منوعات

الأساتذة المتعاقدون “ينتفضون” على قرار المجذوب.. والطلاب يدفعون الثمن!

منذ وصول جائحة كورونا إلى لبنان العام الماضي، ظهرت بعض المخاوف من كيفية انعكاس الأزمة المستجدّة على القطاع التعليمي؛ وفي حين تحوّلت دول العالم من التعليم المباشر إلى التعليم عن بُعد، لم يكن من السهل على بلد مثل لبنان، يفتقر إلى الحد الأدنى من البنية التحتية المطلوبة، السير بهذا النوع من التعليم. ورغم الكثير من الانتقادات التي طالت تلك الطريقة، إلا أن الوضع الصحي لم يترك للمعنيين ترف الإختيار، فبات “التعليم أونلاين” أمراً لا مفرّ منه.

انتهى العام الدراسي بأقلّ الخسائر، ليبدأ عام جديد متأخراً 6 أسابيع عن موعده المعتاد؛ وبعد اعتماد عدد كبير من المدارس “التعليم المدمج” بين المباشر و”الأونلاين”، جاء ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا في لبنان بشكل كبير مهددًا بانهيار القطاع الصحي برمته، فشرع المسؤولون إلى اتخاذ قرار الإغلاق، الأمر الذي دفع وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، طارق المجذوب، إلى إصدار قرار بالعودة إلى التعليم عن بُعد. إلا أن هذا القرار جاء هذه المرة حاملاً “نُكتة سمجة” للأساتذة المتعاقدين، تقضي بتقليص ساعات التدريس إلى 3 بدل 6 ساعات يومياً، ما يعني فقدانهم لنصف حصصهم التعليمية تقريباً، وهم الذين يتقاضون أتعابهم بحسب ساعات العمل.

القرار الجديد كان الشرارة التي دفعت الأساتذة المتعاقدين للانتفاض وإعلان الإضراب المفتوح. وفي هذا الصدد، استغربت رئيسة “اللجنة الفاعلة” للأساتذة المتعاقدين، نسرين شاهين في حديث لـ”أحوال” القرار الذي اعتبرته “لا يستند إلى أي غاية تربوية، حيث يُشكل خسارة لتلميذ المدرسة الرسمية الذي سيتعلّم ثلاث ساعات بدلاً من ست ساعات في اليوم، علمًا أن هذا الطالب نفسه قد فقد الكثير من ساعات التعليم بعد أن تأخر البدء بالعام الدراسي، فضلاً عن عطلة الأعياد التي جاءت هذا العام أطول من سابقاتها”.

أما على صعيد الأساتذة المتعاقدين، فوصفت شاهين القرار بـ”المجحف بحقهم” لأنه يخسرهم نصف ساعاتهم التعليمية خلال فترة الإقفال الممتدة من 7 كانون الثاني لغاية 1 شباط 2021، مشيرة إلى أن الفرضية الأكثر واقعية لهكذا قرار، هي غياب الأموال اللازمة لتغطية أجور المتعاقدين أو صرفها في مكان ما، وبالتالي “كان خيار الوزارة الأسهل هو تقليص ساعات التعليم”، وفق قولها.

من جهتها، أكدت مصادر وزارة التربية لموقعنا أن القرار جاء بعد دراسة تفصيلية لتجربة التعليم عن بُعد، والتي توصلت إلى أن التلامذة لا يمكنهم تلقّي 6 ساعات تعليم في اليوم الواحد”. وفضلاً عن ذلك، “ثمّة سبب تقني يرتبط بعدم توفّر عدد كافٍ من الأجهزة الإلكترونية، سواء الهواتف الذكية أم الحواسيب في منازل الطلاب، خصوصاً لدى العائلات التي لديها أكثر من طالب”، بحسب مصادر الوزارة التي أشارت إلى تلقيها عدد من الشكاوى ليس من أهالي الطلاب في المدارس الرسمية فحسب، إنما في المدارس الخاصة أيضًا، الذين يطالبون بتقليص ساعات التعليم، نافية أن يكون سبب القرار عدم توفر الأموال اللازمة.

هذه التطورات دفعت الوزير المجذوب إلى عقد إجتماع مع 4 مجموعات ممثّلة للأساتذة المتعاقدين، قدّم خلاله عرضاً يقضي بإصدار بيان يُشير فيه إلى استكمال العام الدراسي، على أن يصدر آلية تفصيلية لكيفية تعويض ساعات المتعاقدين في الأول من شباط، بحيث تستند هذه الآلية إلى تكثيف التعليم أو تمديد العام الدراسي، على قاعدة أن هناك حاجة لاستكمال كافة المنهاج التعليمية، مقابل رفع الإضراب.

هذا العرض لاقى “آذاناً صاغية” لدى بعض ممثلي الأساتذة الذين أصدروا بيانًا تراجعوا فيه عن الإضراب، إلا أن ردّة فعل الأساتذة الرافضين لعرض المجذوب على مواقع التواصل الاجتماعي، دفعتهم إلى العودة عن موقفهم السابق.

من هنا، لفتت شاهين في حديث لموقعنا إلى أن موقف اللجنة الفاعلة كان واضحاً منذ البداية، لجهة استكمال الاضراب لحين تحقيق المطالب باحتساب كامل العقد، كما أكدت أن “هناك محاولة واضحة من بعض ضعاف النفوس لضرب الإضراب من خلال اتباع أساليب مختلفة”، خاتمة كلامها بالقول إن “الحديث عن أننا نريد الحصول على أجر دون تعليم منافٍ للحقيقة، فنحن مستعدون للتعليم تحت أي ظرف، شرط الحصول عل كافة حقوقنا”.

إذاً، يبدو أن أزمة الأساتذة المتعاقين الذين خسروا الجزء الأكبر من قيمة أجورهم جراء ارتفاع سعر صرف الدولار في طريقها إلى التصعيد، خصوصاً أن الوزير المجذوب لم يُبدِ أي استعداد للتراجع عن قرار؛ وبانتظار نهاية هذه الأزمة، وحده تلميذ المدرسة الرسمية من يدفع الثمن!

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى