منوعات

عون وباسيل يعدان للمواجهة الحاسمة

دعوة البرلمان لسحب التكليف من الحريري و"التيار" خارج المشهد!

بعدما وصلت مبادرة الرئيس نبيه بري إلى طريق مسدود، تتجه الأنظار إلى قصر بعبدا الذي يُعدّ العدّة لمرحلة جديدة من المواجهة السياسية الحاسمة، وذلك عبر مجموعة من الخطوات يعتزم رئيس الجمهورية طرحها في التداول؛ لكنه ينتظر رد حزب الله على مبادرة النائب جبران باسيل الذي وضع الملف الحكومي في عهدة السيد حسن نصرالله.

أوساط التيار الوطني الحرّ تسوّق بشكل مكثف إعلامياً لخيارات قد يلجأ إليها ميشال عون الأسبوع المقبل، رداً على حال المراوحة الحكومية بعد تعثّر مبادرة عين التينة. ولفتت الأوساط العونية لـ”أحوال” إلى أنّ “عون اعتاد الإعلان عن مفاجأت للخروج من الواقع القائم، وهو بصدد دراسة خيارات محددة تتعدى توجيه رسالة إلى المجلس النيابي أو رسالة مباشرة إلى اللبنانيين، بل خطوات سيكون لها مفعول تنفيذي وحل جذري يؤديان لإعادة خلط الأوراق لتسريع التشكيل”.

فما هي طبيعة هذه الخيارات؟ وهل يملك رئيس الجمهورية صلاحيات دستورية أصلأً تخوله اتخاذ خطوات تغيّر في موازين القوى السياسية والحكومية كنزع التكليف من يد الرئيس المكلّف سعد الحريري؟

عون قد يدعو إلى طاولة حوار وإعادة النظر بتكليف الحريري

مصادر مقربة من بعبدا تشدد لـ”أحوال” على أن “عون لن يسمح بحالة المماطلة التي يعكف عليها الرئيس المكلّف منذ تكليفه، وكأنه مكلفٌ بتضييع الوقت واستنزاف العهد لمزيد من التأزيم وليس لإنتاج حكومة جديدة لإنقاذ البلد.

لذلك، فإنّ “الجنرال” سيقوم بهجمة مرتدة ويكشف للبنانيين وقائع الأشهر الماضية ويضع النقاط على حروف الأزمة وأسبابها ويحمّل المسؤولية مباشرة للمعنيين، وذلك ضمن صلاحياته الدستورية التي بقيت لرئيس الجمهورية بعد الطائف”. ومن الأوراق التي يملكها عون بحسب المصادر، “الدعوة إلى طاولة حوار وطني في بعبدا تشمل القيادات السياسية الأساسية أو رؤساء الكتل النيابية والمعنيين بالشأن الاقتصادي والمالي، للتباحث بالأوضاع السائدة وسبل الخروج من الأزمات الحادة، أو دعوة المجلس النيابي لإعادة النظر بقرار تكليف الحريري وتخييره بين التأليف أو سحب الثقة منه والدعوة إلى استشارات جديدة”.

وبحسب ما يقول أستاذ القانون الدستوري د. عادل يمين لـ”موقعنا”، “الدستور لا يتضمن أية آلية واضحة وصريحة لسحب التكليف من رئيس الحكومة المكلّف، ولكن ليس هناك ما يمنع رئيس الجمهورية على سبيل المثال، من دعوة النواب أو رؤساء الكتل النيابة إلى قصر بعبدا للتشاور في ما آلت إليه مساعي تأليف الحكومة والمأزق الحكومي القائم، أو الدعوة إلى طاولة حوار تبحث الأزمات الوطنية القائمة وبينها أزمة تأليف الحكومة”.

باسيل سيعلن عدم المشاركة في الحكومة

هذا على خط بعبدا؛ أما على صعيد “البياضة”، فيتم التحضير لسلسة خطوات تلاقي المسار الذي ستطلقه بعبدا. وتبدأ هذه الخطوات بحسب مصادر “أحوال”، من إحراج حزب الله بوضع العقد في عهدته لحلّها، الأمر الذي لن يتفاعل معه الحزب وسيحافظ على دوره وموقعه الوسطي بين حليفيه عون وبري، مع الإبقاء على معادلة ربط النزاع والهدنة مع الحريري حتى إشعار آخر. ث

م يتدرّج التيار الوطني الحرّ في خطواته بالإعلان عن عدم المشاركة في الحكومة، ورفض منح الثقة لأي حكومة يترأسها الحريري، بالتوازي مع تجميد التفاوض بموضوع تأليف الحكومة حتى مع الخليلين، ووضع الأمر في عهدة رئيس الجمهورية؛ ما سيرتب تداعيات سياسية ودستورية على مسار تكليف الحريري، لا سيّما في ظلّ غياب المكوّنات المسيحية الأساسية عن المشاركة في الحكومة، وفي استحقاق منحها الثقة ما سيضعنا أمام إشكالية ميثاقية.

وبحسب يمين، فإنّ “غياب الكتل النيابية ذات الطابع المسيحي عن المشاركة في الحكومة وعن منحها الثقة، سيصيبها بخلل ميثاقي واضح، وإن كان دعم رئيس الجمهورية صاحب التمثيل الواسع يخفف من حدة هذا الخلل. أما بالنسبة الى عدد الوزراء الذين يحق لرئيس الجمهورية ترشيحهم، فليس من نص واضح في هذا الدستور، ولكن الأخير جعل تأليف الحكومة رهن اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف”.

أما خيار استقالة نواب التيار البرتقالي من المجلس النيابي، فمستبعد بحسب ما تؤكد مصادر “التيار” نفسه لـ”أحوال”، “لأسباب عدة، منها فقدان التيار قوته النيابية ككتلة داعمة لرئيس الجمهورية في المجلس النيابي، لا سيّما في حال عدم مشاركتنا في الحكومة. إذ لا يجوز ترك رئيس الجمهورية وحيداً في المعركة في مواجهة أخصامه السياسيين. كما أن خيار الإستقالة لن يؤدي إلى إسقاط المجلس النيابي وإجراء إنتخابات جديدة، خاصة وأننا لا نثق بالقوات اللبنانية التي قد تخذلنا ولا تستقيل، ما يدفع بالرئيس بري للدعوة لإجراء إنتخابات فرعية لملء المقاعد الشاغرة”.

الخيار الإنقلابي… التمسّك بالرئاسة بعد نهاية الولاية

أما الخيار الأخير الذي وصفته مصادر سياسية عدة بـ”الإنقلابي”، فهو ما يشير إليه المطّلعون على الوضع السياسي لـ”أحوال”، بأنه “في حال لم تؤدِ كل هذه الخطوات التي سيقدم عليها عون إلى دفع العجلة الحكومية نحو التأليف أو إلى اعتذار الحريري، فيكون الهدف الذي يسعى إليه الأخير وحلفه الممتد من عين التينة إلى بنشعي مرورأً بكليمنصو وصولاً إلى معراب، هو استنزاف العهد حتى نهايته لقطع الطريق على وصول باسيل أو أي مرشح للتيار إلى بعبدا، وبالتالي إسقاط نظرية “الرئيس المسيحي القوي” والتسويق لرئيس جمهورية وسطي على شاكلة ميشال سليمان لإفساح المجال للطبقة السياسية الفاسدة لكي تسرح وتمرح وتستعيد معادلة ما قبل عام 2005 “.

وكشفت المصادر أنه “أزاء هذا المخطط، فإنّ ثنائي عون – باسيل سيرد عبر التمسك برئاسة الجمهورية، بطرق مختلفة سيتم الإفصاح عنها في أوانها، ومنها البحث عن فتوى دستورية تجيز استمرار عون بممارسة مهامه الدستورية دراءاً للفراغ الرئاسي، لا سيما إذا ما وصلنا إلى حالة فراغ نيابي أيضاً مع فراغ حكومي”.

محمّد حميّة

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى