وزير خارجية مصر ضرب “المبادرة الفرنسية”
لا يمكن الحكم على زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى لبنان، فهي حملت في بعض طياتها إيجابيات، وساهمت في نفس الوقت بتعقيد المسائل، وهناك من ينظر إليها على أنها ناجحة جداً وهناك من فسّرها على أنها دعم لطرف على حساب طرف آخر.
البداية من الشكل
“من حيث الشكل، لا تشبه زيارة وزير الخارجية المصري لبنان، أي زيارة لوزير خارجية بلد ما إلى بلد ما”، تقول مصادر سياسية مطّلعة، مشيرة إلى أن غياب وزير الخارجية اللبناني عن نشاط نظيره المصري، أثار الإستغراب، مشددة على أن شكري حاول إظهار دعم مصر لفريق لبنان على حساب الآخرين، وتجلّى هذا الموقف من خلال اعتماد بيت الوسط منبراً له في المؤتمر الصحافي.
المضمون السياسي
في المضمون، تُجمع الأوساط السياسية على أن وزير الخارجية المصري لم يحمل أفكاراً جديدة بشأن الحكومة، بل جاء بحسب ما أبلغ من التقاهم لدعم المبادرة الفرنسية، ولكنه بالمقابل قرر عدم لقاء أفرقاء أساسيين في مسألة تشكيل الحكومة، وهو ما يتعارض مع ما جاء لأجله، فشكري لم يلتق حزب الله، وهذا قد يكون مفهوماً لمراعاة مشاعر السعوديين وموقفهم المعروف من حزب الله ومشاركته بالحكومة، ولكنه لم يلتق أيضاً رئيس أكبر تكتل نيابي لبناني، أي جبران باسيل، وهو ما يحمل دلالات كثيرة.
ترى المصادر أن مجرّد عدم لقاء باسيل يعني أن مصر انحازت نحو الحريري في معركته ضد رئيس التيار الوطني الحر، وهذا ما أفقدها دورها كجامع بين اللبنانيين، وأدى لاعتبار الزيارة “فاشلة” على صعيد الأهداف التي رُسمت لها، مشيرة إلى أنه في الأسبوعين الأخيرين، ساهمت التدخلات الخارجية بتعقيد المسألة الحكومية أكثر، حتى عندما أرادت بعض الدول المساعدة.
وتضيف: “عندما فكّرت فرنسا في جمع اللبنانيين في باريس، أعادت خلط الأوراق من جديد، مما زاد في تصلّب بعض الأفرقاء في الداخل، وها هي الزيارة المصرية تحمل نفس النتائج، إذ أنها ستساهم بتعقيد مسألة تشكيل الحكومة لأن أحداً لن يرضى أن يكون الحلّ على حسابه، أو يتحمّل وحده وزر الوضع العام.
بين رسالتي مصر والسعودية
تُشير المصادر إلى أن الرسالة المصرية جاءت معاكسة للرسالة السعودية التي صدرت عن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان منذ أيام، فالسعودية أعلنت تأييدها لأي شخصية قادرة على تشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات، بينما مصر جاءت لتؤكد دعمها لشخص سعد الحريري، مشددة على أن ذلك يتعارض مع مبدأ المبادرة الفرنسية الذي يركز على الإصلاحات.
بالنسبة إلى الموقف السعودي، فترفض المصادر تحميله أكثر مما يحتمل، فهو لا يعني أن المملكة لا تريد سعد الحريري، كاشفة أن السعودية أطلقت هذا الموقف تلبية للطلب الفرنسي الذي طلبه ماكرون من ولي العهد محمد بن سلمان، بأن تلعب السعودية دورها في لبنان بعد غياب طويل، وهو لا يحمل بالضرورة رسائل عميقة باتّجاه الحريري أو غيره، وهو كان متناسباً مع الموقف الفرنسي، والمبادرة الفرنسية بشأن شكل الحكومة المقبلة، وهذا ما لم تحترمه زيارة وزير الخارجية المصري إلى لبنان.