بشكل لافت دخلت بكركي مؤخراً على خط الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل أولوية لدى المرجعية المارونية الدينية باعتباره إستحقاقا وطنيا، لكنه يعني الموارنة بالدرجة الأولى انطلاقا من الواقع الطائفي لموقع رئاسة الجمهورية، وعليه من أولى من بكركي وسيدها بترتيب اوضاع البيت الداخلي؟
من هذا المنطلق جاءت زيارة العشاء التي قام بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى الصرح البطريركي قبل أيام، وتلتها زيارة غداء لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية في بكركي، وبالطبع كان الطبق الرئاسي الحاضر الأساسي عند زيارتي الضيفين، وفي سياق متصل برزت زيارة النائب ملحم رياشي الى البطريرك الراعي، موفدا من رئيس حزب القوات سمير جعجع، وبالطبع كان الهم الرئاسي محور اللقاء الرئيسي.
في هذا الإطار تشير مصادر مطلعة على اجواء لقاءات بكركي الاخيرة لأحوال الى ان “حراك بكركي يأتي في وقت لا تزال فيه الأجواء الدولية والاقليمية والمحلية غير ناضجة للتسوية الرئاسية، ويتجلى ذلك من خلال المراوحة القائمة في جلسات انتخاب الرئيس النيابية، ما دفع بعدد من الكتل الى التلويح بعدم المشاركة في جلسات الانتخاب المقبلة نظرا لعدم جدواها”.
وتضيف:”بظل الشغور المرير جاء حراك بكركي الرئاسي في محاولة لكسر الروتين القاتل، والبحث عن منطلقات مشتركة بين القوى المسيحية المتصارعة على موقع الرئاسة، وفي هذا الإطار تشير المصادر الى ان “النائب باسيل طرح خلال لقائه سيد بكركي نظرية الذهاب نحو “الطرح الثالث” ما يعني اسقاط خيارات ميشال معوض وسليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وهذه النظرية يعتبر رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من مؤيديها، لا سيما بعد اطلالته الاعلامية الاخيرة، والتي نفى فيها موافقته على تسمية قائد الجيش، لافتا الى ان النائب مروان حمادة قام بتأويل كلامه”.
وبحسب المعلومات تقوم معادلة باسيل والتي أطلق عليها مصطلح “الخيار الثالث” على اساس طرح عدة اسماء لمرشحين رئاسيين، كي يتم التفاهم من خلال الحوار على إسم مرشح توافقي للرئاسة من بين تلك الاسماء”.
وفي السياق تلفت المصادر الى ان “التيار الوطني طرح هذه الفكرة مع عدد من النواب التغيريين، وخلال زيارة باسيل الى البطريرك الراعي طلب منه ان يتم الدفع بهذا الاتجاه، على ان يدعو الاطراف المسيحية التي ترفض الجلوس مع بعضها للحوار ومناقشة ملف الاستحقاق الرئاسي”.
وعليه تتجه الانظار الى التطورات المقبلة على مستوى ملف رئاسة الجمهورية، لا سيما امكانية عقد نوع من جلسات الحوار الرئاسي خصوصا على مستوى القوى المسيحية، رغم ان الاوضاع القائمة حاليا تستبعد نظرية خروج الدخان الأبيض الرئاسي في المدى المنظور، ما يعني مزيدا من الشغور في السدة الأولى واستمرار حكومة تصريف الأعمال، ويأتي ذلك على وقع التصعيد في الشارع والصراع القضائي القائم، ما يرسم واقعا قاتماً للقادم من الأيام.
