
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت وزارة الأوقاف في حكومة الجولاني، عن إطلاق حملة جديدة تحت عنوان “التطهير الشامل”، تستهدف ما وصفته بـ”مظاهر الانحلال والفساد في الفضاء العام”، وعلى رأسها منع تقديم الأركيلة في المقاهي والساحات، وملاحقة النساء اللواتي يدخنها في كل الأماكن العامة.
البيان، الذي صدر بلهجة دينية متشددة، وبصفة ان الوزارة والقائمين عليها هم (حراس الفضيلة)، اعتبر أن المقاهي التي تقدم الأركيلة هي “أوكار للفساد”، مهدداً بإغلاقها ومصادرة محتوياتها كـ”غنائم” تُحوّل إلى “الصندوق العام”. كما حذّر أصحاب المقاهي من “إيواء العاكفين على المعسل”، في إشارة إلى مرتادي الشيشة، واصفاً إياهم بأنهم “ينشرون رجس المنكرات في المدن الصامدة”.
لكن اللافت في البيان كان التركيز على النساء، حيث خصّص فقرة كاملة لما وصفه بـ”جمهرة النسوة المتسكعات على الأرصفة”، اللواتي “يفتنّ المارة بنفخ الدخان”، بحسب تعبير الوزارة. وأكد البيان أن أي امرأة تُضبط وهي تدخن الأركيلة في الأماكن العامة ستُقتاد إلى “مركز التأهيل المسلكي”، حيث ستخضع لـ”دروس في فقه الخضوع والوقار”، مع فرض غرامة مالية عليها وعلى ولي أمرها تحت بند “تطهير المال”.
سياق أيديولوجي متشدد
تأتي هذه الحملة في سياق تصاعد نفوذ التيارات السلفية المتشددة داخل مؤسسات “حكومة الجولاني المؤقتة” . وتُعد وزارة الأوقاف إحدى أبرز أدوات الضبط الاجتماعي التي تستخدمها الحكومة المؤقتة لفرض رؤيتها الدينية المحافظة على المجتمع، لا سيما في ما يتعلق بدور المرأة والحريات الشخصية.
وقد سبق للوزارة أن أطلقت حملات مشابهة استهدفت اللباس، الموسيقى، والاختلاط في الأماكن العامة، إلا أن الحملة الأخيرة تميزت بلهجتها الحادة وتوسيعها نطاق الاستهداف ليشمل حتى “الخلوة مع النربيش”، في إشارة إلى النساء المدخنات للأركيلة.
ردود فعل متباينة
أثار البيان موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره ناشطون “عودة إلى خطاب الحسبة” و”محاولة لفرض وصاية أخلاقية على المجتمع”، بينما رأى فيه آخرون “محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد”.
غياب الشفافية القانونية
لم يتضمن البيان أي توضيحات حول الأسس القانونية التي تستند إليها هذه الإجراءات، أو الجهات المخولة بتنفيذها، ما يثير تساؤلات حول مدى قانونية اقتياد النساء إلى مراكز “تأهيل” وفرض غرامات مالية عليهن وعلى ذويهن دون مسار قضائي واضح.
كما لم تُحدد الوزارة مدة الحملة أو المعايير التي ستُعتمد لتصنيف المقاهي كمخالفة، ما يفتح الباب أمام احتمالات واسعة للتعسف في التطبيق، خاصة في ظل غياب رقابة مستقلة على أداء الأجهزة التنفيذية.



