دراسة الكونكتوم أثناء مراحل النمو تكشف عن مبادئ نضج الدماغ
من المعروف أنَّ الجهاز العصبي لدى الحيوانات يتغير مع نمو جسده منذ الولادة وحتى البلوغ، كما يتغير مع نضج سلوكه كذلك، لكنْ ما لا نعرفه إلى الآن هو كيفية إعادة تشكيل الدوائر العصبية على مستوى الكونكتوم (خريطة شاملة للترابطات العصبية في المخ)، ونطاق هذه العملية.
لجأ العلماء، في هذا البحث المنشور في مجلة نايتشر العلمية، إلى تصوير مقطع تسلسلي بالمجهر الإلكتروني، من أجل إتمام عملية إعادة بناء كاملة لأمخاخ ثمانية كائنات متماثلة من نوع دودة الربداء الرشيقة Caenorhabditis elegans عبر جميع مراحل نموها بعد الولادة، وذلك بهدف تقصّي الطريقة التي يطرأ بها التغيُّر على المخ مع التقدم في العمر. وقد لاحظ الباحثون أن المخ قد احتفظ بأبعاده العامة منذ الولادة حتى البلوغ. ومع ذلك، ظهرت تغييرات كبيرة في التوصيل الكيميائي بين المشابك العصبية في هذا الإطار العصبي الديناميكي المتسق.
وعند مقارنة كونكتومات أفراد هذه الكائنات ببعضها، رصد العلماء اختلافات بارزة في التوصيلات، تجعل كل مخ مميزًا بصورة جزيئة. كما أن المقارنة بين الكونكتومات على طول مراحل النمو المتعاقبة تكشف عن تغييرات بين العصبونات المختلفة، تنجُمُ عنها اختلافات في الروابط القائمة بالفعل، وتنشئ روابط جديدة، في حين تؤدي التغييرات الجماعية في الشبكة العصبية إلى تغيير في عملية معالجة المعلومات. أمَّا الدوائر العصبية المركزية، المسؤولة عن عملية اتخاذ القرار، فتبقى كما هي أثناء مرحلة النمو، في الوقت الذي يُعاد فيه تشكيل المسارات الحسيّة والحركية بصورة كبيرة. ومع التقدم في العمر، يصبح المخ أكثر اعتمادًا على التغذية الأمامية بصورة متزايدة، كما يُقسَّم إلى وحدات متمايزة.
وهكذا، فإنَّ دراسة الكونكتوم أثناء مراحل التطور تكشف النقاب عن المبادئ الأساسية وراء عملية نضج المخ.