ظاهرة التسوّل ازدادت بشكل مخيف في صيدا والبلديّة: لا حلول قريبة
استغلال الأطفال للتسوّل جريمة يعاقب عليها القانون
ظاهرة التسوّل خاصّة على الإشارات الضوئيّة عند توقف السّيارات باتت مقلقة وتثير مخاوف المواطنين لأسباب عدّة، واللافت أنّ العدد الأكبر من المتسوّلين قاصرون، منهم من يطلب المال ومنهم من يهمّ بمسح زجاج السّيارة دون إذنٍ من صاحبها.
في مدينة صيدا ومع إشراقة كل صباح ينتشر المتسوّلون على تقاطعي سبينس وإيليا بأعدادٍ كبيرة، يتنقلون من اتجاه إلى آخر وينتظرون ضوء الإشارة الأحمر كي تتوقّف السّيارات وينقضّون عليها ويطرقون الزجاج ليطلبوا المال أو يحملون بأيديهم منظّف الزجاج وكأنهم يريدون تنظيف زجاج السّيارة بالقوة على الرغم من رفض السائق لذلك.
متسوّلون من خارج مدينة صيدا
اللافت في الموضوع أن المتسوّلين على الإشارات يأتون إلى مدينة صيدا من مناطق خارج المدينة وغالبيتهم من مكتومي القيد، وبحسب شهود عيان أن سّيارات تحضرهم في الصباح الباكر توزعهم على أماكن التسوّل وتعود في المساء لتقلّهم إلى منطقتهم، وهي تبدو عملية تسوّل منظّمة يديرها أشخاص كبار يستغلّون الأطفال في التسوّل وجني المال، وليس لها علاقة بالوضع الاقتصادي المتردّي ولا بنسبة ارتفاع حالات الفقر بين اللبنانيين لأن هذه الظّاهرة موجودة منذ سنوات وقبل تردّي الأوضاع، علماً أن قانون العقوبات اللبناني يعاقب كل شخص يدفع قاصراً للتسوّل، وقد جاء في المادة 618 من قانون العقوبات: “من دفع قاصراً دون الثّامنة عشرة من عمره إلى التسوّل جراً لمنفعة شخصيّة عوقب بالحبس من ستّة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من عشرين ألف إلى مايتي ألف ليرة”.
لا حلول في الأفق لهذه الظاهرة
يبدو أنّ هذا الموضوع وعلى الرغم من الخطورة المزدوجة على المواطن والمتسوّل القاصر إلا أنه لا يبدو أن هناك حلول في الأفق، عضو المجلس البلدي لمدينة صيدا كامل كزبر قال لـ “أحوال”: تم طرح هذا الموضوع في المجلس البلدي لمدينة صيدا وتجمع المؤسّسات الأهليّة في المدينة بالتعاون مع محافظة لبنان الجنوبي ووزارة الشؤون الاجتماعيّة، ولكن للأسف البلدية ليس لها أي دور رسمي وقانوني لوقف هذه الظاهرة، لأن البلدية إذا لاحقت قاصراً وصدمته سيارة مارّة في الطريق نفسه أو تأذى لأي سبب ستتحمل البلديّة المسؤوليّة، لكن المسؤوليّة تقع على وزارة الشؤون الاجتماعيّة لأنه من المفترض أن يتم ضمّهم إلى “الأحداث”، علماً أننا في البلديّة وتجمّع المؤسّسات الأهليّة وضعنا برنامجاً كي نستطيع تأمين فرص دراسة أو أماكن إيواء للأطفال المتسولّين، لكن لم نستطع تنفيذ البرنامج لأن وزارة الشؤون الاجتماعيّة ليس لديها إمكانات لمواكبة ودعم هذه العمليّة.
أضاف “يفترض على محافظ لبنان الجنوبي أن يطلب من وزارة الشؤون الاجتماعيّة والقوى الأمنيّة بمساعدة البلديّة إنهاء هذه الظاهرة، وهناك خطة كاملة متكاملة في البلديّة لكنها تحتاج إلى قرار، ولا نريد أن يتكرّر ما حدث في بيروت عندما لاحقت شرطة البلديّة متسوّلاً قاصراً وأثناء هروبه سقط في مبنى قيد الإنشاء وتوفي على الفور وتم تحميل شرطة البلديّة المسؤوليّة لأنه حسب القانون ليست من اختصاصهم، حتى القوى الأمنية لو اعتقلتهم وزجتهم في السجن سيخرجون بعد فترة قصيرة جداً لأنه أصلاً لا يوجد أماكن في السجون”.
ولفت إلى أنّه سابقاً تم توقيف عدد من مشغلي الأطفال في مهنة التسوّل لكن كانت فترة التوقيف أقصى حد 48 ساعة ثم يتم إطلاق سراحهم، وهذه أزمة تحتاج إلى قرار سياسي وحملة لانهاء هذه الظاهرة من قبل القوى الأمنيّة بطلب من المحافظ.
استياء المواطنين من انتشار المتسوّلين
ظاهرة التسوّل على الإشارات الضوئية باتت مزعجة كثيراً للمواطنين في ظل عدم قدرة الجهات المعنيّة على ضبط المتسوّلين، ولا يمرّ يوم إلا وتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تغريدات وتعليقات تعبّر عن امتعاضهم، منهم من يعتبر أن انتشار المتسوّلين قد يكون سبباً بنقل عدوى فيروس “كورونا” خاصة أن المتسوّلين لا يضعون كمّامات ويقتربون كثيراً من المواطنين في سياراتهم، ومنهم من يشير إلى أنّ بعض هؤلاء الفتية حاول سرقة محتويات السيارات، والبعض يخشى من أن يدهس أحد الأطفال الذين يركضون باتجاه السّيارات.
يبقى السؤال إلى متى ستبقى هذه الظاهرة منتشرة وتهدّد حياة المواطنين وتشكّل إزعاجاً لهم؟
خليل العلي