الاستحقاق الرئاسي مرتبط بأزمات المنطقة وموازين القوى الإقليمية والدولية
جبور لـ"أحوال": نرفض فرنجية وأي مرشح من 8 آذار ونسعى لتأمين 65 صوتاً لفرض مرشحنا
بعدما دخل ملف تأليف الحكومة الجديدة في حلقة مفرغة ومربع التعطيل في ظل شبه قطيعة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة المكلف نجيب ميقاتي، قفز ملف استحقاق الانتخابات الرئاسية الى الأمام، وصار محور الحركة السياسية والكلام والنقاش في الصالونات والكواليس السياسية، التي تعجّ بالمرشحين لهذا الاستحقاق والتسوية المتوقعة التي ستأتي برئيس الى بعبدا ووفق أي موازين قوى محلية وخارجية.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم يرى بأنه من المبكر فتح ملف رئاسة الجمهورية قبل شهرين من أوانه، ومن المبكر أيضاً طرح أسماء مرشحين يجري حرق بعضها قبل موعد الاستحقاق. ويشير لـ”أحوال” الى أنه لن يبدأ البحث الجدي بهذا الاستحقاق قبل مطلع أيلول أي بدء أول جلسة للانتخاب.
ويستبعد هاشم تأليف حكومة جديدة وكذلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل الانقسام الواسع بين القوى السياسية، وصعوبة الاتفاق على رئيس بين القوى المتخاصمة، إضافة الى العوامل والاعتبارات الخارجية الإقليمية والدولية حيث لا تزال العلاقات بين القوى الفاعلة في المنطقة والمؤثرة على لبنان غامضة ومتوترة. ويعتبر هاشم أن الاستحقاق الرئاسي لن يبحث جدياً قبل تبلور المشهد في المنطقة وعلى الساحة الدولية لإنتاج تسوية في لبنان لا سيما على صعيد الحرب الروسية الأوكرانية والمفاوضات النووية الإيرانية والحوار الإيراني – السعودي والوضع في سوريا واليمن والعراق، فضلاً عن ملف ترسيم الحدود وأمن الطاقة في المتوسط. لذلك يربط النائب هاشم مصير الاستحقاق الرئاسي بموازين القوى في المنطقة والعالم ما بين أيلول وتشرين.
ويؤكد هاشم أن “المجلس مستمر في القيام بدوره التشريعي ولن يتحول الى هيئة ناخبة إلا في ٢١ تشرين إذا لم ينتخب رئيس قبل ذلك”، ويوضح أن “الجلسات التي تعقد بهدف انتخاب الرئيس لا يجوز التشريع خلالها وما عدا ذلك التشريع عادي”. ويشير هاشم الى أن “الفريق الذي ينتمي اليه لم يدخل بعد بالترشيحات ولو أنه يفضل مرشح على آخرين”، ولم ينفِ هاشم دعم فريقه وكتلته النيابية لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في ظل تأكيد جهات على صلة بحزب الله لـ”أحوال” أن الحزب يدعم فرنجية ويعمل بعيداً عن الاعلام لتأمين التوافق عليه أو تأمين أكثرية مسيحية ونيابية داعمة له عبر اقناع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بتأييده.
في المقابل يشير رئيس جهاز التواصل والاعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور الى أنه “في ظل الواقع الحالي، إما سيكون المرشح لرئاسة الجمهورية من 14 آذار ويحمل مشروعاً سيادياً في مواجهة حزب الله، أو مرشح من حزب الله، وإذا لم يستطع أي طرف منهما فرض مرشحه، لا بد من البحث عن مرشحين وسطيين ومن ضمنهم قائد الجيش العماد جوزيف عون”.
ويوضح جبور أن إعلان رئيس القوات سمير جعجع دعم قائد الجيش جاء رداً على سؤال ولم يكن إعلاناً رسمياً، لكن جعجع والقوات وفق جبور يثمنون الدور الذي قام ويقوم به قائد الجيش في موقعه العسكري حيث يُبدّي القسم العسكري والمهني على أي اعتبار آخر، ولم يتأثر بأية موازين قوى سياسية، ويمارس قناعاته المهنية، وبالتالي يمكن أن يشكل حالة توافق نظراً لحيثيته ووضعيته عند المسيحيين ودعم قوى سياسية عدة.
لكن ماذا عن موقف القوات من ترشيح فرنجية؟ هل يمكن التوافق عليه كما حصل توافق على الرئيس ميشال عون في معراب؟
يشدد جبور على أن “فرنجية يُمثل فريق 8 آذار ولا يجوز ان يكون في الرئاسة الأولى، ومنحه ولاية رئاسية جديدة سيأسر اللبنانيين لست سنوات إضافية وسط انهيار مستمر وبالتالي يجب أن نذهب الى رئيس من خارج هذا الخط”. ويضيف: “الرئيس عون يملك كتلة نيابية وحيثية مسيحية وهو قائد جيش سابق ولديه نضالات وشاهدنا تأثير حزب الله الكبير في ادارة الدولة، فكيف إذا وصلت شخصية أخرى جاء بها هذا الفريق لا تملك حيثية نيابية ولا وزن شعبياً مسيحياً ولا نضالاً تاريخياً؟”.
ويعتبر أن “التوافق على عون حصل بعد فراغ عامين ونصف وبعد التخلي عن ترشيح جعجع وبعد أن جاء من يخبره (لجعجع) بأنه إذا لم تسيروا بمرشح من 8 آذار فسيطير اتفاق الطائف، وبعد أن أعلن عون أنه لن يكون رئيس طرف بل جسر وصل بين 8 و14 آذار وزار معراب ووقع وثيقة سياسية سيادية مع جعجع ثم رماها في البحر، ولذلك لن نكرر التجربة مع فرنجية وسنقطع الطريق على أي رئيس من 8 آذار”.
هل يمكن أن تجمع بكركي الأقطاب المسيحيين على رئيس كما فعلت بانتخاب عون؟.
يجيب جبور: “هذا مستحيل، ولن تكرره بكركي والمواصفات التي وضعها البطريرك الماروني ما بشارة الراعي تختلف عن المرة السابقة، ولذلك الامر غير مطروح، لا عند الراعي ولا عند القوات اللبنانية”.
ويكشف المسؤول الإعلامي للقوات عن لقاءات بعيدة عن الأضواء بين القوى السيادية للتفاهم على ثلاث مرشح لخوض المعركة الرئاسية به في المجلس النيابي، من خلال تأمين حوالي 65 نائباً أي الأكثرية العادية. ويضيف: “في انتخابات نائب رئيس المجلس النيابي تمكنا من جمع 60 صوتاً ويبقى لدينا 5 أصوات، وهذا ليس مستحيلاً”.
لكن نائب ووزير سابق يبدي استغرابه إزاء تضخيم الاستحقاق الرئاسي أكبر من حجمه الحقيقي، ويتساءل عبر “أحوال”: هل يستطيع رئيس الجمهورية الجديد حل المشاكل ووقف نزيف الانهيار بمفرده؟ لا سيما وأننا سبق وأجرينا استحقاقات عدة كالانتخابات النيابية ورئيس ولن تحل الأزمة، لأن الرئيس هو حكم وليس أداة تغيير.