تفاقم حدّة هبوط أسهم البنوك العالمية بعد انهيار بنك “سيليكون فالي”
أدّت توابع انهيار بنك “سيليكون فالي” لاستمرار خسائر أسهم البنوك العالمية اليوم الثلثاء إذ لم تفلح تأكيدات الرئيس الأميركي جو بايدن وصنّاع السياسات الآخرين في تهدئة الأسواق ودفعت لإعادة التفكير بشأن مستقبل أسعار الفائدة.
وجاءت محاولات بايدن لطمأنة الأسواق والمودعين بعدما فشلت إجراءات طارئة في الولايات المتحدة لدعم البنوك بمنحها القدرة على الوصول لتمويل إضافي في تبديد مخاوف المستثمرين بشأن احتمال انتقال العدوى لبنوك أخرى في أنحاء العالم.
وواصلت أسهم البنوك في آسيا خسائرها حيث خسرت أسهم البنوك الأوسترالية الكبيرة “إيه.إن.زد” ووستباك و”إن.إيه.بي” أكثر من اثنين بالمئة وهوى المؤشّر الفرعي للقطاع المصرفي في بورصة طوكيو 6.7 بالمئة في مستهل التعاملات مسجّلاً أدنى مستوياته منذ كانون الأول.
وقال دامين بوي كبير محلّلي استراتيجيات الأسهم في بنك “بارينجوي” الاستثماري في سيدني “بدأ التدافع على البنوك وسوق ما بين البنوك واقعة تحت ضغط”.
كما أدّى سباق محموم لإعادة تقدير زيادات أسعار الفائدة المتوقعة لاهتزاز الأسواق إذ يراهن المستثمرون على أن يحجم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.
ويتوقّع المتعاملون حاليّاً فرصة بنسبة 50% ألّا يرفع المركزي الأميركي الفائدة في الاجتماع المقبل مع استيعابهم لخفض الفائدة في النّصف الثاني من العام. وفي مطلع الأسبوع الماضي كانت السوق قد استوعبت تماماً رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع توقّعات بنسبة 70 بالمئة أن تبلغ الزيادة 50 نقطة أساس.
ووسط مخاوف المستثمرين من حدوث انهيارات إضافيّة، خسرت البنوك الأميركية نحو 90 مليار دولار من قيمتها بسوق الأسهم أمس الاثنين لترتفع خسائرها خلال جلسات التداول الثلاثة الماضية إلى نحو 190 مليار دولار.
وتكبّدت البنوك الإقليمية الأميركية أكبر الخسائر. وهبطت أسهم “فرست ريبابلك بنك” أكثر من 60 بالمئة إذ لم تفلح أنباء عن تمويل جديد في طمأنة المستثمرين وراجعت وكالة موديز تصنيفها للبنك بالخفض.
وأغلق مؤشر القطاع المصرفي الأوروبي منخفضاً 5.7 بالمئة بينما هوى سهم “كومرتس بنك” الألماني 12.7 بالمئة وكريدي سويس 9.6 بالمئة مسجّلاً مستوى قياسيّاً منخفضاً.
وأصبح من الممكن لعملاء بنك “سيليكون فالي” الوصول لودائعهم بالكامل اعتباراً من أمس الاثنين واستحدثت الجهات التنظيمية أداة جديدة تتيح للبنوك الوصول لتمويلات طارئة. وسهل مجلس الاحتياطي الاتحادي للبنوك الاقتراض من أموال الطوارئ التابعة له.
وفي رسالة إلى العملاء، قال تيم مايوبولوس الرّئيس التنفيذي الجديد لبنك “سيليكون فالي” إنّ “البنك مفتوح ويزاول أنشطته كالمعتاد في الولايات المتحدة” وتوقّع أن يستأنف معاملاته العابرة للحدود خلال الأيام المقبلة.
وقال مايوبولوس، الرّئيس التنفيذي السّابق لمؤسّسة “فاني ماي” لتمويل الرهون العقارية التي عينتها المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع لإدارة بنك “سيليكون فالي”: “أدرك أنّ الأيام القليلة الماضية انطوت على تحديات كبيرة للغاية لعملائنا وموظفينا، ونشعر بالامتنان لدعم المجتمع الرائع الذي نخدمه”.
وفي أسواق النقد، ارتفعت مؤشرات مخاطر الائتمان في النظم المصرفية بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو.
واستقر سعر الذهب، وهو ملاذ آمن يحظى بالشعبية، فوق مستوى 1900 دولار المهم وسط رهانات بأن يبطئ المركزي الأميركي وتيرة رفع أسعار الفائدة.
وسارعت الشركات التي لها حسابات في بنك سيليكون فالي حول العالم إلى تقييم تداعيات انهياره على أوضاعها الماليّة. وفي ألمانيا جمع البنك المركزي فريقه لإدارة الأزمات لتقييم التأثير المحتمل.
وبعد محادثات ماراثونية مطلع الأسبوع، قال “إتش.إس.بي.سي” إنه سيشتري الذراع البريطانيّة لبنك “سيليكون فالي” مقابل جنيه إسترليني واحد (1.21 دولار).
ورغم صغر حجم الوحدة البريطانية للبنك فإن انهياره المفاجئ أثار دعوات للحكومة البريطانية لمساعدة قطاع الشركات الناشئة البريطاني ولا سيما قطاع التكنولوجيا الحيوية صاحب التعرض الكبير للبنك.
وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك إنه لا توجد مخاطر على النظام.
وأضاف في حديث مع قناة “آي.تي.في” أثناء زيارة إلى الولايات المتحدة: “بنوكنا لديها رسملة جيدة والسيولة قوية”.
وفي الصين، حيث كان بنك “سيليكون فالي” هو البنك الأجنبي الأساسي الذي تلجأ له غالبية الشركات الناشئة، يأخذ رواد الأعمال وصناديق رأس المال المغامر في البحث عن مصدر تمويل بديل.
(رويترز)