ميديا وفنون

لبنان بين معضلة الإعلام المسؤول.. والدفاع عن كرامة المجتمع

لا تزال تداعيات ما ورد ضمن أحد البرامج الساخرة على قناة الجديد تتوالى فصولها، بمزيد من ردات الفعل المستنكرة لما تم إدراجه في خانة اهانة أعراض وكرامات جزء من أبناء شعبنا وتحديداً نساء منطقة جبل عامل الجنوبية العزيزة.

لكن ومن باب إبداء الرأي وليس من موقع الحكم أو رفع مطرقة العدل أو ميزان الاحكام، لا بد أن نتوقف عند الحدث الذي تمّ إدراجه في خانة استهداف بيئة معينة لها تاريخها الناصع في وقفات العز بوجه المحتل، والمفارقة أن التعاطي مع هذه المسألة يأتي إستناداً إلى جزء من المقطع المجتزأ من الكلام الذي ورد في البرنامج على قاعدة (لا إله)، وفي هذه الحالة يمكن إعتبار المواقف الرافضة لهذا الكلام في موقعها الطبيعي، بالمقابل يمكن أن تتغير الصورة عند الإستماع إلى الكلام الذي ورد في السياق العام للممثلة كركي، والتي تحاكي من خلال إطلالتها واقع البيئة التي تعتبر هي نفسها جزءاً منها، وبناءً على هذه الفرضية هل يمكن لإنسان أن يهين نفسه وبيئته؟، مع التأكيد مجدداً أن هذا الموقف لا يأتي من موقع الحكم أو القاضي، بل مجرد رأي ووجهة نظر حيال مسألة تحولت إلى قضية رأي عام.

كذلك لا بد من التوقف عند جملة الردود والمواقف التي صدرت ولا تزال تنديدا بالكلام الصادر ضمن برنامج قناة الجديد الساخر، والتي جاءت ضمن أسلوب يمكن القول أنه لا يمكن أن يعطي الفئة المستهدفة حقها فرد الإساءة لا يكون بكلام مسيء أكثر، وبلغة لا تمت لسلوكيات وادبيات أهل الجنوب عموما وجبل عامل خصوصا بأي صلة، وهم لطالما عرفوا بسيرتهم الأدبية وبيئتهم الإجتماعية التي لا تقلّ أهمية عن مواقفهم المشرفة في مواجهة الغزاة والمحتلين عبر التاريخ.

كذلك لا بد من التأكيد بأن المقاومة تبقى أرفع وأنزه من أن تنزلق الى بعض السلوكيات التي يحاول البعض وصمها بها، فهل يعقل لمن تحمل لواء الدفاع عن لبنان وشعبه وثرواته، وتبذل الدماء وتقدم الشهداء من أجله، أن تنجر إلى أعمال صبيانية كرمي قنبلة مولوتوف أو مفرقعات على مبنى قناة تلفزيونية، وهي التي ترعب الكيان المحتل بصواريخها الدقيقة ومسيراتها القادرة على رصد العدو واحباط مخططاته؟

ختاماً لا بد من الإشارة الى أن صورة الإعلام تبقى ناصعة بقدر إرتباطها بميزان الحرية، التي لا يمكن فصل عراها عن الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، وهذا ما يرتب على أي وسيلة إعلامية مهمة التزام الأدبيات العامة واحترام البيئات المتنوعة، أما حفظ كرامة المجتمعات، فلا يمكن ربطها بفئة أو مجموعة ضمن مفهوم مناطقي او طائفي ضيق، لأن لبنان دفع أغلى الاثمان رفضاً لمشاريع الإنعزال والكونتونات المذهبية والطائفية وأهل الجنوب كانوا ولا يزالون في طليعة المدافعين عن لبنان وحريته.

 

يوسف الصايغ

صحافي لبناني يحمل شهادة الاجازة في الإعلام من كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية الاخبارية والقنوات التلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى