منوعات

مصير الجالية في السعودية “معلّقاً” رغم التّطمينات… فماذا عن البدائل؟

حال من التّشوش والارتباك يعيشها أبناء الجالية اللّبنانيّة في السّعودية، ومعها دول خليجية أخرى، بعد احتدام الأزمة الأخيرة على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، رغم الاطمئنان الذي تركه بيان وزارة الخارجيّة السعوديّة من تمييز بين اللّبنانيين المقيمين في السّعودية وموقف السّلطات اللّبنانية، عند الجالية التي يبلغ عددها نحو 300 ألف شخص في المملكة.

العاملون في السّعودية خائفون
رشاد.ح الذي توجّه إلى حائل بحثاً عن ظروف معيشيّة أفضل منذ شهر، ينتظر الحصول على تصريح إقامة، بعد أن فقد الأمل في لبنان، ويقول لـ”أحوال” أن “اللّبنانيين اليوم “عايشين على أعصابن” وما عم بيجينا من المسؤولين إلا المصايب ولاحقينا لهون”.

ولا يختلف موقف مصطفى م.، الذي قرر وزوجته أن يتركا كل ما أسسا له قبل عام في لبنان متوجهين إلى الرياض عن موقف رشاد، وبعد حصولهما على الإقامة يتخوفان اليوم “من هاجس فقدان عملهما والعودة مجدّداً إلى لبنان”.
رئيس مجلس التّنفيذيين اللّبنانيين، ربيع الأمين يؤكد لـ”أحوال” أن “لا معطيات ما إذا كانت السّعودية تنوي التّصعيد بخصوص اللّبنانيين المقييمن على أراضيها أم لا، إنّها دولة ذات سيادة وأي قرار صادر عنها سيصبّ في مصلحتها ومصلحة شعبها بالدّرجة الأولى”.

ويتابع الأمين “عندما تتجاوز القيادات اللّبنانية حدودها مع الدول الشقيقة فلا بد أن تتحمل التّبعات، تصريحات بعض المسؤولين اللّبنانيين تنمّ عن عدم المسؤولية وما فعله قرداحي مؤخراً أمر مرفوض، فهو اتّخذ موقفاً متحيزاً جداً من صراع يجري على أرض عربية، وبأدنى الحدود كان عليه اتخاذ موقف محايد”.

ويضيف “لبنان تربطه بدول مجلس التّعاون الخليجي علاقة أخوة متجذرة وحيوية على المستويات كافة وليست محدودة بوظائف أو مساعدات معينة ولا يحقّ لأحد زعزعتها”. ويختم كلامه بأسف وعلى سوداوية المرحلة المقبلة “للأسف الأمور ذاهبة نحو الأسوأ، والقضية أكبر من استقالة وزير، في لبنان فريق يتدخل في شؤون بلدان أخرى، وعلى الجميع العمل تحت سقف الدولة”.

في المقابل، تؤكد المحلّلة الاقتصادية فيوليت بلعة غزال لـ”أحوال” أنّه “طالما بقيت الأزمة الديبلوماسية بين لبنان ودول الخليج، بدءً من تردي العلاقة مع المملكة العربية السعودية، من دون مبادرة لبنانية في اتجاه تسوية الوضع، فان التّصعيد قد يكون الوجهة المقبلة، وهذا نموذج توقف شركة DHL عن تسليم كافة الطرود لزبائنها كمثال”.

وتضيف بلعة “هناك شكوكاً كبيرةً في أن إجراءات التّصعيد ستطال اللّبنانيين العاملين منذ عقود في تلك الدّول، وهي مصالح مشتركة وفق عقود عمل لم تشهد أي إخلال في بنودها، فمن المستبعد أن تعتمد دول الخليج سلاح “ترحيل العمالة اللبنانية”، وخصوصاً إذا ما التزمت تلك العمالة بقوانين الدّول التي تعمل فيها، وبتقاليدها الثّقافية والاجتماعية”.

الأزمة تطال التّحويلات

وعن مصير تحويلات اللبنانيين وتأثيرها على الاقتصاد اللبناني تقول بلعة “التداعيات المباشرة لأزمة العلاقة بين لبنان والخليج قد تطال “تحويلات اللبنانيين” إن أرادت المملكة إبلاغ إيران وحزب الله عبر لبنان، إنها قادرة على انتهاج سياسة تضييق الخناق الاقتصادي على لبنان، لتأكيد تمايز موقفها الدّاعم تاريخياً للبنان حكومةً وشعباً، عبر العلاقات التّجارية والاستثمارات والودائع التي قدّمتها للبنان على مرّ الأعوام وقاربت نحو 70 مليار دولار”.

وتتابع “من هنا فإنّ التّداعيات السياسيّة والاجتماعيّة للأزمة المستجدّة سترخي بثقلها على الاقتصاد اللبناني المترنّح، ولا سيما على علاقة لبنان مع صندوق النّقد الدولي، حيث تعدّ السعودية من أكبر الدّول المانحة عالمياً في صناديق مماثلة”.
فيما يري المحلل الاقتصادي زياد ناصرالدين أن “الأزمة اللّبنانية-السعودية أتت وسط تحديات كبيرة في وقت يعاني لبنان من كارثة اقتصادية، وبالتالي من المفترض أن تقف الدول إلى جانبه لا أن تحاصره، لمعرفة من القادر على حلحلة أزمته الاقتصادية ومن يسعى إلى تعميقها”.

ويشير إلى أن “ما صدر عن وزير الإعلام اللبناني هو تصريح عادي ويصدر كثيراً عن العديد من الشّخصيات السّياسية في لبنان والخارج، فلماذا على لبنان أن يدفع ثمن سياسي لهزيمة مشروع معين في دولة أخرى”.
وعلى الصّعيد التّقني يلفت إلى أنّ “اليد العاملة اللّبنانية كان لديها دور بارز في بناء السّعودية الحديثة واقتصادها، إضافة إلى المشاريع الاستثمارية الضّخمة”.

وعن الاجراءات التي طالت الصّادرات اللّبنانية إلى السعودية والتي تشكل 7.5% يقول ناصر الدين “هناك دول بديلة يستطيع لبنان الاستفادة منها، وهي مرتبطة بدول أوروبية وبجنوب أفريقيا والعراق وسوريا وغيرها، لبنان اليوم أمام فرصة للذّهاب نحو خيارات اقتصاديّة جديدة”.

ويشدّد على ضرورة أن “يسعى لبنان إلى إبرام اتفاقيات جديدة تعوضه عن الخسائر المرتقبة، خصوصاً مع العراق القادر على تعويضه أضعاف ما هو موجود اليوم في الأسواق السعودية”، ويلفت ناصر الدين إلى أنّ “المستفيد من الأسواق السعودية هم مجموعة رجال أعمال نافذين وليس الاقتصاد اللبناني”.

وعن العاملين اللبنانيين في السعودية يقول “هم أصحاب كفاءات وأحرار يعملون بجهد ويشكلون عامل مهم جداً في تنشيط الاقتصاد السعودي، وأيّ حديث عن ترحيلهم فهو يتسبب بالضرر الكبير للدول المضيفة قبل غيرها”.

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى