لهذه الأسباب يُلعلع “الرصاص” في الضاحية بشكل شبه يومي والخوف من القادم
منذ أكثر من أسبوع، في 30 تشرين الثاني تحديداً، عند الساعة الثانية فجراً، سُمع صوت طائرة في أرجاء بيروت والضاحية الجنوبية، وهو أمر طبيعي بشكل عام، ولكنه في تلك الليلة كان إستثنائياً بسبب قوّته، وطبعاً عند سماع صوت مماثل لا يمكن التفكير سوى بطائرات العدو الإسرائيلي، وما زاد الطين بلّة سماع أصوات رصاص في الوقت نفسه، ما جعل العقل يتّجه إلى احتمال إندلاع مواجهة عسكرية، فالطائرات تقوم بالغارات والمضادات الأرضية تتصدّى لها.
يومها، فكّرت كيف أوقظ زوجتي وابنتي لأخبرهم بأن الحرب قد بدأت. قبل ولادة ابنتي لم أكن أقلق، وفعلاً ما بعدها لن يكون كما قبلها أبداً. تمهّلت وفتحت “تويتر” لأحاول تبيان ما يجري، وتواصلت مع بعض المطّلعين، فكانت النتيجة أن الحرب لم تندلع بعد، وللمصادفة يومها كان الطيران الإسرائيلي في سمائنا ولكن الصوت القوي صادر عن طائرة تجارية ضخمة أقلعت من مطار بيروت الدولي، وصوت الرصاص ناتج عن إشكال.
3 حوادث بـ 8 أيام
يعيش اللبناني على وقع أخبار الحرب العسكرية والإقتصادية، ما يجعل أي حدث أمني يُثير القلق، وخلال الأيام الـ 8 ماضية، وقعت في الضاحية الجنوبية 3 حوادث إطلاق نار بعد منتصف الليل، بحسب مصادر أمنيّة، إذ تُشير إلى أن الحادثة الأولى كانت في 30 تشرين الثاني، التاريخ الذي أشرنا إليه أعلاه، والسبب لم يكن متعلّقاً بالطائرة، بل بسبب “تجارة عملة” باءت بالفشل. وتكشف المصادر عبر “أحوال” أن منطقة طريق المطار قرب فندق الغولدن بلازا، شهدت إشكالاً بطله أحد أبرز المتاجرين بالعملة في المنطقة، تخلّله إطلاق نار كثيف، مشددة على أن هذه الحادثة مُتابعة من قبل الأجهزة الأمنية المختصّة.
أما الحادثة الثانية فهي بحسب المصادر وقعت منذ 4 أيام، في مخيّم برج البراجنة، وفي التفاصيل أن أحد المحكومين بقضايا مخدّرات خرج من السجن، فأقاموا له احتفالاً تخلّله إطلاق نار أيضاً، مع العلم أن في تلك الليلة حُكي عن مداهمة أمنية تجري في المخيم لأحد المطلوبين الفارين من سجن بعبدا، والذي يُتوقّع وجوده في المخيم، إلا أن الحقيقة كانت في غير مكان.
وتلفت المصادر النظر إلى أن الحادثة الثالثة هي التي وقعت بعد منتصف الليلة الماضية، ومسرحها كان طريق المطار أيضاً، مشيرة إلى أن إشكالاً وقع بين شابين كانا يسهران سويّة في فاريا قبل أن يعودا إلى بيروت ويقع الخلاف بينهما على طريق المطار ويبدأ إطلاق النار، وسبب الخلاف هو “فتاة”.
إن هذه الحوادث الثلاثة بحسب المصادر هي قيد المتابعة من قبل الأجهزة الأمنية، وهناك حالات أخرى بقيت مجهولة التفاصيل حتى الساعة، كتلك التي وقعت فجر الإثنين، إذ سُمع أصوات الرصاص عند الساعة 3:30، 4:15، و6:30 صباحاً.
لا تهاون من قبل الجيش
يُشير أحد تقارير الأجهزة الأمنية الفاعلة في الضاحية الجنوبية، بحسب ما علم “أحوال”، إلى أن نسبة الجرائم إنخفضت الشهر الماضي 45 بالمئة عن الأشهر الثلاثة الأخيرة، وكل الحوادث التي تحصل يلحقها إما مداهمات للجيش، وإما تعميم وثائق وأسماء، فالقرار بحسب المصادر هو أن لا تساهل إطلاقاً مع مطلقي النار، وهذا أمر متّفق عليه مع قيادتي حزب الله وحركة أمل.
بالمقابل تكشف المصادر عن ارتفاع نسبة جرائم السرقة البسيطة، أي تلك السرقات التي تطال عبوات غاز، أو موتورات ضخ المياه، أو كما حصل منذ أسبوع في إحدى صيدليات منطقة السانت تيريز عندما سُرقت “علبتي بانادول”، مشيرة إلى أنه في الأشهر الخمسة الأخيرة حصلت عملية سطو مسلّح واحدة، وتم إلقاء القبض على الفاعل.
الخوف من القادم
كل التوقعات تُشير إلى أن الوضع الأمني يتجّه للأسوأ، مع سوء حالة الوضع الإقتصادي والإجتماعي، وزيادة نسب البطالة، والفقر، وهذا ما تدركه جيدا قيادتا حركة أمل وحزب الله، إذ تشير مصادرهما إلى أن الكثافة السكانية في الضاحية الجنوبية، تجعل من حوادث ثلاثة أو أربعة خلال أسبوعين، حوادث عادية، ولا تعني على الإطلاق أن الوضع الأمني متوتّر ومتفلّت، ولكن القلق من القادم يجعل التنبه أمراً مهمّاً وضرورياً، لمنع تفاقم الأزمات وخلق أزمة أمنية إلى جانب الأزمات الأخرى، وهذا يتطلّب التعاون بين الأحزاب والأجهزة الأمنية والقوى في المخيّمات وهذا ما يجري بشكل يوميّ.
وتضيف عبر “أحوال”: ” اليوم يجري التحسّب للخطر بالمرحلة المقبلة، ولكن ما هو مؤكّد أن سلعة الأمن تعادل سلعة الغذاء، ولدى الأحزاب والقوى الأمنية والجيش قرار جدّي بعدم ترك أي مساحة للتهاون بهذه الفترة والفترة المقبلة”.
محمد علوش