اتصالات الساعات الأخيرة: وزارة “المالية” للشيعة والثلث المعطّل غير موجود
الخوف من نوايا تخريبية خارجية تُطيح الإيجابيات
يُقال “اشتدّي أزمة تنفرجي”. يبدو أننا وبحال صدقت النوايا فقد تنفرج الأزمة الحكومية بعد أن اشتدّت في الايام الماضية وكادت تُطيح كل التفاؤل الذي رافق المبادرة الفرنسية، ولكن رغم هذه الإيجابية التي لاحت بالساعات الماضية، تصرّ مصادر سياسية مطّلعة على مفاوضات تشكيل الحكومة على القول “لا تقول فول ليصير بالمكيول”.
رغم مرور أسبوعين على تكليف مصطفى اديب تشكيل الحكومة اللبنانية لم يكن الرئيس المكلف قد مارس واجباته بعد، اذ لم يكن قد قام بمشاورات سياسية لأجل بناء حكومته، سوى تلك التي شهدها قصر عين التينة بينه وبين الكتل النيابية، ولكن أمس قد شهد على تبدّل الحال، فأجرى أديب بحسب المصادر إتصالات عديدة، أبرزها مع حركة أمل وحزب الله، مع العلم ان اتصال اديب بالحزب جرى للمرة الاولى منذ تكليفه، ويمكن القول أن قطار المشاورات قد انطلق بشكل فعلي يوم أمس.
لم يكن أديب وحده من تحرك، فبحسب المصادر كان لمدير عام الأمن العام عباس ابراهيم جولاته واتصالاته ايضا، وكان لحزب الله أكثر من حديث وكلام واتصال مع رئيس حركة أمل نبيه بري، وكان للحزب اتصاله بالجانب الفرنسي أيضا، مع السفير في لبنان الحالي والسابق، الامر الذي شكل مفاجأة لخصوم الحزب في لبنان، وكل هذه الحركة ساهمت بفتح كوّة في جدار الأزمة.
كان اديب بطريقه الى الإعتذار عن التشكيل، ولكن تشير المصادر الى أن كل شيء تبدّل بعد إعلان الرئاسة الفرنسية بأن المجال لا يزال مفتوحا امام اللبنانيين للوصول الى حلول، وهذا الأمر أثبت وجهة النظر القائلة بأن بعض اللبنانيين كانوا ملكيين اكثر من الملك، وتعاملوا مع المبادرة الفرنسية وكأنها كتاب مُنزل، وتعاطوا مع المهلة الفرنسية وكأنها مهلة إسقاط، ولكن بالحقيقة وبحسب المصادر فقد تبيّن أن ما يهم فرنسا هو نجاح مبادرتها في لبنان، خصوصا أنها لم تقم بها لسواد عيون اللبنانيين فقط، بل لها حساباتها ومصالحها، وهي لا تريد فشل مبادرتها بهذه السرعة وهذه الطريقة.
“اقتنع الفرنسيون أن الفريق الشيعي لن يتنازل” تقول المصادر، مشيرة الى أن المعنيين بالتشكيل تأكدوا من هذا القرار بعد أن عُرض على هذا الفريق الحصول على وزارتين سيادتين هما وزارة الخارجية ووزارة الدفاع مقابل التخلي عن المالية، ورفض، الامر الذي انطلقت منه كل المشاورات الأخيرة، والتي تهدف الى ولادة حكومية خلال 48 ساعة، كاشفة أن الأمور تتجه الى حصول حركة أمل وحزب الله على وزارة مال، ولكن بإسم متفق عليه بين الفريق الشيعي ورئيس الحكومة المكلف، وبأن لا يكون من الحزبيين، والأهم هو أن حصول الشيعة على الحقيبة لن يكون من باب الميثاقية، بل من باب التقسيم السياسي، فليس المطلوب انتصار طرف على آخر، كاشفة أنه لن يُعطى أي طرف بالحكومة الثلث المعطل، لا الفريق الشيعي الذي طالب بالثلث منذ يومين ولا غيره.
وتضيف المصادر: “قد لا نشهد مداورة بالمعنى الحقيقي للكلمة، فوزارة الطاقة مثلا قد تكون من حصة رئيس الجمهورية وبإسم من خارج دائرة الحزبيين والمستشارين، وتسميات الوزراء ستكون خاضعة للتفاهم بين الرئيس المكلف والاحزاب، ولكن بشرط ان لا تطرح هذه الأحزاب أسماء حزبية”، مشددة الى أن ملف الاسماء والحقائب سيكون على طاولة بحث عون واديب.
تؤكد المصادر أن الجميع مقتنع بأن لا حكومة هو أمر خطير للبلد، لذلك من غير المستبعد أن تولد الحكومة خلال اليومين المقبلين، ولكن بشرط واحد، هو عدم تدخل الاطراف الخارجية القادرة على التخريب، فبحال تواجد أي قرار بقطع الطريق على الحل فلن يكون لكل الإيجابيات التي سُجّلت الليلة أي مفاعيل على أرض الواقع. فهل تنجح مساعي اللحظات الأخيرة أم ان إرادة التخريب أقوى من إرادة البناء؟
محمد علوش