زيارة الرئيس الأسد.. نحو حقبة عربية جديدة
تصدرت زيارة الرئيس بشار الأسد الى الامارات العربية المتحدة المشهد السياسي، خصوصا وانها جاءت على وقع التطورات الحاصلة في العالم، بظل العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا مع ما تضمنته من اعادة فرز للسياسة العالمية خاصة على صعيد تثبيت المحور الروسي – الصيني بمواجهة المحور الاميركي الغربي، والذي امتد حُكما على مستوى المنطقة العريية والتي شهدت بعض التموضعات السياسية الجديدة.
وفي السياق جاء الموقف الاميركي المندد بزيارة الرئيس الأسد الى الامارات بمثابة اشارة سياسية مستاءة من مضمون الزيارة والتي تتخطى مسألة البرتوكول الى ما هو اعمق واهم من مجرد زيارة رئيس دولة عربية الى دولة اخرى ولقاء قادتها.
فزيارة الرئيس الأسد الى الامارات هي الاولى له الى دولة عربية منذ بداية الحرب التي تعرضت لها سوريا قبل احد عشر عاما والتي بدأنا نشهد خواتيمها بانهزام المشروع الذي كان يهدف الى اسقاط سوريا الدولة المركزية القوية، وتحويلها الى مستنقع للارهاب تديره واشنطن وتل ابيب واستخدام ذلك من اجل فرض شروطهما في المنطقة وما شهدناه على صعيد صفقة القرن خير دليل على ذلك.
وتأتي زيارة الأسد الى الامارات بعد الموقف الاماراتي – السعودي المتقدم لجهة عدم الرضوخ لطلب الرئيس الاميركي الذي أراد من الامارات والسعودية زيادة انتاجهما من النفط لتعويض النقص الحاصل بظل الاجراءات الروسية بعد العقوبات الاميركية عليها على خلفية العملية العسكرية في اوكرانيا، ما يعتبر مؤشرا على دخول العلاقة بين واشنطن والخليج مرحلة جديدة عنوانها رفض الخضوع للاملاءات والشروط الاميركية.
وجاءت زيارة الرئيس الأسد الى الامارات بظل الانفتاح الخليجي وتحديدا الاماراتي – السعودي على الصين، والبحث جديا في امكانية تقليص التعامل بالدولار في تجارة النفط، مع ما يعنيه ذلك من خسائر كبيرة سيتكبدها الدولار الاميركي واقتصاد الولايات المتحدة الذي يعيش ازمة حقيقية بظل ارتفاع سعر النفط عالميا.
لا شك ان زيارة الرئيس الاسد الى الامارات واللقاءات التي عقدها مع ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والتأكيد المشترك على وحدة الاراضي السورية وخروج القوات الاجنبية من سوريا، بالإضافة الى لقائ الرئيس السوري مع حاكم دبي الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي تعتبر مؤشرا على الانفتاح العربي على سوريا، والذي سيترجم بالدور الاماراتي في عملية اعادة الاعمار التي ستشهدها سوريا بعد سقوط المشروع التدميري الذي استهدفها على مدى السنوات السابقة، وانتهى بخروج دمشق منتصرة رغم الخسائر البشرية والدمار الذي تعرضت له على صعيد البنى التحتية.
اذا وفي ظل الانعطافة العربية والعودة الى سورية والذي سيترجم سياسيا بمشاركة سوريا في القمة العربية المقبلة في الجزائر آواخر العام الجاري، والذي يتوج بداية حقبة عربية جديدة عنوانها استعادة العلاقات العربية مع سوريا، مع ما يحمله ذلك من دلالات في السياسة والذي سيتظهر ايضا في العلاقة مع القوى الدولية المحورية، والعمل على اعادة ترتيب البيت العربي الداخلي، بظل الازمات القائمة من اليمن الى العراق وليبيا، وبالطبع فلسطين التي تشكل مدار وبوصلة الموقف العربي، لا سيما بعد فشل مشروع صفقة القرن ونجاح محور المقاومة الذي تشكل دمشق احدى ركائزه في خلق توازن قوى جديد.
يوسف الصايغ