منوعات

مؤتمر لدعم لبنان: هل يصلحُ الفرنسيُّ ما أفسدَهُ السياسيون؟

نحو ثلاثين شخصيةً، من رؤساء دولٍ وحكوماتٍ ووزراء ومنظماتٍ غير حكوميةٍ ومؤسساتٍ دوليةٍ، ستستضيفهم باريس عبر تقنية الفيديو في الثاني من كانون الأول في إطار مؤتمرٍ جديدٍ يترأسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتشجيع على مساعدة لبنان مالياً.

فماكرون، وفي رسالة تهنئة إلى الرئيس ميشال عون لمناسبة الذكرى الـ77 لاستقلال لبنان، أشار إلى أنّ فرنسا تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجموع شركائها من أجل عقد مؤتمر دولي لدعم الشعب اللّبناني. أمّا السبب الذي دفع الرئيس الفرنسي إلى المضي قدماً في تنظيم المؤتمر رغم عدم التزام الأفرقاء اللّبنانيين بتشكيل حكومة تضع قطار الإصلاحات على سكّة التّنفيذ، هو-وفق ما تناقلت مصادر مطلعة- التدهور الاقتصادي المتزايد في لبنان ولا سيّما في ظل جائحة فيروس كورونا، وماكرون قال في رسالته: “أنا مدرك للصعوبات المتزايدة التي تواجه اللّبنانيات واللّبنانيين في يومياتهم”.

بغض النظر عن مدى دقة النوايا الفرنسية المعلنة، الجدير بالتوقف عنده هو ما لفتت إليه المصادر حول عدم وجود رغبة كبيرة من المجتمع الدولي في مساعدة لبنان، لكن مساعدات الإغاثة يجب أن تذهب مباشرة إلى الشعب. فالمبادرة الفرنسية السابقة أصرّت على أن تصل المساعدات إلى مؤسسات المجتمع المدني ومنها إلى الشعب اللّبناني، من دون أن تمرّ عبر قنواتٍ لبنانيةٍ رسميةٍ لانعدام الثقة الدولية بالمنظومة اللّبنانية الحاكمة.

وفي هذا الإطار، يشير الكاتب والباحث الإقتصادي زياد ناصر الدين إلى أنّ المؤتمر الذي عقدته الرئاسة الفرنسية في التاسع من آب، أي بعد خمسة أيام من انفجار مرفأ بيروت، كانت نتيجته مساعدة طارئة بقيمة 250 مليون يورو، وصل جزءٌ منها، ولم يصل الجزء الآخر، كما أنّ إعادة الإعمار لم تستفد منها. ويضيف ناصر الدين أنّه لا يصحُّ أن تفرض فرنسا تغييب الدولة عن موضوع المساعدات، فرغم الفساد المستشري في المؤسسات العامة، يستثنى منها مؤسسات، وفي مقدمتها الجيش اللّبناني، هي أهلٌ للثقة ويمكن أن تُؤتمن على المساعدات المالية، لافتاً إلى أنّ المجتمع المدني لا رقابة عليه. أمّا الجيش، فلديه جردةٌ بالأضرار التي خلّفها انفجار المرفأ، ولوائح بالأشخاص الذين يستحقون المساعدة لتخطّي الأضرار التي لحقت بهم وبممتلكاتهم، وخاصّةً أنّ هذا الموضوع يجب أن يخرج من البازار السياسي، فاللّبنانيون بحاجة لمساعداتٍ مفيدة، لا مساعدات للتصاريح الإعلامية فقط.

ماكرون شدّد على أنّ الأزمة اللّبنانية المتعدّدة الجوانب تستدعي اتخاذ تدابير قويّة، والعجلة تقتضي تشكيل حكومة من شخصيات مؤهلة، تكون موضع ثقة وقادرة على تطبيق كافة الإجراءات اللّازمة، محمّلاً الرئيس عون مسؤولية دعوة كافة القوى السياسية بقوّةٍ لوضع المصالح الشخصية والطائفية والفئوية جانباً من أجل تحقيق مصلحة لبنان العليا وحدها ومصلحة الشعب اللّبناني.

وفي هذا الصّدد، يؤكّد ناصر الدين أنّ الخروج من أزمتنا الاقتصادية، والتي تقدّر هوّتها بـ82 مليار دولار، يتطلب مؤتمرَ إنقاذٍ إقتصاديٍّ، والخطوة الأولى نحوه هي تشكيل حكومةٍ قادرةٍ على التّحدث إلى المجتمع الدّولي وتطبيق الإصلاحات. فالإصلاحات مطلوبة، وهي النّقطة المركزيّة، ولكن يجبّ إبعادها عن علّة التّحاصص.

كما يلفت إلى أنّنا نحتاج إلى عقدٍ سياسيٍّ – اقتصاديٍّ جديدٍ يمهّد لإيجاد حلول اقتصادية ومالية، من دون أن نغفل حقيقة أنّ لبنان محاصر والعقوبات تزيد الطين بلّةً، وهو الوضع الذي يشكّل عقبةً أمام مؤتمر المانحين المرتقب.

وعليه، لا يمكن التّعويل على أيّ مبادراتٍ ومؤتمراتٍ ومساعداتٍ من دون حكومةٍ جديدةٍ وأفقٍ جديدٍ في ظلِّ واقعٍ داخليٍّ متأزّم هو جزءٌ من مشهد إقليمي مضطرب.

 

آلاء ترشيشي

 

 

 

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى