رياضة
لقاء “الديكة” و”الأسود” الليلة.. لحظة عظيمة للشعبين
لقاء اليوم بين “الديكة” و”الأسود”… ليس مجرد لعبة. اللقاء أولاً مواجهة للتاريخ، مواجهة صعبة، وبعدُّ أصعب لمزدوجي الجنسية المقيمين في فرنسا.
مَن يدعم من؟ هل يمكن تشجيع أحد المنتخبين من دون “خيانة” الآخر؟ في البال ملفات سياسية وقصص اندماج، ويمين وغير ذلك… لكننا نتحدث عن كأس العالم الآن.
هنا، أسئلة كثيرة تحيط بمجريات الحدث الرياضي المرتقب هذا. بالعريض عنونت الصحافة الفرنسية اليوم وحلّلت “لقاء صعب لحامل اللقب”. جوانب مختلفة حضرت.
“فرنسا والمغرب، شعبان على أرضية مشتركة”، كتبت Libération. علاقات ثنائية وماضٍ مشترك بين البلدين… و”المباراة ذات نكهة خاصة للمغاربة الناطقين بالفرنسية والفرنسيين من أصول مغربية”. المباراة “تثير مشاعر قوية للغاية في كلا البلدين”.
مباراة اليوم في استاد “البيت” في مدينة الخور، تُعدّ أول مواجهة بين فرنسا والمغرب في كأس العالم. المواجهات الخمس السابقة بين “الديكة” و”أسود الأطلس” اقتصرت على مباريات ودية.
الصحف الفرنسية أجمعت على أن “هذه المباراة التاريخية لن تكون سهلة على صاحب اللقب، وستشهد منافسة قوية بين الجانبين”. اليوميات الفرنسية أشادت بمسار المنتخب المغربي، وما خلقه من مفاجأة.
“يكتب التاريخ”
“أسود الأطلس تجاوزوا السقف الزجاجي لدور ربع نهائي كأس العالم”، كتبت “Le Monde”. سقف لم تستطع الفرق الأفريقية تجاوزه بعد فشل الكاميرون في 1990 والسنغال في 2002 وغانا في 2010.
“فرنسا ستواجه خصماً يكتب تاريخه”، وفق “Le Parisien” الفرنسية. “بعد سنوات من الآمال المحطمة والخيبات، أصبح المغرب أول فريق أفريقي يصل إلى دور الأربعة في كأس العالم بفوزه على البرتغال، في مباراة تلخص روح بلد بأكمله”.
لا تتوقف الآمال على المغرب. “المواجهة تحمل آمال القارة الأفريقية والعالم العربي”، تكتب “La Croix”.
الصحيفة كتبت عن الجالية المغربية، وهي تُعد من بين أكبر الجاليات في فرنسا، مما قد “يشكل نوعاً من الحساسية لدى الجماهير”.
في الإطار أبرز تقرير لـ “Le Monde” أن مباراة نصف النهائي بين فرنسا والمغرب “لا يمكن أن تكون مباراة مثل باقي المباريات”، فبحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء، نحو 835 ألف مغربي يعيشون في فرنسا، كثاني أكبر جالية مهاجرة في البلاد بعد الجزائريين وقبل البرتغاليين.
“ثلاثة نجوم أمام الأعين”
على غلاف “L’Équipe” الفرنسية، وبالعريض: “ثلاثة نجوم أمام الأعين”. إشارة مباشرة إلى رغبة فرنسية في الفوز والعبور إلى نهائي المونديال، لتحقيق اللقب الثالث، والثاني توالياً للفريق.
“مهمة الديوك لن تكون سهلة”، تقول “L’Équipe”. منذ بداية المونديال، “بنى المغرب مسيرته حول الطريقة الدفاعية الرائعة والحالة الذهنية المثالية”.
منتخب المغرب بقيادة وليد الركراكي “وضَعَ في قطر أولوية واحدة: أن يكون صارماً في كل لحظة من المباراة، حتى لا يترك أدنى احتمال للخصم لاختراق دروعه”.
“أسود الأطلس قادرون على استغلال أنصاف الفرص في حالة ظهور الفريق الأزرق بأداء ضعيف”، كتبت Le Journal DU Dimanche، متحدثة عن أداء المنتخب المغربي.
“نحن لا نقلل من شأن أي شخص”، يقول الدولي الفرنسي أدريان رابيو لـ”L’Équipe”. “إنها مباراة تاريخية – يضيف – ونحن ندرك أنهم إذا وصلوا إلى هذه المرحلة فلأنهم يستحقون ذلك”.
لاعب خط وسط دفاع ريال مدريد أوريليون تشواميني، قال كذلك إنه “لا يمكن أبداً التقليل من شأن أي خصم. إنه فريق كبير. لقد استقبلوا هدفاً واحداً فقط، ولم يكن من قبل منافس، بل هدف ضد مرماهم”.
“لحظة عظيمة”
La Croix وصفت لقاء المنتخبين بما هو أشبه بـ”مباراة دبلوماسية”. يأتي بعد أكثر من عام من التوترات بشأن ملفي تأشيرات شنغن والصحراء المغربية. لقاء أيضاً يأتي بالتزامن مع زيارة تقوم بها وزيرة الخارجية الفرنسية غداً الخميس للرباط.
“مباراة المنتخب الفرنسي أمام شقيقه المغربي الحاضر على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، يجب أن تكون لحظة رياضية عظيمة، ولحظة عظيمة للشعبين المغربي والفرنسي”. هذا ما كتبته L’Humanité. المباراة “يجب أن تكون لحظة صداقة بين شعبينا، واحتفالاً للجميع، وليس فرصة لتعزيز خطابات الكراهية والعنصرية بخاصة بين مزدوجي الجنسية”.
Le Parisien حاورت على صفحاتها حاملي جنسية مزدوجة فرنسية ومغربية. سألتهم عن تشجيعهم لأي من المنتخبين. مروان، شاب من مدينة مرسيليا، أعرب عن أمله في أن يتوّج المنتخب الفائز، سواء المنتخب الفرنسي أم المغربي، مضيفاً أنه لم يقرر بعد أي منتخب يشجع عكس والده المولود في المغرب والذي حسم أمره حول هذا الموضوع. بالنسبة الى حنان المباراة ستتميز بشدة التوتر واختلاط المشاعر. بالنسبة الى لطيفة بن زياتن المغرب “يمثّل جذوري، وفرنسا هي هذه الشجرة القوية التي أصبحت عليها. بالنسبة الي، ليس هناك من خيار أتخذه، أنا سعيدة جداً لكلا الفريقين، وليفز الأفضل”.
…بين هذا وذاك، تقف باريس على قدم واحدة الليلة. عشرة آلاف شرطي فرنسي متأهبون لمواكبة اللقاء خوفاً من أي إشكاليات أمنية، بحسب Le Point. العين شاخصة على النتيجة… وعلى النجمين حكيمي ومبابي. حوار بين الصديقين انتشر سريعاً في الفضاء الأزرق. مبابي قال إنه سيضطر الى تدمير صديقه “مع أن هذا يكسر قلبي”، بينما أكد المغربي أنه هو من سيحطم الفرنسي. تبادل الزميلان الضحك. “هذه هي الكرة”.
المصدر: أ.ف.ب