ومستقل، وإيصالهم فيما بعد إلى السلطة.
وتضيف مؤسسة حركة “طالب”: “نحن نعرف أن المسار طويل ويحتاج إلى الكثير من الوقت، إلا أنّنا لن نستسلم وسنُقدم كل ما بوسعنا في سبيل خلق مستقبل أفضل، فالجامعة اليسوعية هي نسيج فعلي للمجتمع اللبناني، تجمع طلابًا من كل المناطق، ومشروعنا هو مشروع بناء دولة علمانية ديمقراطية، قادرة على حماية حقوق جميع مواطنيها”.
بدوره، يقول شربل أبي كرم، وهو أحد الطلاب المستقلين الذين فازوا في انتخابات “اليسوعية”، في حديث لـ”أحوال” إن “المستقلين لم يندمجوا مع النادي العلماني، وفضّلوا النزول على اللوائح الانتخابية كمستقلين بسبب اختلاف في الأفكار والمبادئ والآراء”، موضحًا أن السبب في ذلك يعود إلى غياب الرؤية الواضحة للنادي العلماني الذي يجمع أشخاص من أقصى اليمين إلى أقسى اليسار، في حين أن ما يجمعهم فكرة واحدة فقط، وهي “عداوة الأحزاب”.
من هنا، يضيف أبي كرم لموقعنا: “هم يريدون بديلًا لكن البديل غير واضح، أما ما أريده أنا، فهو بديل بمشروع كامل وواضح ورؤية واضحة”، معتبرًا أن الحل يكون بجمع كل القوى المستقلة والعمل على وضع خطة ورؤية واضحة لتوحيد الجهود.
الجامعات في لبنان هي صورة مصغّرة عن المجتمع اللبناني الكبير، وهي انعكاس حقيقي للصراع الذي يعيشه اللبنانيون اليوم بين حزبيين من جهة ومستقلين يسعون إلى خلق بديل، من جهة أخرى. وانطلاقًا من ذلك، تدل نتائج انتخابات الجامعات اليوم على وعي بدأ يتكوّن لدى الطلاب، وعلى رغبة حقيقية في التغيير، إلا أن هذا المشروع لم ينضج بعد، وهو يحتاج إلى وقت طويل ليصبح بديلًا جديًا عن سلطة تحمل معها رواسب 30 عامًا من الفكر الطائفي والفساد السلطوي، والقدرة على التأثير وإخضاع المناصرين.
باولا عطيّة