المستقبل يطلّ مواربًا في عكار وتحالف مُضمر بين ميقاتي وفارس
بدأت معالم المشهد الإنتخابي في دائرة الشّمال الأولى (عكّار) تتضح شيئاً فشيئاً، بالتزامن مع الإعلان عن ولادة أول لائحة يوم الأربعاء 9 آذار/مارس الجاري، والأحاديث عن نواة لوائح وتحالفات فضلاً عن ترشيحات للإنتخابات النّيابية المرتقبة في 15 أيّار المقبل، ما أعطى دفعاً قويّاً للإستحقاق الإنتخابي كان غائباً في الأيّام السّابقة.
اللائحة التي جاءت كاملة من 7 أعضاء، كانت صورة طبق الأصل تقريباً عن لائحة تيّار المستقبل التي خاضت إنتخابات 2018، باستثناء القوات اللبنانية التي أُبعدت عنها بعد الشّرخ الكبير بينها وبين التيّار الأزرق، وضمّت كلّاً من: النائبين وليد البعريني ومحمد سليمان والمرشّح إبراهيم المصموعي (سنّي) النائب هادي حبيش (ماروني)، المرشحين سجيع عطية وجوليا حنا (روم أرثوذكس) والمرشح احمد رستم (علوي).
أمران لفتا الأنظار في اللائحة الوليدة: الأوّل أنّها ضمّت نواباً ومرشّحين محسوبين قلباً وقالباً على تيّار المستقبل، أطلقوا على لائحتهم إسم “أهل الوفاء” في دلالة غير مباشرة على استمرار ولائهم للتيّار الأزرق وقيادته، من أجل ملء الفراغ بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري وتيّاره رسميّاً من السّباق الإنتخابي، وقطعاً للطريق على من يحاول وراثة التيّار في المنطقة.
أمّا الأمر الثاني، فتمثل في انضمام سجيع عطية، مدير مكتب نائب رئيس الحكومة السّابق عصام فارس، إلى اللائحة المذكورة، ما أثار تساؤلات حول إنْ كان انضمامه جاء بإيعاز من فارس وأنّه يدعم هذه اللائحة، قبل أن يتضح عكس ذلك لاحقاً.
فبعد أقل من 24 ساعة على إعلان لائحة “أهل الوفاء” أُعلن في عكّار عن إعطاء فارس الإشارة الى مقربين منه بإعادة فتح مركزه الكائن في حلبا (مركز المحافظة)، والبدء بتنظفيه وتأهيله، ووضعه بتصرّف الرئيس نجيب ميقاتي، الذي أفادت مصادر مقرّبة منه أنّه “بصدد تشكيل لائحة وخوض الإنتخابات في عكّار، وعدم اقتصار حضوره الإنتخابي على طرابلس ودائرة الشّمال الثانية التي تضم أيضاً الضنّية والمنية”.
ومع أنّ فارس أكّد عبر مقربين منه أنّ خطوته “لا تعني أبداً أنّه سيترشح للإنتخابات أو أنّ واحداً من أبنائه سيترشّح لخوضها”، فإنّ تساؤلات عدة طرحت حول أسباب مقاربة فارس الإستحقاق الإنتخابي هذه المرّة، ولو بشكل غير مباشر، وهو الذي رفض نهائياً في السّابق خوض الإنتخابات النّيابية بأيّ شكل من الأشكال، منذ مغادرته لبنان عام 2005، وأقفل بعدها مكاتبه وأوقف أغلب خدماته.
لكنّ مصادر مطلعة كشفت لـ”أحوال” أنّ “هناك إتصالات بعيدة عن الأضواء تجري بين ميقاتي وفارس لتشكيل لائحة، نواتها منسق تيّار العزم في عكّار هيثم عز الدين، بالتحالف مع النّائب السّابق طلال المرعبي الذي سيخوض الإنتخابات بدلاً من نجله طارق، والنائب السّابق كريم الراسي المقرّب من رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، وأنّ اتصالات جارية من أجل انضمام آخرين إليها”.
إلى هاتين اللائحتين، قطعت الإتصالات لتشكيل لائحة من قوى 8 آذار/مارس والتيّار الوطني الحرّ وحلفائهما شوطاً مهمّاً. وأفادت مصادر مطلعة لـ”أحوال” أنّ هذه اللائحة “تضمّ النائب أسعد درغام (روم أرثوذكسي) وجيمي جبور (ماروني) عن التيّار البرتقالي، والنّائب السّابق محمد يحيى، إضافة إلى مرشّحي حزب البعث أحمد عثمان (سنّي)، وعمار أحمد (علوي)، بينما ما يزال التحالف مع الحزب السّوري القومي الإجتماعي معلقاً، بعدما أوضح على لسان عميد الإعلام فيه فراس الشّوفي أنّه “إذا ترشّح فايز كرم (المتهم بالعمالة مع إسرائيل) على لوائح التيّار فالحزب القومي لن يتحالف معه في كلّ لبنان”.
أمّا القوات اللبنانية التي ما تزال تبحث عن حليف سنّي لها بعدما فضّ تيّار المستقبل شراكته معها، فقد رشّحت وسام منصور (روم أرثوذكس) بديلاً من النائب وهبي قاطيشا، إضافة إلى النقيب السّابق للمحامين ميشال خوري (ماروني).
وأحدث ترشّح النائب السّابق خالد ضاهر حراكاً في عكّار نظراً لما يملكه من ثقل إنتخابي، خصوصاً في مسقط رأسه بلدة ببنين أكبر بلدة من حيث السّكان والنّاخبين في المنطقة، إنّما من غير أن تُعرف وجهة تحالفه بعد، بينما ما يزال وضع الوزير السّابق أشرف ريفي الإنتخابي في عكّار مبهماً.
وسط كلّ ذلك، يبحث مرشّحو المجتمع المدني وحَراك 17 تشرين وقوى التغيير عن مكان لهم في المعادلة، لكنّ كثرة عدد مرشحيهم وتوزّعهم على أكثر من لائحة من شأنه أن يضعف حظوظهم في تثبيت وجودهم وتأمين حصولهم على حاصل إنتخابي.
عبد الكافي الصمد