جرائم سرقة وقتل… OLX مطيّة اللّصوص والعصابات
بعد أن أخذ أمواله عبر تطبيق سوق الدولار... ذهب ولم يعد
التّطور التّكنولوجي وما رافقه من طفرة كبيرة في عالم الاتّصالات وسهولة استعمال وسائل التّواصل الإجتماعي وإتاحتها للجميع من دون قيد، بالإضافة إلى انتشار آلاف التّطبيقات على الأجهزة الذّكية، التي لاقت رواجًا كبيرًا لدى الناس، وبالتالي مردودًا كبيرًا للشركات المالكة لهذه التطبيقات، كلّها أمورٌ حملت وجهًا سلبيًّا في الكثير من الأحيان، فسهولة استعمال هذه التّطبيقات من قبل الناس جعلتها مطيّة للمخادعين والعصابات، وأصبحت فخًّا يحمله المواطن بيده، ولا يعرف في أي لحظة سيكون الضحيّة.
فبعد أن لاقى تطبيق OLX للبيع والشرّاء رواجًا كبيرًا بسبب مرونة استخدامه، إذ تسهّل هذه المنصة العملية التجارية بين البائع والشاري دون وسيط أو سمسار، استغلّه العديد من العصابات واللّصوص للقيام بسلب الناس.
يقوم هؤلاء بإيهام الناس بوجود بضائع (في معظم الأحيان تكون سيارة) بسعر تشجيعي أقل من سعرها في السوق، فيقع أحد روّاد المنصّة بالفخ، وعندما يتوجه لمكان إتمام عملية البيع والشراء يقدم أفراد العصابة بسرقة أمواله والسيّارة التي أتى بها، وربّما قتله إذا لزم الأمر، كما حصل مع المواطن جهاد ويزاني إبن بلدة شقرا الجنوبية الذي لاقى حتفه على يد إحدى عصابات هذا التطبيق.
ولفت مصدر مقرّب من عائلة المغدور في حديث خاص لـ “أحوال” أنّ الأخير توجّه إلى منطقة بعلبك، يرافقه ابناه، لشراء سيّارة كان قد رآها على تطبيق OLX ، وبعد تواصله مع الجهّة العارضة للسّيارة، أبلغوه أن يلاقيهم عند مفترق بلدة النبي شيت، وما إن وصل المغدور بسيّارته إلى النّقطة المحدّدة، لاحظ الإبن الذي كان يقود السّيارة أن هناك أربعة مسلحّين، وأدرك أن والده قد وقع ضحيّة عصابة، فداس على مكبس الوقود ليلوذ بالفرار، لكن أفرادها أطلقوا الرصاص باتجاه السيارة لإيقافها، ما أدى إلى إصابة الوالد جهاد في صدره ومقتله على الفور، وإصابة إبنه الذي كان في المقعد الخلفي في رجله، ليلوذ بعدها أفراد العصابة بالفرار، دون أن يتمكّنوا من الحصول على المبلغ، وفق ما أشار المصدر.
مصدر أمني لفت إلى أنّ الرّواية الرّسمية لم تصدر بعد، لكن كل المؤشّرات والقرائن تؤكّد أن المغدور ويزاني كان بصدد شراء سيّارة ووقع ضحيّة عصابة، لافتًا إلى أن هذه الوقائع تذكّرنا بما حصل في حادثة الفرزل ومقتل العسكري في المخابرات شربل نعمة، الذي كان برفقة أقربائه لصرف شيك مصرفي في منطقة الكرك، بعد أن وجدوا سعرًا مناسبًا عبر تطبيق OLX، فوقعوا ضحيّة عصابة مسلّحة خطفتهم، وأدى تبادل إطلاق النار داخل سيارة الخاطفين إلى مقتل نعمة وأحد الخاطفين، وإصابة الخاطف الآخر في ظهره.
وطلب المصدر الأمني من المواطنين توخّي الحذر أثناء استعمال هذه التطبيقات لأنّها ليست آمنة، ويسهل وصول المجرمين إلى ضحاياهم، وأكّد أن القوى الأمنية والعسكرية ستعمل على كشف ملابسات جريمة مقتل ويزاني وتوقيف المجرمين وسوقهم للعدالة.
ربيع الصّايغ، وقع ضحيّة عصابة مسلّحة عندما وجد عبر تطبيق OLX سيّارة للبيع، وبعد اتفاقه مع الجّهة العارضة للسّيارة، توجّه إلى المكان المحدّد لإتمام “الصفقة”، فأطبق عليه عدد من المسلّحين في منطقة الشويفات قرب معمل غندور، وقاموا بلسبه مبلغ سبعة وثلاثين مليون ليرة لبنانية، إضافة إلى هاتفه الخلوي، وفق ما أكّد صديقه الذي كان برفقته بهاء الدبيسي.
وعلى غرار تطبيق OLX، كذلك تطبيق “سوق الدولار” ليس آمنًا، وهو تّطبيق إلكتروني يتحكّم بالدولة وشعبها من خلال تحديد سعر صرف الدّولار في لبنان. فقد وقع أحد المواطنين الذي فضّل عدم نشر اسمه في فخ إحدى العصابات التي تستعمل التطبيق، فبعد أن عرض أحدهم مبلغًا من الدولارات بسعر “لقطة” وافق هذا الشخص على شرائه، فتوجّه حاملًا خمسين مليون ليرة لبنانية إلى منطقة بعلبك، ودخل إلى النقطة المحدّدة مع البائع، فأخذ أحدهم منه شنطة الأموال وقال له: انتظر دقيقة لنحصي الأموال ولأجلب لك الدولارات، ومنذ تلك اللّحظة لم يعد ولم تعد الأموال ولا الدولارات.
الجرائم المتكرّرة، وقد لا يكون آخرها قتل جهاد ويزاني، تؤكّد خطورة هذه التّطبيقات، وفي ظل عدم إحكام الدولة قبضتها على الأمن يبقى التعويل الوحيد على وعي المواطن وعدم ائتمانه لـ “غريب” لا يعرف عنه شيئًأ، فقد يكون مجرّد لص أو فرد من عصابة، لذا فالقاعدة الواجب اعتمادها عند ارتياد هذه المواقع هي “إنّ بعض الشكّ من حسن الفطن”.
منير قبلان