سياسة

لبنان يودع “أبو الطائف” وحارس أسراره.. حسين الحسيني يعود إلى شمسطار اليوم

يطوي الرئيس حسين الحسيني مع رحيله صفحة من تاريخ لبنان، وتلازمه الى مثواه أسرارٌ كتمها، خصوصاً محاضر الاجتماعات والمداولات التي سبقت إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب “الاهلية” ولم يؤسس لسلام فعلي يقوم على بناء الدولة وتفعيل مؤسساتها.

رحل الرئيس الحسيني في لحظة يعيش فيها لبنان عوارض الانتقال الى جمهورية ثالثة لا نعرف إن كانت لن تمرّ بحرب أهلية، لطالما كان الراحل يحذّر من نارها الخامدة.

 

ولف الحزن لبنان كما بلدة شمسطار التي تتأهبت بأسى ولوعة لاستقبال جثمان ابنها البار الراحل الرئيس السيد حسين الحسيني، فاتشحت الطريق المؤدية إليها بعبارات الأسى واللوعة على خسارة رجل الدولة من الطراز الأول، والموسوعة التشريعية والسياسية والتاريخية والأدبية… “السيد” الذي امتاز بجرأته ولياقته ودماثة خلقه، ومحبته للناس، والتي كان يشعر بدفئها كل من جالسه.

رغم اقتران حقبته الطويلة في العمل السياسي منذ دخوله الى البرلمان للمرة الاولى عام 1972 باتفاق الطائف، الا أن محطات عدة تعاقبت مذذاك قبل الحرب وبعدها. الى جانب الرئيس صبري حمادة ثم مغادرته. الى جانب الامام موسى الصدر إلى حين اختفائه.
ووقف مع ريمون اده في كل حين مستمدّاً منه صداقة معمّرة تعود الى جذور عائلة الحسيني في جبيل، والعلاقة الوطيدة التي جمعت علي الحسيني والده بالرئيس اميل اده. سيؤيد “العميد” في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 1976 ويقاطع جلسة انتخاب الرئيس الياس سركيس، وكان الى جانب الامام في تأييد دخول القوات السورية لانهاء حرب لبنان، على طرف نقيض من “العميد”. وكان أحد مؤسسي جبهة المحافظة على الجنوب بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1978، ورفض لغة العنف والميليشيات والاقتتال.
عام 1982 قاطع جلسة انتخاب الرئيس بشير الجميل معتصماً مع المقاطعين في منزل الرئيس صائب سلام في المصيطبة، وشارك في جلسة انتخاب الرئيس الخلف امين الجميّل. مذذاك بدأت الفصول الجديدة في مساره. عام 1984 انتخب رئيساً للبرلمان. اولى زيارته الى الخارج كانت للبابا يوحنا بولس الثاني على رأس وفد نيابي كبير.
وقف الى جانب حكومة الرئيس سليم الحص عام 1988 ضد حكومة الرئيس ميشال عون، وقاد مذذاك بين بكركي وروما وباريس، مع البطريرك الماروني مارنصرالله بطرس صفير، جهود تسوية سياسية هي اتفاق الطائف عام 1989. عندما كان يتحدث عن اده والبطريرك، كان يعثر فيهما وحدهما على صورة لبنان الدولة في غابة ميليشيات.
مرات ثلاثاً استقال. كما يروي الصحافي نقولا ناصيف، في “الأخبار”، الاولى غداة اغتيال كرامي في الاول من حزيران 1987. في يوم التشييع امام الزعماء السنّة يتقدمهم مفتي الجمهورية.
ثانية استقالاته كانت عام 1992، من رئاسة المجلس ومن النيابة آنذاك، عندما رفض ننائج فرز الاصوات المجرى في دائرة بعلبك – الهرمل من فرط التجاوزات التي رافقتها مطالبا بالغائها.
ثالثة استقالاته أذنت بخروجه من المعترك السياسي. في 12 آب 2008 في جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، الاولى في ظل اتفاق الدوحة.
حاصل على ديبلوم في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة عام 1963، عمل مديراً لإدارة شركة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في بعلبك، وكان رئيسا لبلدية شمسطار.

شارك في تأسيس حركة “أمل” عام 1973، وتولى رئاستها بعد تغييب الإمام السيد موسى الصدر ما بين 1978 و1980.

شارك في تأسيس “الهيئة الوطنية للمحافظة على الجنوب” عام 1977، وانتخب عضواً في لجنتي المال والأشغال.

مثل بعلبك – الهرمل في مجلس النواب في دورات 1972، 1992، 1996، 2000، ودورة 2005، وتقدم باستقالته من البرلمان في آب 2008.

بعد عمرٍ حافلٍ بكثيرٍ من الاهتمامات والإسهامات في الشأن السياسي والوطني العام،
 قضى معظمه عمره في العمل الوطني والسياسي والنيابي، صاحب السيرة الحافلة بالعطاءات والمواقف الوطنية والإسلامية الوحدوية نصرة لقضايا الوطن والأمة،
اليوم يودع لبنان رئيس المجلس النيابي الأسبق حسين الحسيني، ويشيّع إلى مثواه الأخير في بلدته شمسطار البقاعية.

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى