رياضة

باريس سان جيرمان… الإمبراطورية المفقودة

شكل سقوط باريس سان جيرمان أمام بايرن ميونيخ في نهائي دوري أبطال أوروبا الأسبوع الماضي، ضربة قاسية لآمال وأطماح هذا الفريق وجماهيره بإحراز لقب يتوق إليه منذ سنوات.

فقد كان الحلم قاب قوسين أو أدنى من أن يتحقق بعد سنوات طويلة من التحضير والبناء وصرف الأموال الطائلة بغية الوصول إلى الهدف المنشود، ولكن كل شيء طار وتبخر على أرض لشبونة البرتغالية أمام البافاري الذي قض مضاجع الفرنسيين وأجل حلمهم.
وبعد تجاوز آثار الهزيمة، يتطلع الباريسيون إلى المستقبل، وقال توخيل في هذا الإطار “يجب أن نصنع فريقا رائعا لمواصلة ما حققناه هذا الموسم، هذا هو التحدي الكبير لنا. سأتحدث مع المدير الرياضي ليوناردو والمسؤولين من أجل هذا الفريق”.


بدأت القصة منذ عام 2011 حين تسلم القطري ناصر الخليفي مدير عام قنوات “بي إن سبورت” رئاسة النادي الباريسي واضعا نصب عينيه حصد الألقاب المحلية والقارية والتحليق بعيدا بنادي العاصمة الفرنسية؛ ولهذه الغاية انكبت الإدارة على التحضير لسلسلة تعاقدات مع أبرز النجوم خلال محطات عديدة، ومن أبرز الوجوه التي “أثرت وأغنت” مسيرة الفريق في البدايات السويدي زلاتان ابراهيموفيتش والأرجنتيني ايزكييل لافتزي والاوروغوياني ادينسون كافاني والإنكليزي دايفيد بيكهام وسواهم، وآخرهم البرازيلي نيمار إلى العديد من المحليين الذين شكلوا أعمدة صلبة في البناء الفرنسي والذي تأسس ليكون صرحا ثابتا وراسخا في الترسانة الأوروبية الكروية.

وفي الأيام القليلة الماضية انتشر الحديث عن صفقة لضم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي فضل الانفصال عن برشلونة، لكن الأمور تبدو بعيدة عن الواقع في ظل الضائقة المالية التي يمر بها سان جيرمان جراء أزمة كورونا، والحل يبقى ببيع نيمار أو كيليان مبابي الذي جاء من بين أفضل المسددين على المرمى هذا العام، ولكن أيضا تظل الأمور غير مستقرة وضبابية حتى اللحظة بإمكانية استقدام النجم الأرجنتيني.

أما أبرز ما تحقق في عهد القطري الخليفي هو انتزاع لقب الدوري المحلي 7 مرات، وكأس فرنسا 5 مرات وهي محطة مضيئة بلا أدنى شك، ولكن تبقى منقوصة اذا لم ينجح الفريق بإدخال الكأس الأوروبية المرموقة إلى خزائنه.

فالدوري الفرنسي يعتبر من الأضعف بين الدوريات الأوروبية الكبيرة، والمنافسة فيه باتت شبه معدومة في السنوات الأخيرة هذا ما مكن فريق العاصمة من بسط سلطته وفرض سيطرته بشكل خاص وهو الذي قلما واجه صعوبات إذ كان يتصدر الترتيب من الأسابيع القليلة الأولى ليكمل المشوار مطمئنا وبالتالي كان تركيزه ينصب على الجبهة الأوروبية التي تحتدم فيها المعارك بوجود العمالقة أمثال ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ ويوفنتوس وليفربول وتشيلسي وسواهم.

Photo Credit: UEFA/Getty Images/Julian Finney

وفي هذا الموسم الذي تأثر بفعل فيروس كورونا، نجح المدرب الألماني توماس توخيل بإيصال كتيبته إلى النهائي وكان الكل يعول على عبقرية نيمار ومبابي ودي ماريا واندفاع الباقين إذ إنهم قادرون حسب الخبراء على مقارعة بايرن ميونيخ وانتزاع اللقب الغالي الذي طال انتظاره والذي سيجعل من الرئيس القطري أسطورة باريسية وحكاية تتواتر على الشفاه لأزمنة طويلة قادمة. لكن تفوق التكتيك الألماني والحنكة لدى الفريق البافاري حالا دون تحقيق الحلم.

فريق باريس سان جيرمان يتطلع مع بداية الموسم الحالي منذ يومين؛ لنسيان المباراة النهائية في دوري الأبطال وبالتالي إعادة ترتيب البيت الداخلي والتموضع الصحيح استعدادا لموسم أوروبي جديد بعد أن لمس مدى قوته وبأنه رقم صعب في المعادلة الأوروبية وقادر على الذهاب بعيدا.

لقد بات في جعبة باريس سان جيرمان تسعة ألقاب لبطولة الدوري وهدفه الآن بلوغ المركز الأول لعدد حاملي الألقاب مناصفة مع سانت إتيان ومرسيليا (10 ألقاب) وهو غير بعيد عن معادلة الرقم مع نهاية الموسم المقبل في صيف 2021؛ إلى جانبه انفراده بعدد الألقاب في مسابقة الكأس (13 لقبا).

ولكن ما ينقص “الإمبراطورية” هو لقب دوري الأبطال الذي سيعمد توخيل بلا شك على صب كامل جهوده لإحرازه، وقد يستفيد من بعض العوامل فريال مدريد وبرشلونة بعد رحيل رونالدو وميسي قد يبدوان أقل حيلة وعزما؛ إذ أن الجبهة الإسبانية قد اضمحلت ولكن تبقى الخطورة من المنافسين الجديين والمرتقبين في الموسم المقبل وهم نوادي إيطاليا وإنكلترا وفي مقدمهم يوفنتوس ومانشستر سيتي وليفربول.

ويبقى على توخيل التوظيف الصحيح لقوته الضاربة المتمثلة بنيمار ومبابي فهما يعتبران من أفضل الثنائي الهجومي حاليا.
الأيام كفيلة بكشف كل الأمور وباريس سان جيرمان يبدو عازما على صب جهوده لانتزاع لقب هو الأحب إلى كل الأوروبيين في المسابقة الأقوى والأعرق في القارة العجوز.

سامر الحلبي

سامر الحلبي

صحافي لبناني يختص بالشأن الرياضي. عمل في العديد من الصحف والقنوات اللبنانية والعربية وفي موقع "الجزيرة الرياضية" في قطر، ومسؤولاً للقسم الرياضي في جريدتي "الصوت" و"الصباح" الكويتيتين، ومراسلاً لمجلة "دون بالون" الإسبانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى