ترقّب في طرابلس بانتظار الإثنين: هل يلتزم أصحاب المولّدات بالتسعيرة؟
تسود مدينة طرابلس أجواء ترقب بانتظار ما ستشهده يوم الإثنين في الأول من شهر آب / أغسطس المقبل، وهو اليوم الذي أُعلن فيه عن البدء بتنفيذ قرار النيابة العامّة الإستئنافية في الشمال بحق أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصة، لجهة إلزامهم بالإلتزام بالتسعيرة التي حدّدتها وزارة الطاقة للكيلو وات كهرباء، تحت طائلة فرض عقوبات وغرامات على كلّ من يخالف القرار.
وتسعيرة وزارة الطاقة التي حدّدت مبلغ 14 ألف ليرة لبنانية لكل كيلو وات كهرباء يراها بعض أصحاب المولّدات مجحفة بحقهم، ومن شأن إلتزامهم بها أن تلحق بهم خسائر كبيرة لا يستطيعون تحمّلها، خصوصاً أنّهم يفرضون تسعيرة أعلى في طرابلس ومناطق شمالية مختلفة، تناهز الضعف غالباً وتصل أحياناً إلى دولار أميركي لكل كيلو وات.
هذا التطوّر دفع عدداً من أصحاب مولّدات الكهرباء إلى الإعلان صراحة عن رفضهم الإلتزام بالتسعيرة الرسمية، مفضّلين إطفائها نهائياّ على أن يكون عملهم محكوماً مسبقاً بخسارة مادية.
فقد اعتبر خير الدّين نشّابة، وهو صاحب مولّدات بمنطقة الأسواق، في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه لفت فيه إلى أنّه يتحدث فيه باسمه وباسم آخرين من أصحاب المولّدات مثل ظافر قرحاني (في منطقة أبي سمراء) وغسان بيتية (شارع الثقافة) وأسامة موسى وأحمد حيدر وغيرهم، أنّ “تسعيرة وزارة الطّاقة مجحفة جدّاً، ولسنا قادرين على السير بها. نحن مع تطبيق القانون ولكن يجب أن يكون القانون عادلاً، ونرفض أن نتعرّض لأيّ ظلم”.
ودعا نشّابة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ونوّاب طرابلس ووزارة الطّاقة إلى تسلّم المولّدات وتشغيلها، بعد أن تتحمّلوا نفقة شراء المازوت فقط، ولا نريد بالمقابل إيجار المولّدات والعمّال وشراء زيت وفلاتر وإيجار أرض ومكاتب، وبيعوا الكيلو وات حسب تسعيرة وزارة الطاقة، فإذا استطتعتم أن تكملوا وقادرين أن تتحمّلوا الخسائر فأنتم على حقّ ونحن على خطأ، وإلّا فالعكس هو الصحيح”، مشدّداً على أنّه “لسنا متمسكين بهذه المهنة التي رتّبت علينا ديوناً لشركات النفط، وإذا أمّنت الدولة الكهرباء للمواطنين فنحن سنبيع مولّداتنا خردة”.
واتهم نشابة من أسماهم “مافيا المازوت” بأنّهم “السبب وراء ارتفاع تكلفة تشغيل مولّدات الكهرباء الخاصّة بالإشتراك مع وزارة الطاقة”، موضحاً أنّه “عام 2019 كان سعر برميل النفط 90 دولاراً وسعر صفيحة المازوت 17 دولاراً، واليوم سعر البرميل هو 90 دولاراً بينما سعر صفيحة المازوت 23.60 دولاراً، فمن يسرق الفارق؟”.
وانتقد نشّابة ما صدر عن القضاء بأنّه سوف ينزل عقوبة بكلّ مخالف من أصحاب المولدات لتسعيرة وزارة الطاقة، قائلاً: “نحن لسنا مجرمين حتى يتحدثون معنا بهذه الطريقة”، داعياً “المعنيين من القضاة إلى إرسال لجنة من قبلهم كي تتسلّم المولّدات وتشغلّها، ونحن نقبل مسبقاً بأيّ حكم يصدرونه”.
لكن آخرين من أصحاب المولّدات أعلنوا أنّهم سيلتزمون القرار ولن يطفئوا مولداتهم. فقد أوضحت شركة “ريم” لاشتراكات مولدات الكهرباء الخاصة في منطقة أبي سمراء بأنّ “قرار الإطفاء بعيد عنّا كلّ البعد، ولا نيّة لنا في ذلك قطعاً”، وأنّ الشركة “لزّمت مولداتها لخيرة شباب منطقة أبي سمراء، الذين بدورهم لن يقبلوا بإطفاء المولدات عن أهلهم وأبناء منطقتهم”، وهو موقف أكدت عليه شركة “حسون” لاشتراكات المولدات الخاصة في أبي سمراء أيضاً التي أعلنت أن “مولداتنا لن تطفأ ونحن مستعدون أن نزج داخل السجون منعاً لإطفاء أي مولد في المنطقة”.
هذه التطوّرات شكّلت دافعاً لطرح أسئلة عديدة حول كيف ستنفذ السّلطات القضائية والأمنية قرار وزارة الطّاقة الإثنين المقبل، وما السبل لمعالجة هذا الكمّ من التعقيدات بما يتعلق بعمل المولّدات الخاصّة في طرابلس في ضوء وجود معارضين للقرار، وبأيّ وسيلة يمكن تأمين الحدّ الأدنى من حاجة المواطنين من التيّار الكهربائي؟
عبد الكافي الصمد