علوش يخذل الحريري بعد “مشادة كلامية” ويلتحق بـ”قاطرة” السنيورة
الهدف.. جذب جمهور المُستقبل وخلق كتلة نيابية لمواجهة حزب الله
لم يكُن قرار نائب رئيس تيار المستقبل السابق مصطفى علوش مفاجئًا بتقديم استقالته من “التيار”، بعد اتصال أجراه بالرئيس سعد الحريري أبلغه فيه قراره.
فما هي الأسباب التي دفعت علوش لاتخاذ هذه الخطوة؟ وما علاقة الحركة السياسية التي يقوم بها الرئيس فؤاد السنيورة بالتنسيق مع “نادي رؤساء الحكومات السابقين” و”دار الفتوى” لسد الفراغ الانتخابي والسياسي الذي خلفه قرار الحريري بالعزوف عن المشهدين الانتخابي والسياسي؟
ليس خافياً موقف علوش المعارض للكثير من سياسات الحريري، لا سيما سياسة “مهادنة” حزب الله والتسوية الرئاسية مع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر. لكن الخلاف المستجد بين الرجلين حول قرار الحريري منع المستقبليين من الترشح كان “الشعرة التي قسمت ظهر البعير”. إذ تكشف مصادر مطلعة لـ”أحوال” عن نقاشٍ حاد ومشادة كلامية عنيفة بين الحريري وعلوش الذي اعترض على قرار الحريري خلال مداخلته في اجتماع “بيت الوسط” في 14 شباط الماضي بقوله للحريري: إذا كان هناك ضغوط عليك فلا يجوز زج تيار المستقبل بقرارك ومنع الحزبيين من الترشح، لأن ذلك سيُشتت جمهور تيار المستقبل ما يصعب استعادته لاحقاً. وبعد هذا الاجتماع المستقبلي العاصف بدأ علوش يعد العدة ويحضر الأرضية للانسحاب المنظم والسلس من “الحظيرة المستقبلية” وراح ينسق مع السنيورة الذي ينسق بدوره مع دار الفتوى للملمة الجمهور المستقبلي وللحؤول دون انتقاله إلى قوى أخرى تنضوي تحت لواء حزب الله.
“شذوذ” علوش وتغريده خارج “السرب المستقبلي” والتحاقه بقاطرة السنيورة، سيلتحق به الكثير من نواب ومسؤولي تيار المستقبل بحسب ما علم “أحوال” لاعتبارات مصلحية ومناطقية. وتضع المصادر خطوة علوش في اطار الانضمام الى الحركة التي يقودها السنيورة لقرصنة القاعدة الشعبية الزرقاء ولسد الفراغ في البيئة السنية والنتوءات التي من الممكن أن تتسلل عبرها قوى أخرى غير محسوبة الى سدة زعامة السنة في لبنان.
وتكشف المصادر أن السنيورة أمام خيارات صعبة ويواجه إشكالية جوهرية هي مكان الترشح. فحضوره ضعيف في صيدا، فيما هو غير مستساغ ومرغوب به في بيروت، لكنه يتحصن بضوء أخضر خارجي لحراكه وحركته المكوكية بين الأقطاب السنة.
ويهدف السنيورة بحسب المصادر الى خلق كتلة نيابية سنية مستقلة داخل المجلس النيابي تحت ادارته المباشرة، وتكون بديلة عن تيار المستقبل يجري تجييرها في مواجهة حزب الله، ولذلك حاول إقناع نواف سلام لما يمثله من “ثقل بيروتي” للترشح على أحد دوائر العاصمة، لكن سلام رفض ذلك لأسباب سياسية وشخصية.
وتكشف المصادر أيضاً عن تنسيق السنيورة مع حزب القوات اللبنانية، فيما ليس خافيا العلاقة الوطيدة بين علوش و”القوات”، إذا كان نائب رئيس المستقبل يُعد الرجل “القواتي” في “المستقبل”.
وكشفت المعلومات أن مشروع السنيورة لا يختلف عن مشروع بهاء الحريري الذي لم يستطع فرض نفسه ومشروعه على أهل السنة في لبنان، فالمشروعان يصبان في “الخندق” الأميركي في نهاية المطاف، إلا أن بهاء الحريري رفض الانضواء تحت قيادة السنيورة للشارع السني وللعملية الانتخابية، ويتلاقى ذلك مع رفض الرئيس تمام سلام ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ودار الفتوى لدخول بهاء الحريري الى “الميدان السني”.
وتخلص المصادر بالقول إن “علوش خذل الحريري”، بعدما سبقه السنيورة الى ذلك، علماً أن السنيورة كان أول المتمسكين بسعد الحريري والمدافعين عنه عندما أعلن قراره الشهير بالعزوف، حيث خاطبه السنيورة بعبارة “أخي سعد”، لكنه لاحقا كان أول المنشقين والخارجين عن قراره بمخاطبته الشارع السني المشاركة في الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً. علمًا أن علوش لطالما واظب على تأييد قرارات الحريري حتى لو كان معارضا لها وآخرها قرار تعليق الحريري أعماله الانتخابية والسياسية.
ماذا حصل؟
المصادر تشير إلى أن السنيورة تمكن من إقناع الاميركيين بأنه يستطيع لمّ الشارع السني وانتاج كتلة نيابية سنية مستقلة عن “الحريرية” والقوى السنية الأخرى، ولذلك بادر السنيورة بإجراء مروحة اتصالات وسلسلة لقاءات مكوكية لتأليف لوائح ونسج تحالفات في الدوائر السنية. لكن الهدف ليس الخوف على الفراغ السني والجمهور المستقبلي كما سوّق السنيورة في مؤتمره الصحافي الأخير، بيد أن الهدف انتهاز فرصة غياب الحريري عن المشهد الداخلي لسرقة جمهوره وتقليص حجم زعامته والدخول الى المجلس النيابي بكتلة نيابية قد تكون نسخة عن المستقبل وتحت مسمى رديف عنها، لكن بشعارات وسياسات مختلفة جوهرها تنفيذ ما عجز عنه الحريري الذي دأب على رفض الفتنة المذهبية والانخراط في مواجهة عسكرية مع حزب الله على غرار ما فعل رئيس القوات سمير جعجع في “الطيونة”، حيث كان يردد الحريري في مجالسه الخاصة بأن حزب الله قوة لا يستهان بها ويحسب لها حساب إقليمياً ودولياً ولا يمكننا مواجهتها وتدفيع البلد وشعبه الثمن بفتنة كبيرة، لذلك علينا أن نحفظ التوازنات السياسية والطائفية في البلد. وتعتقد المصادر أن سعد الحريري دفع ثمن مواقفه المهادنة لحزب الله ولسلاحه ولذلك رمى الكرة الى الملعب السعودي وغادر الملعب السياسي.
محمد حمية