بعنصرية … قناة المر تطلق الفدرالية ومواجهة إيران
حَفلت الحلقة الأخيرة من برنامج “صار الوقت” بمضامين مثيرة، هي ليست المرّة الأولى التي تستخدم فيها المحطة البروباغاندا “المركزة”، عبر تقاريرها وبرامجها العامة، ولكنّ “الطحشة” من خلال برنامج “صار الوقت” كانت لافته، خاصةً في زمن انهيار البلاد وتسويقها على أنّها بدائل علمية وحلول واقعية.
هي ليست المرّة الأولى التي تعمل محطة المر على إثارة المواضيع الشائكة، ويحاول مقدم برنامج “صار الوقت” مارسيل غانم، كما عادته، الإيحاء بأنّه يخدم البلاد والعباد بطرحه هذا، لكن في هذه الحلقة (الخميس 10-6-2021) كانت الرموز والإيحاءات معبّرة جداً بما يزيد عن طاقة الواقع من الاحتمال.
وعلى الهامش يمكن تسجيل بضعة ملاحظات:
1- المقدمة كانت إعلان حرب على “الاحتلال الايراني” للبنان، بمصطلحات جارحة بحق رئيس الجمهورية والحكومة ووزيرة الخارجية وبكائيات غانم على لبنان الذي سرقه ودمره “رئيس حزب مسلح” متجاوزاً السقف الوطني.
2- في المقدمة أيضاً يستهزئ غانم بطرح استيراد النفط من إيران ويغمز بسخرية مقارناً بين الأحزاب “… من جبران باسيل إلى شاكر البرجاوي…” فمن سمح لك بالهزء من قوى وشخصيات موجودة وبالمناسبة هي لم تتلوّث بلعبة الفساد والدم. وبذات الوقت يرفض هو نفسه “التعرّض لأشخاص” لمجرّد أنّ أحد الضيوف قد ذكر رياض سلامة.
3- ضيوف الفقرة الأولى مزيج من أبناء حقبة الحرب الأهلية وتلاميذهم، رئيس القوات اللّبنانية الأسبق فؤاد أبو ناظر إلى جانب مسوقي نظريات وأفكار الأب سليم عبو وتعددية المجتمع اللّبناني والحل بالفديرالية.
4- يؤسس الطرح على قاعدة فشل تجربة الوحدة اللّبنانية، وما مشاهد “طوابير الذل على محطات الوقود والصيدليات..” ليست سوى بعض عوارض المرض المزمن لسياسات الاقتراض والاحتكار وتدوير المنافع على منظومة المصارف بأمر من الحاكم بأمر المال الذي يستقتل غانم وصحبه بالدفاع عنه.
5- لماذا تعمد محطة المر في هذا الوقت لإثارة الشعارات التي سبقت الحرب الأهلية في العام 75؟ وهل تستدعي التعمية على ملفات الاحتكار ونهب المال العام والمساس باحتكارات الكنيسة وبعض العائلات والإقطاعات كل هذا التهويل والتلويح بالحرب؟.
6- ألم تستأهل هذه الحلقة وشروحاتها و”ديماغوجيتها” المرور على الاحتلال الإسرائيلي للبنان وتنكيله بشعبنا لعقود، هذا إذا لم نأخذ القضية الفلسطينية على محمل المبدأ الأخلاقي على الأقل.
7- يقول غانم في مقدمته “في مقاطعة لبنان الإيرانية، لم نجد مسؤولاً واحداً عليه القدر والقيمة، لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا وزيرة الخارجية ولا أي مسؤول في هذه الدولة، يردّ على رئيس حزب مسلّح، هدّد الدولة اللّبنانية بأن تتجرأ وتمنعه من استقدام البنزين من إيران”، فهل قدمت أيها الاعلامي الحل المنطقي لشعبك حتى تتهم من يحاول إيجاد الحل، وإن كنت لا توافقه فهلا ناقشته؟؟؟.
8- في الخريطة التي طرحها منظرو الفديرالية ما يوحي بالعمل المتقن ولكنّها في الحقيقة هي تدمير للمجتمع والبيئات التي تعلن إنقاذها، ألم تتعلم المدرسة التقسيمية في لبنان من دروس الماضي القريب كيف أدّت القوقعة إلى تدمير ما كان يُسمى بالـ”المجتمع المسيحي” أولاً؟
9- في سياق الحلقة حاول المحيطين بطاولة الحوار إسكات ومقاطعة الباحث حارث سليمان لمجرد أنه قد طرح مغايراً لما رموه من نظريات، وبالمناسبة هو من المناهضين للثنائي الشيعي حتى لا يُقال أنّ الطرح ذات خلفية دفاعية عمّا قالته الحلقة.
10- لماذا جاءت ردود الأفعال سريعة وعنيفة ممن لا يؤيد طروحات حزب الله، مثل تغريدات النائب عن اللّقاء الديمقراطي هادي أبو الحسن، أو غيره، ولماذا يتجدّد هذا الطرح دورياً ومن قبل فئة واحدة من المجتمع، فهل تحتمل البيئة “المسيحية” مزيداً من المشاريع الخطأ في زمن تحوّل المنطقة كلياً؟ وماذا عن الديمغرافيا يا أصدقاء؟.
11- خلال الحلقة حاولت الإعلامية ألسي مفرج السؤال عن وضع العلمانيين في البلاد وما هو مصيرهم لتلاقي رداً أشبه بالـ”الردح” من قبل أحد الحضور بأنّ “مكانك سيبقى حيث البيئة التي تحترم المرأة والتعدّدية… وما تنسي انك بنت كسروان”، فما هو هذا الطرح وأين يُصرف؟؟.
12- هناك مدرسة وآلية يجب أن تُدرّس للإعلاميين عن كيفية قمع كل رأي مخالف ونموذج الرجل الذي تحدث عن فساد حاكم مصرف لبنان وكيف استنفر مارسيل غانم لإسكاته بالقوة والصراخ ويختم خطبته متوجهاً إلى فريق عمل البرنامج أنه “في المرّات المقبلة لن تكون مسألة حضور المشاركين بهذه الطريقة…” فما هي شروط الحضور والمشاركة في المرّة المقبلة؟؟.
13- لماذا يستشيط مقدم البرنامج غضباً لحظة حديث أحد المشاركين عن خاتم الضيفة، وهي ممثلة لوكالة حصرية تحتكر المعدّات الطبية، ورفض كلامه بشكل هستيري “ونحن لسنا في نظام شيوعي حتى تحاسب الناس على لباسها”، ولكن ألا يحق للناس أن تسأل عن الساعات والهواتف المحمولة والكرافاتات؟ الهذه الدرجة يثير السؤال حمية الإعلامي النزيه؟.
ومن هنا يمكن تلخيص المشهد الاستعراضي يوم أمس على شاشة المر وربما غداً في أماكن أخرى:
لقد دقت ساعة هذه الصيغة، استشرى سرطان الاقتصاد الريعي والهندسات المالية السيئة في جسد الاقتصاد اللّبناني، واستحال مرضاً خبيثاً لا شفاء منه ولا رجاء، وإن قرّر حاكم المصرف بإسم العصابة الحاكمة أن يحكم على اللّبنانيين بالذل لأنّه بصدد رفع مفخخ غير معلن للدعم، وتواطأ معه كارتيل من التجار والمحتكرين وأصحاب الوكالات الحصرية تحميهم وكالات حصرية طائفية ومذهبية ومراجع دينية رفيعة، فإنه قد “صار الوقت” لتغيير كلّ الوجوه السياسيه والإعلاميه وعلى رأسهم الذين يأتي بهم مرسيل غانم كأبواق لتسويق “النهبة” على أنّها خيار لبناني عظيم.
وإلى ذاك الذي قال أنّه لن يلتقي مع حزب الله على طاولة ولو جاء مؤيداً للفديرالية حتى يرمي سلاحه، فأقل ما يقال فيه وعنه أنّه لم يدخل مدرسة في حياته، ولم يقرأ تاريخ الشعوب، ولم يسمع نشرة أخبار منذ عقود، وقد جاءت جيوش الأرض منذ عقدين لطرد الحزب نحو جنوب اللّيطاني ها هو اليوم يطردهم من ساحل المتوسط حتى شرق الفرات.
هي حلقة إثارة فارغة ولكنّها مزعجة لأنّها قد ذكرتنا بخطاب ما قبل الحرب الأهلية اللّعينة.