هل ينفّذ اللواء عثمان مذكرة توقيف حسن خليل؟
مصدر في "الثنائي" لـ"أحوال": البيطار يريد تفجير البلد وآخر الدواء "الكيّ"
يبدو أن ملف تحقيقات تفجير مرفأ بيروت يتّجه إلى مزيد من التأزيم، بعدما أعاد المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار التأكيد على مذكّرة التوقيف الغيابية التي أصدرها بحقّ الوزير السابق والنائب علي حسن خليل، وتزييل المذكرة بعبارة “فوراً وعاجلاً”، ما يخفي “محاولة لاستفزاز ثنائي “حركة أمل” و”حزب الله” لاستدعاء ردّات فعل شبيهة بتظاهرة الطيونة أو ما عُرف بالخميس الأسود لأخذ البلد نحو الفتنة والانفجار”، بحسب ما قال مصدر مطّلع في “الثنائي” لـ”أحوال”، والذي حذّر من تطورات دراماتيكية سيشهدها هذا الملف في سياق تشديد الضغوط الأميركية – السعودية ضد لبنان.
قرار البيطار جاء بعد مضيّ ثلاثة أيام على قرار محكمة الاستئناف المدنية بردّ طلب ردّ البيطار المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس، وعودة المحقّق العدلي إلى ممارسة نشاطه.
في 12 تشرين الأول الماضي، أصدر البيطار مذكّرة توقيف غيابية بحقّ حسن خليل الذي رفض الحضور إلى قصر العدل للمثول أمام المحقّق العدلي للاستماع إلى إفادته بسبب اتهام فريق سياسي وازن من ضمنه “حركة أمل”، المحقق العدلي بالاستنسابية، إلا أن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، رفض تعميم تنفيذ مذكرة التوقيف وأعادها إلى النيابة العامة التمييزية، لكن النيابة العامة التي يرأسها القاضي غسان عويدات، وتجنباً للإحراج، أحالت رأي عثمان إلى القاضي البيطار نفسه، وما لبث الأخير أن أصرّ على المذكرة وطلب تنفيذها فوراً وعاجلاً.
فما هي المفاعيل القانونية لقرار البيطار، وعلى ماذا استند؟ وهل دخلت المذكّرة حيّز التنفيذ؟ وما هي الخطوة الثانية التي سيقدم عليها في حال لم تُنفّذ القوى الأمنية المذكرة؟
مصادر عليمة أفادت لـ”أحوال” أن “اللواء عثمان لن ينفّذ مذكرة توقيف حسن خليل لأسباب عدة قانونية وسياسية وطائفية، لا سيما أنه وفي حال نفّذها سيكون مضطراً لتنفيذ جميع مذكرات التوقيف الذي يمكن أن يصدرها المحقق العدلي، لا سيما بحق رئيس الحكومة السابق حسان دياب وربما رؤساء حكومات سابقين، ما سيجعل عثمان في مواجهة مع طائفته أولاً ومع الطائفة الشيعية ثانياً، كون المطلوب توقيفه هو المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري.
خبير قانوني وعسكري أبدى لـ”أحوال” استغرابه الشديد حيال خطوة البيطار “غير القانونية”، لا سيما ذكره مصطلحَي “فوري وعاجل”، ما يُعدّ سابقة قانونية غير ملحوظة في القانون لا تهدف سوى لاستفزاز أطراف معيّنة، إذ أن مذكرة الجلب عادة تُقرن بكلمة فوري أو عاجل، لكن مذكرة التوقيف تحمل في مضمونها التنفيذ الفوري والعاجل ولا تحتاج إلى الذكر، جازمًا بأن “البيطار تجاوز دور وصلاحية مجلس النواب الذي يمنع توقيف أي نائب، لا سيما وأن المجلس بحالة انعقاد عادي، ما يستوجب على المحقّق العدلي بالحد الأدنى إبلاغ رئاسة المجلس النيابي بأي مذكرة يتّخذها بحق النواب، وعدم إصدار أي مذكرة قبل أخذ إذن المجلس النيابي”.
في المقابل، أوضح الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك لموقعنا أن “القاضي البيطار له الحق استناداً إلى الفقرة الأولى من المادة 362 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، إصدار كافة المذكرات على أنواعها حتى من دون طلب النيابة العامة التمييزية، وهذه القرارات غير قابلة لأي طريق من طرق الطعن، وبالتالي المذكرة الصادرة بحق الوزير حسن خليل ضمن إطارها القانوني، واستند البيطار إلى معطيات معيّنة في الملف وهي سرية لا يستطيع أحد الاطلاع عليها، وبالتالي رأى أن هناك ضرورة لإصدار مذكرة توقيف غيابية”.
أما في حال رفضت قوى الأمن الداخلي تنفيذ المذكرة، فلفت مالك إلى أنه “باستطاعة المحقق العدلي مخابرة النيابة العامة التمييزية التي بدورها تأخذ علماً بموضوع التقصير الحاصل بعدم تنفيذ المذكرة، وبإمكان النيابة العامة التمييزية الادعاء على الضابط الأمني المسؤول المتمثل بمدير عام قوى الأمن، وفق المادة 374 من قانون العقوبات اللبناني التي تنص على أن كل تقصير من قبل أي ضابط أو رتيب أمني بعدم تنفيذ مذكرة قضائية يعرّضه للحبس والملاحقة، وهذا أمر ممكن أن يذهب إليه المحقق العدلي”. وبرأي مالك، فإن المذكّرة دخلت حيّز التنفيذ وتنفيذها من مسؤولية القوى الأمن، لكنه يرى أن “هذا القرار تتداخل فيه المعطيات السياسية بالقانونية، ولن ينفذ نظراً للوضع الراهن والأمر الواقع”.
ورأت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لموقعنا أن “ملف المرفأ وتصعيد خطوات المحقّق العدلي ضد قوى سياسية معينة، يندرج في إطار تشديد الضغط والحصار الأميركي الغربي الخليجي ضد لبنان، بالتزامن مع المفاوضات الساخنة الدائرة في أكثر من ملف وقضية حساسة على الساحتين الدولية والإقليمية”، مشيرة الى أن “البيطار لا يقوم بعمل قانوني، بل عمل سياسي لاستفزاز قوى سياسية معينة”، متهمة إياه بتسريب خبر عن وجود شخص من “حزب الله” في المرفأ عند وقوع الانفجار، كاشفة أن “المحقق العدلي يتجه الى تضمين قراره الاتهامي إشارة أو ايحاء لضلوع “حزب الله” في التفجير”.
كما اتهمت المصادر المحقق العدلي بأنه “أداة أميركية والمطلوب منه أميركياً استكمال خطواته التصعيدية لأخذ البلد نحو الانفجار، الى أن تأذن له الولايات المتحدة الأميركية بوضع قراره الاتهامي”.
وفي سياق ذلك، حذّرت مصادر الثنائي عبر “أحوال” بأن “أمل” و”حزب الله” ومعهما الحلفاء في المردة وقوى أخرى، “مستمرون في مواجهة مشروع البيطار ومن يقف خلفه من جهات قضائية وسياسية في الداخل وقوى خارجية بكافة الوسائل السياسية والقانونية المشروعة، ومن ضمنها الاعتكاف عن حضور جلسات مجلس الوزراء مع الحرص على السلم الأهلي وعدم الانجرار الى الفتنة، لكن في حال وصلت “الموس” إلى الرقبة سيلجأ الثنائي الى آخر الدواء وهو الكي”.
محمد حمية