منوعات

ثلاثة سيناريوهات للمشهد الحكومي

رمى ئيس الجمهورية العماد ميشال عون كرة التكليف في  ملعب الكتل النيابية والقوى السياسية، من خلال الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة يوم الخميس منتصف الشهر الجاري. ويأتي ذلك في تزامن لم يُعرف إذا كان مقصوداً أم لا مع انطلاق جلسة المفاوضات الأولى بين لبنان والعدوّ الإسرائيلي حول ترسيم الحدود في الناقورة.

ماذا بعد خطوة عون التي لاقت ترحيب القيادات السياسية حتى تلك المعارضة للعهد؟ ما هي الإحتمالات المطروحة وهل ستتمكّن الأطراف السياسية من تفكيك ألغام التأليف قبل التكليف؟

اتصال عون – بري

أوضحت مصادر متابعة للملف الحكومي أنّ الدعوة إلى هذه الاستشارات غير مرتبطة بتحريك المبادرة الفرنسية، وأكدت أنّ المهلة المعطاة للكتل كافية لتسمية الشخصية التي ستتولّى المهمة، إذ يمكن أن تكون مهلة الأيام السبعة كافية لوضع التأليف الذي سيسبق التكليف على السكة الصحيحة.

وأكدت المصادر أنّ اتصالاً حصل بين الرئيسين عون ونبيه بري أطلع خلاله رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب على موعد الإستشارات النيابية، وكان سبق ذلك دردشة بين الرئيسين على متن الطائرة أثناء رحلة التعزية بوفاة أمير الكويت أبلغ فيه عون بري بأنّه يريد الدعوة إلى الاستشارات النيابية قريباً حيث جرى طرح مجموعة أفكار.

وبحسب المعطيات، فإنّ رئيس الجمهورية لن يجري أيّ لقاءات قبل الاستشارات، وقد يقتصر الأمر على بعض التواصل. وقد جرى التشديد على أنّ اعتذار مصطفى أديب عبرة لتكون الكتل بأجواء ضرورة التسهيل، وأنّ عون يتخذ المواقف وفقاً لمصلحة البلد بعيداً عن أي تأثيرات خارجية.

حكومة تكنوسياسية

وبحسب المعلومات، فإن ّالمبادرة الفرنسية بشقها السياسي تعثرت، أمّا بشقها الاقتصادي فلا تزال قائمة، والرئيس عون ليس بوارد تعويم الحكومة المستقيلة.

كما شدّدت المصادر على أنّ عون ليس لديه موقفاً من أي شخصية تُسمى وهو يوافق على الاسم الذي تتفق حوله معظم الكتل النيابية. أمّا مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف حكومة تكنوسياسية، فهي واحدة من أفكارٍ عدة ولكن ليس للرئيس عون موقفاً مسبقاً منها. وأشارت المصادرأنّ عون كان دعا منذ استقالة حكومة الرئيس حسان دياب إلى تشكيل حكومة تكنوسياسية، معتبرةً أن هذا الخيار بات أكثر إلحاحاً لوجود الكثير من التحديات أمامها، وهذه التحديات تتطلّب حكومة محصنة سياسياً؛ أولاً، لأنّها ستساعد بالإسراع في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية من جهة، وثانياً لتزامنها مع بدء مفاوضات الترسيم للحدود البرية والبحرية مع العدو الإسرائيلي.

سيناريوهات ثلاث

وأمام هذا الواقع تبرز ثلاث سيناريوهات للمسار الحكومي:

  • أن تتفق الكتل النيابية فيما بينها على إرجاء موعد الاستشارات وإبلاغ عون بذلك قبيل يوم أو يومين من موعدها ما يدفع برئاسة الجمهورية لتأجيلها بناءً على طلب الكتل، وهذا سبق وحصل خلال الإستشارات التي أدّت إلى تكليف دياب.
  • الثاني، وهو مستبعد التوصل إلى اتفاق قبيل موعد الاستشارات على شخصية توافقية.
  • إجراء استشارات وتعذّر حصول أيّ من الأسماء على أكثرية مريحة للتكليف، وفي هذه الحالة تعود الكرة إلى ملعب رئيس الجمهورية لتقدير الموقف بما يراه مناسباً، إمّا تكليف أحد الأسماء أو تأجيلها إلى موعد آخر وهذا السيناريو المرجح حتى الساعة.

الحرب الأميركية على لبنان مستمرة 

مصادر في فريق المقاومة تشير لـ”أحوال” إلى أنّ المشهد الحكومي ضبابي وصعب للغاية، ولا تظهر مؤشرات على أنّ الأمور اختلفت عن مرحلة تكليف أديب. “فالمواقف على حالها، إن من ثنائي أمل وحزب الله أو من الرئيس سعد الحريري ونادي رؤساء الحكومات الثلاثة بعد ظهور الخلاف داخل هذا النادي، الذي من شأنه أن يضيف عقدة جديدة وهي اتفاق الرؤساء الأربعة على مرشح موحد”.

وتضيف المصادر أنّ المعطى الوحيد الذي برز على الساحة الداخلية هو التوصّل إلى اتفاق إطار لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي وانطلاق المفاوضات غير المباشرة في الناقورة منتصف الشهر الجاري. لكن لا يمكن بحسب المصادر التعويل على انفراج جزئي لهذا الملف وانعكاسه إيجاباً على الملف الحكومي، فالحرب الأميركية الشرسة مستمرة على لبنان حتى إخضاعه لشروطها في ظل تقدم مشروع التطبيع في المنطقة إضافة إلى تقويض وتقليص دور حزب الله السياسي في لبنان والعسكري في المنطقة وفي سورية تحديداً. وترصد المصادر فرملة للمبادرة الفرنسية بانتظار نتائج الإنتخابات الأميركية فيما لم تتغير الشروط الأميركية في تأليف حكومة جديدة لا يمثل فيها حزب الله.

وفي ظل هذا الواقع تشير مصادر خاصة إلى أنّ ثنائي أمل وحزب الله يفضلان تأمين توافق على الحريري نظراً لقدرته التمثيلية في الساحة السنية؛ لكن في حال لم يسمِ الحريري شخصية تمثلّه، فلن يتم استنساخ تجربة مصطفى أديب. فأي رئيس جديد يجب أن يحظى بتوافق أغلب الكتل النيابية والإتفاق معه على تفاصيل الحكومة، وإلا فالإبقاء على حكومة تصريف الأعمال وانتظار معطيات جديدة في الأفق الإقليمي والدولي.

الحريري رفض ميقاتي

فيما تشير معلومات أخرى لـ”أحوال” إلى أنّ “الفرنسيين يدفعون بميقاتي لترؤس الحكومة المقبلة لكن الأمر دونه عقبات أساسية سيما أنّ ميقاتي صاحب اقتراح تأليف حكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً من ضمنهم 6 وزراء دولة سياسيين غير حزبيين تختارهم الكتل النيابية، لم يحظَ بموافقة الحريري ولا الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام ما دفع بميقاتي لسحب مبادرته وربطها بعزوف الحريري عن الترشح وموافقته على مبادرة ميقاتي. وتكشف المصادر بأنّ التسوية الحكومية في العام 2011 التي جاءت بميقاتي رئيساً للحكومة كانت بمبادرة فرنسية.

وتفيد جهات مراقبة للمشهد الداخلي أنّ مسار التأليف منذ سقوط حكومة دياب حتى الآن يوحي بأنّه سيؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة ترشيح الحريري في حال أنتجت الانتخابات الأميركية المقبلة إدارة جديدة أو تغيرات في سياسات إدارة ترامب.

وبحسب المعلومات، فإنّ الحريري لم يحظَ حتى الساعة على الرضا السعودي ولا الضوء الأخضر الأميركي للعودة إلى رئاسة الحكومة، في حين تؤكد أوساط المستقبل أنّها ستشارك في الاستشارات النيابية في بعبدا، لكن لن تسمي الحريري الذي لن يرشح أحداً بعد سلوك الآخرين خلال تجربة تكليف أديب.

محمد حمية

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى